الأربعاء، 27 مايو 2015

زتّو حتى يوقف


 

تضطرب الاحوال وتشتد الازمات وينهمك الناس في تدبير سبل الحياة ، وتنصب جلّ الامكانيات للتخفيف من وطأة الشر الذي اصاب او الشر الذي سيصيب ، وتعلوا اصوات التحكم ورباطة الجأش وتخفت بالنهاية كل ضوضاء وضجة وانفعال عندما يقف سيد او امير او شيخ او راهب او علامة او سايس او داعية ويطلق معادلة لا تمس بصلة الى الرياضيات ولا الكيمياء ولا الفيزياء ولا حتى الاجتماعيات والتربية ، معادلة من صنع صانع لا عيب فيه ولا تقصير ولا تشوبها شائبة لا من النص ولا المعنى ولا الشرح ولا التفسير ، معادلة يطلقها من سنها وينفذها من لا يفهمها ، فالفهم عيب والسؤال عنها وقاحة ، والحوار فيها خيانة انها الفهم المستحيل والقرار البديل .

اخي القارئ

لا شك ان اللبناني ابدع في صياغة المعادلات واجتهد في التحليل والدرس حتى باتت كل كلمة عربية عنده لها معناها الخاص ولها توجهها الخاص ولها دلالتها الخاصة في الدين والسياسة والامن والحرب والسلم ، واصبح عنده الموقف مادة حوار لا تنتهي والتصريح موضوع انشاء يبنى عليه الممنوع من الصرف ، وتُشكل الاحرف وفق المنهاج الخارجي والاسلوب الدخيل .

لا احسدكم ايها اللبنانيّون على ما انتم عليه ، ولا اهنئكم على ما وصلتم اليه ، فانتم لا زلتم الصندوق الذي يتسع لكل شيء ولا يصلح لشيء ، فسد صالحكم ونزّه مفسدكم وانتم على انقاض انفسكم تدوسون ودياركم ملعب الضالين والكفرة. عدلتم فيما بينكم بمعادلة كفاركم وكفرتم بنزاهة صلاّحكم ، فو الله آمنا بيوم حساب واحد ولكنكم تحتاجون لسنين حساب وعقود ثواب ، ولجهنّمات علّها تتسع اجيالكم .

اخي اللبناني

حبذا لو تستطيع ان تشرح لي وللقارئ العزيز من انت واين انت وسط معادلات زعمائك وساستك واسيادك:

قوة لبنان في ضعفه، معادلة اطلقها ساسة الجمهورية الاولى على اطلال هزائم العرب المتلاحقة ، معادلة جعلت من اللبناني مدعسا لأقدام من هو اكثر ضعفا منه واقل شأنا . صدّق المسكين المقولة الفذة واطلق الثقة العمياء في الضعف الى ان افاق على دولة المخيمات وصدقات الريالات ، فانقلب الضعف الى طيش والطيش الى غرور ، والغرور الى مأساة ضاقت بها الحُجَرُ والقبور .

وحدة المسار والمصير ، معادلة اطلقها عملاء الاحتلال السوري جعلت من اللبناني العوبة بل اضحوكة بيد ماسح الاحذية الذي امعن بصقل وتلميع الحذاء ليليق بشفاه اللبناني ، من اجل ماذا ؟ من اجل مقعد او جاه او سلطة ؟ او من اجل القضية الفلسطينية التي لا شأن لك فيها بعد ان تخلى عنها اصحابها ؟ او من اجل نظام البعث الذي لا يُبعث الا من الجماجم والجثث والقهر والابتزاز والتسلط؟

تدبُّ خلف زعمائك على الاربعة ولا يُسمح لك بالوقوف الا للتصفيق ،وانت تنام على" السبع خرزات " ، ماذا فعلت ؟ لا شيء تولول هنا قليلا وتصرخ هناك قليلا وفي النهاية تنجرّ الى صندوق الاقتراع وتبصم سواء كنت مثقفا او اميا ، فالبصمة دليل حضارة ورقي عند اسياد عنجر . لم نسمع كلمة ادانة واحدة ، ولم نرَ مسيرة واحدة او مظاهرة صغيرة ضد رموز النظام القمعي اصحاب رؤية المسار والمصير، ولم تحرك ساكنا ولو اعلاميا ضد السيء الذكر الرئيس السابق اميل لحود وعصابته وعلى رأسهم المدعو عدنان عضوم وآخرهم من وقع بقدرة الهية ميشال سماحة . لم تفعل شيئا ولن تفعل شيئا لأنك شيء من لا شيء.

وسقطت معادلة المسار والمصير ، عُكست المسارات حسب المصالح والاهواء وانتهى المصير الى فوضى الحرب الاهلية السورية والى نشوة السلطة والهيمنة الحزبية اللبنانية ، وانت ايها المواطن كنت الطعم وما زلت يحركك هذا ويقلبك ذاك مع الم الضهر وتوعك الخاصرة .

