الأربعاء، 2 مايو 2012

زيارة مقبولة

افاقت المدينة على هدوء لم تشهد له مثيلا منذ مدة طويلة ، افاقت هذه المدينة المنكوبة على حلة جديدة وكأن شيئا لم يكن . افاقت لتنفض عنها غبار الحرب والدمار والخوف ولتلبس ثوب الحياة ولتتفتح زهورها ورياحينها .
دبت الحياة بكل احيائها ما ان لامست خيوط الشمس شوارعها وازقتها ، وعلت صرخات الباعة واصحاب البسطات وتهافت الناس الى اعمالهم بعد رشفة شاي او فنجان قهوة وبعد كلمات الصباح وتمنيات النجاح بيوم جميل وهادئ . اختفت المظاهر المسلحة وغاب الجنود عن الانظار ، واقفلت الدبابات والاليات العسكرية عائدة الى ثكناتها ، لا حرائق ولا بيوت مهدمة ، كل شيء طبيعي ولا يخرق هذا الهدوء الا بعض المراقبين الدوليين يطلبون بل يترجون احدا ان يطلق ولو بضع طلقات حتى لا يفقدوا وظائفهم . نعم لقد اصبح الوقت متأخرا بعض الشيء فعودوا الى بلادكم لقد انتهى كل شيء واخبروا من ارسلكم باننا انتهينا وعدنا الى رشدنا وعقلنا ولا حاجة لنا بكم ولا بمساعدتكم ولا بمراقبتكم لوقف اطلاق النار لان لا نارا بعد الآن .
فوجئت واكاد لا اصدق ما ترى عيناي ، اهو حلم ام سراب ؟ اهي نكتة من نكات اهل حمص ( مع احترامي لكل اهلنا هناك ) ؟ ام هي حقيقة فعلا ؟ استوقفت احد المارة وقلت له : بالله عليك ماذا يجري في حمص ؟ فرد مستغربا ،الم تسمع يا هذا ؟ ان السيد وئام وهاب في مدينتنا في حمص يتجول ويتفقد  والله انعم علينا بهذه الزيارة بوقت نحن بأمس الحاجة اليها .
مبروك عليكم يا اهل حمص ، مبروك عليكم يا ثوار حمص على هذه الزيارة التي اعتقتكم من نير النظام وعلاته ، مبروك عليكم يا ثوار حمص على هذه الزيارة التي جعلت النظام يعيد التفكير مرة بعد مرة قبل ان يقدم على نحر شعبه  وتشريده. مبروك عليكم ايها الموالون للنظام على هذه الزيارة التي اجبرت الثوار على التراجع والانكفاء ، مبروك عليكم هذه الزيارة التي اعادت ترتيب البيت السوري وخاصة في حمص . مبروك عليكم ايها الشعب السوري على هذه الزيارة المُنزلة المُباركة . مبروك عليكم هذا العيد الوطني ، فعيدوه قبل ان تفقدوه لان الاعمار بيد الله ، والله يطول بعمر الاستاذ وئام وهاب ليستمر في حقن الدماء .
لم اتفاجأ ابدا بزيارة السيد وهاب الى سوريا ، فقد عودنا على زياراته المتكررة اليها واصبحنا نحتفل به لدى وجوده عندنا في لبنان . لقد عودنا على زيارة دمشق ولقاء الرئيس وكبار المسؤولين لتقديم واجب الولاء والطاعة ، كذلك عودنا بين الحين والآخر على زيارة جبل الدروز والسعي لدى رجال الدين والوجهاء لحثهم على تأييد النظام ، ولكن الذي فاجأني هو زيارته لمدينة حمص المحترقة . ترى الى اين ذهب ؟ وبمن التقى ؟ وما الهدف من هذه الزيارة ؟ كلها أسئلة برسم الرد من قبله تجاه مناصريه على الاقل اولا ،هل الهدف هو الشد على ايدي الصامدين من البعثيين فيها ؟ ام شد ازر جيش النظام الذي بدأ يتهاوى شيئا فشيئا ؟ترى هل تجول السيد وهاب بشوارع حمص والتقى الناس المشردين المعدومين ؟ ام انه التقى وجهاء النظام القابعين نحت حماية الشبيحة والاشقاء؟ واني اسأل السيد وهاب :هل تناول طعام الغداء الى مائدة المحافظ ؟ ام الحاكم العسكري ؟ ام الحاكم البعثي في حين ان جياع المدينة من اطفال ونساء يجوبون الشوارع علهم يجدون من يعطيهم فرصة تناول الطعام كبقية اطفال العالم ؟
هنيئا للنظام وازلامه ، وهنيئا للثورة السورية والكل يغني على ليلاه وليكثر السيد وهاب من زيارته وتجواله في المدن السورية ، فكل جمع بحاجة الى الحقنة التي تناسبه .
اخي القارئ
