الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

بالرغم من كل شي

ولدته امه بخلاف الطبيعة وربته تربية الشبل بالعرين ، شبّ على العنفوان والفخر ولامس الغرور في التوجه والمخاطبة ، لبس شخصية الأنا وتنكر لكل آخر فالمرتبة لا تحتمل الكثرة والاختصار واجب في زمن كثرت فيه الزعامات وتنوعت تنوع طرابيش الرؤوس ومسابح الأيادي .
يُحكى أن أحد هذه الرجالات الفذة كان بسفرة راجلة بين القرى بصحبة زوجته الجميلة يتمتعان بجمال الطبيعة ويستمتعان بما وهبه الله وأنعم ،غير عابئين بحلول الليل وما يجلبه من خوف بسبب قلة الأمن وسوء التدابير لضمان حياة آمنة هادئة ،وهكذا استمر صاحبنا بنزهته رغم كل ذلك الى أن فاجأه أحد النافذين صارخا به وشاتما ولاعنا  هذا التجوال المشكوك بأمره متهما اياه بكل ما أوتي من نعوت وصفات من العمالة الى الخيانة الى السرقة والتآمر والتخابر، وحيك المؤامرات وصولا الى الإرهاب والانتماء الى كافة تنظيمات الأرض ناشرة الفساد والعبث بأرواح البشر ،مستفسرا عن سبب هذا التجول وعن التصريح الذي بحوزته وما هي السلطة التي خولته بهذا التنقل وبدأ بالتحقيق معه تارة والتكلم عبر الجهاز تارة أخرى، وبعد كل ذلك قال له: أسمع يا هذا أني أريد أن أحتجز امرأتك ريثما يتم التحقيق معها وهناك بعض المعطيات السلبية والشكوك التي من شأنها أن نأخذ الأمر بجدية .أيقن صاحبنا أن في الأمر حلقة مفقودة  وأن الامر متجه نحو الاسوأ وخاف كثيرا وبدأت ترتعد فرائصه ملتمسا الرحمة والرأفة من هذا الرجل .قبل صاحبنا بقصة التحقيق مع زوجته ودعاها الى الشجاعة والصبر وأن كل شيء سيكون على ما يرام  في الوقت الذي كانت هي على أشدها ذعرا وتعجبا من موقف زوجها الذي ان لُخص بعبارة (ان زاحت عن ضهري بسيطة) .
حاول الرجل أن يثني قاطع الطريق (الحاكم) عن فعلته ولكنه فشل بإقناعه، وسرعان ما أذعن للأمر ورضخ بعد أن هدده بالويل وعظائم الامور أن هو تمادى في الاقتراب ووضع له خطا على التراب وقال: ايّاك ان تتجاوز هذا الخط ، فأن فعلت ستندم كثيرا وابتعد قليلا مع زوجة الرجل وقبلها أكثر من قبلة (في سياق التحقيق)  وأخذ وقته معها بكل هدوء وراحة وبعد ذلك انصرف .
صرخت الزوجة بوجه زوجها متهمة أيّاه بالخوف والجبن وأنه ليس يرجل ذي كرامة وشهامة وقالت :
 كيف يُعقل ان تتركني مع هذا الرجل وأنت لم تحرك ساكنا؟
 كيف لك أن تنفذ أوامره دون أي اعتراض؟
كيف لك أن تتهاون بشرفك ؟
 أين رجوليتك ؟
أين عنفوانك؟
أين كرامتك؟
 وقفتَ صامتا ساكتا منحني الرأس ونفذت كل أوامره ألا تخجل ؟
صرخ بها قائلا: اسمعي أتظنّين بأني خائف ونفذت تعليماته بدقة؟ غلطانة حبيبتي أنا لا أؤكل بسرعة ولا بهذه الطريقة، لقد تخطيت الخط الذي وضعه عدة مرات ولم يراني، أنا لم أنفذ ما أراد بالرغم من كل شروطه بالرغم من كل شيء أنا رجل والرجال دوني رجولة ومروءة.
غادرت وهي حزينة مكسورة الخاطر منحنية الرأس طالبة الخلاص ولو بالموت.
اخي القارئ
بالرغم من كل شي
جملة تطالعنا بها محطة تلفزيون الMTV  قبل كل نشرة مسائية وذلك لبث روح الشجاعة لدى اللبنانيين، جملة فيها من الاستسلام والتسليم أكثر ما فيها من تحدٍ وإقدام وكأننا ننعي المواطن قبل مماته ،وكأننا نعلمه أن فرص نجاحه في الخارج مضمونة أكثر بكثير من بقائه بالوطن مع العلم أن الغالبية العظمى من المتفوقين بالرغم من كل شي تفوقوا خارج لبنان .
اخي القارئ
انتهت معركة عرسال (الفيلم) وانتهت معها الدولة بكامل مقوماتها ومواصفاتها ، فرض حزب الله رأيه ومشورته وقدم نفسه المنقذ من الارهاب في الداخل وفي الخارج ناهيك عن منقذ لبنان من اسرائيل وبالتالي من العرب المتصهينين ومن كل من يجرؤ على المساس بأمن هذا الوطن ، نعم انتهت المعركة لتبدأ معها معركة أخرى وهي السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة وإنهاء كل ما يمنع الفقيه عن ولايته .
نعم بالرغم من كل شي
بالرغم من سيطرة الحزب على الدولة ، فقد تمردنا وعبرنا الخط وأقمنا مهرجان الارز الدولي وغنينا للأرزة وللخلود رغم أنف الرافضين .
بالرغم من مصادرة القرار الوطني ، فقد تمردنا وعبرنا الخط وزدنا التمرد بإقامة المزيد من المهرجانات والحفلات والمسيرات .
بالرغم من نزع قرار الحرب والسلم من يد الدولة فقد تمردنا وعبرنا الخط وتحالفنا وأنتجنا رئيسا للجمهورية مسيحيا أصيلا ورئيسا للحكومة سنيا أصيلا وأبقينا على رئيس المجلس النيابي شيعيا أصيلا وبدأت اللعبة الديمقراطية بأن نلعب ضمن الخط ولا نتخطاه أبدا والا !!!!
بالرغم من كل شي
نقبل كل شي وذلك من أجل شيء نجهله أو لا نريد أن نعرفه،
ما لا أريد أن أعرفه هو اندفاع رئيس الحكومة بالدفاع عن الحزب كلما أُمر بذلك من واشنطن الى الرياض مرورا بالكويت والمنامة وباريس وغيرها .
ما لا أريد أن أعرفه هو انجازات هذا العهد الميمون منذ استلام العماد عون مقاليد السلطة باستثناء تضحيات فتى التيار الأغر جبران .
ما لا أريد أن أعرفه هو كيف أن تقاسم السلطة والمغانم يمر دون استجواب ولا عناء المساءلة والطرح والاستفسار.
ما لا أريد أن أعرفه هو كيف لنا أن نعلم الحريري بأن بعد زيارته الأولى لواشنطن نُكب وخرج مستقيلا ، وزيارته الثانية نُكب وخرج متسولا ، وبالرغم من كل شي لا يزال دولته مناضلا مكافحا متمسكا بحكومة أقل ما يُقال فيها (خيال صحرا).
لا أريد المعرفة لأنني لا أريد أن يوضع لي خطا،
فتبا لكم على هذا التخاذل الساقط
ألم يحن الوقت لأن يتأهل الشعب اللبناني من جديد ويتجول برفقة الشريك دون تصريح أو اذن أو خوف من خطوط حمراء وصفراء ؟