وها نحن امام معادلة المقاومة والشعب والجيش ، اطلقتها ابواق الهيمنة والتسلط من حزب الله  والنظام الامني السوري اللبناني ، معادلة جندت لها كل موارد الدولة التابعة والملحقة ، ولفق لها كل شيء وسُخر لها كل مورد وبيعت الهويات والجنسيات وتخطى الامر كل محظور وسمح الممنوع ومنع الحق .اذلال وخنوع ، طاعة عمياء وولاء صامت ومن يسأل ليس الا خائن يحلل لكل من يحب الحرام على حساب الحلال الآتي من السماء . وايضا صدّقتَ المقولة وتلحفتَ عباءة الاسياد والعلاّمات وحملت اكثر من السلاح ، حملت الفكر المتطرف وحملت التمييز في المواطنة والتراتبية الفئوية فتربع عليك ومدّ قوائمه ليحيطك جهلا فوق جهل وليمعن في طعن ثقتك بباقي وطنك فاذ بك امام خيارين لا ثالث لهما : اما الموالاة او السكوت ، وافقت على نظام اشد قمعا من نظام الهيمنة السورية ولو انه امتداد له والفارق هو ان هذا النظام الجديد بالإضافة الى جذوره السابقة فقد اضيفت اليه النكهة العجمية الاصيلة وكيف لا واللبناني يحب العجمي الاصيل؟ افقت في السابع من ايار على معادلة جديدة اما نحن او لا احد ، وضرب عرض الحائط بكل حق ومنطق واصبح السلاح زينة الشيعة والملحق مجرد "كمالة عدد" . انتهت المعادلة مع انتهاء الشعب وذواب الجيش في الولاء المتشرد والوصايا الآتية واختصرت الكلمات لتصبح " المقاومة" ضد كل من يجرؤ على القول لا . وانت ايها اللبناني يا بقايا هيكل فينيقي انتشله غطاس صدفة ، اوا ليس الاجدر بك ان تعود الى حيث انت ؟

اخي القارئ

اخطر معادلة يشهدها لبنان حاليا هي معادلة التمييز الطائفي والطبقية المذهبية ، اي ان المعادلة المذكورة اعطت التمييز للشيعي على غيره من المواطنين اللبنانيين ، هذا بالطبع الشيعي الموالي لحزب الله مع مراقبة شيعيّ حركة امل على انهم غير منضبطين ، وبالتالي ان الباقي لا يشكل الا ملحقا رقميا وغطاء مذهبيا من الطرف الآخر لحزب الله وهو التيار الوطني وبالأخص زعيمه العماد ميشال عون . معادلة اعطني الغطاء وخذ الدعم وسوف يبقى العماد على هذا الدعم حتى النهاية ، دعم فقط دون نتيجة تذكر وهذه هي اللعبة البقاء في المستنقع مع كامل مقومات العيش فيه. من جهة ثانية نرى مظاهر هذه المعادلة في الخطاب الشيعي سواء من النواب او الوزراء او المشايخ والائمة والاسياد ناهيك عن غطرسة الصحافيين الموالين للحزب ونظرتهم للآخرين على انهم جهلة ناطقون ، مظاهر التمييز بين الطلاب والاساتذة والموظفين والعمال حتى ما بين سائقي التاكسي واصحاب المولدات والمرامل والمشاحر ، اذا انت شيعي اذا انت مميز ، ويحق لك ما لا يحق لغيرك وهذا هو الخطر الحقيقي القادم عاجلا ام آجلا ، هذا الخطر الذي سينهي كل شيء اسمه مواطن ووطن .

ربما لا يكفينا العداء بيننا وبين الشعب السوري منذ عهد الوصاية حتى يأتينا عداء من نوع آخر عداء طائفي ومذهبي تجاوز البحر الى البحرين ، ربما لا يكفينا ما نحن فيه من مشاكل طائفية ومذهبية حتى تأتينا جحافل التكفير والاصولية المقيتة ، ربما لا يكفينا ما نحن فيه حتى نصدّر ما نبرع فيه ونتخطى الجغرافيا القريبة الى ما بعد الربع الخالي ، فتواصلنا عبر حدود القداسة من الست زينب والدفاع عن العتبات الى الدفاع عن عبدالله صالح ومصالح قريبنا وصديقنا الحوثي ولاحقا من نجده من الشيعة الكرام في مختلف بقاع العالم ، نعم لقد تخطينا الام تيريزا في مد يد الرحمة والمساعدة وكل ذلك باسم الإله المترجل من سمائه في قم وكربلاء ، وضد الوالي المتأله في الخلافة الاسلامية في الرقة والانبار.

 اين انت ايها اللبناني بعد هذه المعادلات المذلّة والسقوط المخزي ؟

قسم يشتكي ويقرأ الفاتحة على قبر الشهيد رفيق الحريري ،

قسم هاجر وغاب خلف البحار يهدد ويصرخ ويعد بالويل وكل الويل

قسم يئنّ تحت نير الاهمال والفساد والسرقة والاحتيال

قسم يتظاهر مؤيدا لهذا وقسم ضد ذاك والاثنان لا يعلمان ما يفعلان

قسم يتفرج " مين ما اخذ امي صار عمي"

والمعادلة تفرض قسما آخرا مسلحا متمكنا مسيطرا متسلطا  يفرض ما يريد ويعمل ما يشاء حسب التعليمات والاوامر ، في الداخل كما في الخارج لا حاجة الى جواز سفر للعبور ولا فيزا للدخول ولا اذنا للعودة .

ايها اللبناني

ما حصل عليه الحزب لا يمكن ان يؤخذ منه بالطلب والكلام والحوار ، الحزب لا يعطي ما لا يملكه فالقرار بعيد جدا بين يدي الفقيه والولي الامين ، فالمعادلة بسيطة جدا : لماذا يعطي الحزب ولمن ؟ ما الاسباب الموجبة للعطاء ومن افضل من الحزب للبقاء على رأس هذه المزرعة؟ وما هو المقابل طالما لديه كل شيء؟

نعم هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه اللبناني الحقيقي والى ان يعي ويفيق من هذه الغيبوبة علينا الانتظار والايمان بمعجزات القدر .

لنتذكر المقولة المشهورة عن اللبناني :

"كيف ما تزتو بيجي واقف " واقول له :

ماذا تريد بعد لتقف ؟.