الأربعاء، 5 يونيو 2013

الرسالة الحادية عشرة


                                           اللقاء

اغمض عيني لكي اراك وافتحها على امل ان القاك ،فكم من لقاء اشد وطأة من فراق ، وكم من سعيد في الاسر راضيا وكم من طليق تعيس انهكه الشقاء . يا بني ،، تطول المسافات على شوق العيون وتقصر عند التفاؤل والامل ، وتنضب الدقائق في لقاء تنجرف فيه الدموع وتيأس امام الواقع الاليم الذي اشبع الخيال حقيقة ، ولكن تبقى الارادة بعد ان تُسدل الستارة وتنحني جوقة الآخ والآه والعتب ، ويستيقظ العقل على الحكمة واليقظة .

لقد ارتطم خيالي بفكرة ادمت مخيلتي ، فعجز لساني عن الافصاح فأوكلت المهمة الى قلمي علّه ينفس احتقاني ويثأر لي .

تبّا لخطوط الطول والعرض وتبّا للمقلب الآخر ،فوالله افضل الوقوف مدى الحياة ولا الراحة على وسادة لا اعرف متى يتطاير ريشها .

تبّا للوجه الآخر ، فقبح ما اراه افضل بكثير من جمال ما تعطيه عدسة لاصقة او شاشة مبهرة .

تبّا لعصر السرعة والتواصل، فركوب الحذاء أأمن وانفع بكثير من ركوب بساط الريح.

حملتُ رجلاي او حملتني ،، لا فرق في ذلك ، وصعدتُ الدرج او ربما انزلق ناحيتي ، ودخلتُ من فوهة القفل لا بسبب الضعف بل من رقة الشعور والاحساس ، دخلت من ثقب العولمة الى فناء القيم ، وطرحت الصباح ،، وقلت صباح الخير ، لأنني من الشرق ومن مكان الشروق العظيم فالواجب يفرض احترام الشمس في طرح صباحها بصباح الخير كل صباح .

احلق عاليا لأدخل قصرك المحكم الاغلاق والموصد بأقفال القانون اليابس الناشف الاعمى والجاهل .

احلق عاليا لأنقل اليك عطر الشرق واشعة الشرق الدافئة ،واحمل اليك عبق وعبير الشوق المشبع بالحنين والحق والعدالة والرأفة .

احلق عاليا ، وانا اخاف التحليق لأني لا اجيد الهبوط ، فأنا مدمن المطبات الارضية وغدرات الزمان المفاجئة ، فكيف لي بكوارث اعالي الهواء واقاصي الفضاء ،،،

ها أنذا امامك بكل ما فيّ وبكل ما حصلت عليه بعد سنوات التعب والارهاق ،ها انا امامك لأضع قبلة على خدك واقول لك : قم ْ واجتزْ هذه الحواجز ، فأنا بانتظارك وكل افراد عائلتك واحبائك وكلنا امل بنهاية قريبة ومرضية .

يا بني

لا قيد لحرية طالما صاحبها حر بقرارة نفسه ، ولا مرارة من الذنب طالما اعترف صاحبه به وقبل نتيجته وتاب واستغفر ، ولا فرح من الانطلاق اذا لم يسبقه توقف وحجز وقيد . توقف ، وتأمل ، وقرر ، وانطلق في حلة جديدة ولباس جديد وامل آخر ، وانزع عنك تلك الذكريات البالية الرثة وقل : ها انا ابن اليوم والساعة ابن الحدث والدرس والقصة .