الثلاثاء، 11 يوليو 2017

عندما تحكم الصعاليك

قرية صغيرة معلقة فوق أحراج الصنوبر تتمايل مع نسيمات المساء الناعمة ، تتأرجح ما بين القمم منشدة أنشودة الزغاليل الدافئة . قرية أنعم الله عليها بهواء وماء ، بإطلالة السرور  وبهجة العبور ، قرية جمعت العيش السرمدي والتآخي الأبدي ،أنها النموذج الذي لا يُقلد ولا يُنسخ ولا يُعار .
يُحكى أن سوء تفاهم حصل وعكر صفو الهدوء ونعمة السكينة ، وفشلت كل المحاولات لسد هذه الثغرة العابرة وتحلّق أكثر من مُلمّ ودار وحكيم ولكن الأمور انزلقت والناس لم تكن مستعدة لهذا الانزلاق الذي اجتاح بطريقه كل من حاول التهدئة ولم الخواطر .
ضاق صدر الصبر ويئس الأمل وانحنت المحاولات فاشلة مستسلمة ، ودبّ الذعر معلنا حكم الفوضى وذهبت العائلات مسرعة الى تشريع التباعد والتنافر ، وهكذا تقوقعت أفكار المصلحين وانتهت الحال الى عسر عيش وقلق بال .كان لا بد من التفتيش عن حل ولا بد من العثور على من يمسك دفة الامور ويحافظ على ما لم يستطع الاخرون المحافظة عليه وبالتالي القبول والرضوخ لمنطق لا يشبه المنطق أبدا .
اذا وعلى غرار عائلات المافيا استلم القيادة أشخاص من صنع العائلات نفسها ومن نسج أفكار من آمن أنه يستطيع الخروج من هذا المأزق بتنصيب زعامة جديدة ترد على انتهاكات الاخرين وهكذا نبتت زعامات من أكوام اليأس والامل الاسود وباشرت العمل على لم شمل السواعد الفتية التي تخدم المصلحة الجديدة .
اخي القارئ
جولة بين عائلات لبنان السياسية ولمحة سريعة لمكونات الاحزاب المختلفة نجد أن حالتها تشبه كثيرا حالة تلك العائلات المسكينة التي نصّبت أجراءً لقيادتها وللدفاع عنها أو بالأحرى صعاليكاً زُرِعوا ليصبحوا رجالا بعد ما قلت الرجال ونضب نبعها .نعم كنا مع أبو علي واحد واصبحنا نرى (أبو علي) في كل ساعة وفي كل يوم ، في كل حادثة وعند كل واقعة ، أبوات في شراكة تخطت الانكشارية وتجاوزت أثقال الحوّالة ، واللبناني يغرد عند كل مغيب ويصدح بعد الكأس الثالثة ويتذكر ست الكل " ولا قصّر في الاعمار طول السهر" . نعم يسهر اللبناني للمحافظة على صعلوك خلقه بنفسه، ويسهر الصعلوك بدوره ليفحص وليتأكد أن هذا اللبناني ساهر حقا على المصلحة العامة.
صديقي القارئ
وزراء ونواب ضاقت بهم الشاشات وامتلأت بهم المنابر وحطموا الارقام بالكذب والخداع ولا يزالون في السباق آملين بأرقام أخرى لا لتحطيمها بل لحفظها لليوم العسير، وهذا اللبناني المحطم ينام على أرقام ويصحى على أورام . مسكين هذا الشيء الذي يحمل بطاقة ، فكم من أهانة وكم من مجازفة وكم من عار وكم من خجل ، أرفع صوتي فبالكاد أسمعه والحرام كل الحرام في رفع الصوت فالأذن لا تتحمل أكثر من صوت ، والوطن لا يحكم ألا بالسوط ، تلاقت الكلمات وتضاربت النتائج فهنيئا بعودة عهد المماليك وممالك الصعاليك .
مسكين أنت أيها الشعب العنيد ، عاندت الطائفية فعانقت المذهبية ، عشقت التعددية فدست على الحرية ، آمنت بالعيش المشترك فوقعت بالشرك ، ولم تزل تصدح  وتترنح بليل طويل وتستمر ست الكل : وكم توالى الليل ......ما يعجبني فيك هو أنك مستمع جيد وطالب مطيع تجلس بالصف وتستمع بكل صمت وسكون كي لا تفوتك كلمة أو يفلت منك حرف وفجأة تنتبه أن عليك التصفيق لا لعظمة المقال بل لصون الحال ، وتندم ..... وتندم لأن التصفيق علامة الرضا والقبول وانت!!! غير راضٍ ولا بقابل ولأن صوتك متروك لحاجة أهم وأعظم فتكتفي بالتمتمة والهمس والإشارة الخضراء ليقطع القطوع على خير ، واللهم اجعلنا من أهل الخير.
اخي القارئ
ما يدهشني بهذا الذي يحمل بطاقة أنه يصدق نفسه اولا بأنه صاحب الحق بإبرازها واخفائها ، ويصدق أيضا أن ما كتب فيها هو الصحيح بالرغم من معرفته أن أسمه ليس كالمطبوع فيها ولكن : أن قال الصعلوك أن اسمك هكذا فهذا يعني ال هكذا  وهكذا يطالعنا أحدهم بمشروع عجيب غريب ولا يمت حتى بصلة الى مشاريع الصعاليك فنتدافع للتأييد بيد من حديد ونستمر،، ونستمر ونتابع والصعلوك تراجع ونحن نستمر لا لقناعة بل لأن الكلمة لم تصلنا بعد وسوء الاتصال له عواقب وخيمة ونتابع مع طرب الليل: وامشِ الهوينة .....ونعود وكأن شيئا لم يكن ، ونعود الى البيت مع قطرات الصباح الباردة : فما أطال النوم عمرا ....رحم الله ام كلثوم .