اني اتوجه بكل احترام الى الاستاذ وئام وهاب لأسأله :لماذا ذهبت الى حمص ؟واتمنى ان يجيبني احد المطلعين على اسرار سياسته رأفة بمناصريه ومحازبيه ، عليه فعلا ان يجيب وان يشرح لهم الاسباب التي دفعته الى هذه الزيارة المشبوهة . اذا كان من الواجب زيارة الشقيقة فاعتقد ان هناك عدة اماكن يمكن زيارتها ضمن الاطر السياسية والحزبية وتنسيق العلاقات بين الدول .  واريد ان الفت نظر الاستاذ وهاب بان في لبنان امكنة بحاجة الى زيارات اكثر من اي مكان في العالم .
لماذا يا حضرة الوزير السابق لم تزر القاع ووادي خالد والحدود الشمالية لترى بأم العين معاناة الشعب السوري النازح ومعاناة الشعب اللبناني الفاتح له قلبه وداره. لماذا لم تزر حاصيبا مثلا او القليعة او بنت جبيل لتقف عن قرب على حقيقة معاناة الناس هناك من غياب الدولة الحقيقية ، ولتقف عن كثب على معاناة اهل الجنوب بعد تشريد الالاف من ابنائهم الى اسرائيل والخارج ؟ ام انها "وقفت عليهم " ؟
لماذا لم تزر المناطق التي يجتاحها الاستيطان الشيعي الجديد ، في الجبل وجبيل وكسروان والجنوب  ( واقصد الهجمة الشيعية المبرمجة لشراء الاراضي التي يقودها حزب الله بدعم من ايران ، ولا اقصد الطائفة الشيعية الكريمة ككل )، لتقف على التغيير " الكياني" الذي سيحل بلبنان عامة .
لماذا لم تزر المناطق التي يجتاحها التطرف السني الجديد بدءا من مدينة صيدا مرورا بالعرقوب حتى الشمال وطرابلس ، لترى ايضا ان النار عندنا تطلب اكثر من دولة واكثر من نظام .
لماذا لم تزر المناطق المسيحية المهددة بالاقتلاع الفعلي ، وبوجودها " قيد الدرس" في كافة الاراضي اللبنانية .
حضرة الاستاذ وهاب
لك الحق بالزيارة التي تريدها ، ولك الحق بالمكان الذي ترتئيه ، ولك الحق بمن تريد او تطلب مقابلته ، وهذا ما تضمنه لك الحرية اللبنانية التي تحاولون انتم ومن معكم ان تقتلوها ، ولكنك لا تملك حق اذلال الانسان اللبناني وخداعه، ولا تملك حق التكلم باسم فئة من الشعب اعطتك ثقتها ، لا لتزرعها في دمشق وطهران ، بل لتزرعها بالمكان الذي يمكنهم الحصاد فيه ،  والذي يمكنك رؤيتهم فيه يزدهرون وينعمون .ازرع في لبنان ، ازرع في الوطن في شماله وجنوبه ، في سهله وجبله . ازرع في لبنانيته وليس في عروبته ، ازرع في امته وليس في قوميته ، ازرع في توحيد ابنائه لا في تفرقتهم ، يا ابن التوحيد .
كنت اتمنى لو عدت من الشام وبصحبتك بعضا من السجناء اللبنانيين المعذبين .
كنت اتمنى لو عدت من الشام وتحت ابطك بعض خرائط ترسيم الحدود ولو لبضعة امتار.
كنت اتمنى ان تعود ومعك تفسيرا عن مصير شبلي العيسمي ، وعن التحقيق في مقتل مصور تلفزيون الجديد وعن اطلاق النار على القرى اللبنانية والسكان العزل ، وعن انتهاك حرمة الاراضي اللبنانية.
كنت اتمنى ان تعود مقتنعا لتقول لأصدقائك : ما النا الا لبنان يا اخوان .
كنت اتمنى منك الكثير والكثير ، وربما في بالوقت مهلة وعلى كل حال الحمد لله على عودتك سالما ، وانشاء الله تكون " زيارة مقبولة " .

هناك تعليقان (2):

  1. ايها الكاتب المحترم !ان الاستاذ وئام ذهب الى الشام ليتفقد اوضاع حاصبيا,وزار حمص لان اهل حمص يمطرون البقاع ووادي خالد بالمدفعية الثقيلة.ان ما يفعلة وهاب هو حص الاوضاع قبل ان يصل الى الضياع.ذهب ليلقي النظرة الاخيرة على شهداء حمص ويودع معلميه الوداع الاخير.وماذا بعد هذه الزيارة يا ترى؟ هل سيذهب وهاب الى اغلى الاحباب السيد حسن الجذاب؟

    ردحذف
    الردود
    1. اخي القارىء
      آمل ان يعي المسؤولون عندنا ان لبنان بحاجة لأكثر من سياسي جيد واكثر من مفكر حكيم واكثر من غني كريم . لبنان بحاجة الى مواطن حر وسياسي صادق

      حذف