الخميس، 20 ديسمبر 2012

من اسئلة القراء (سؤال رقم 3)

ارحب ترحيبا حارا بالصديق ايوب واهلا بك متابعا ومشاركا
هل من الممكن عودة الجيش الجنوبي الى الساحة اللبنانية او الجنوبية عسكريا او سياسيا ؟
اخي السائل
قبل الاجابة على هذا السؤال لا بد من الرجوع الى الماضي لدراسة الحالة التي كانت قائمة ( سياسية – امنية – اقتصادية ) والتي ادت الى قيام الميليشيا ولاحقا جيش لبنان الحر وصولا الى الجيش الجنوبي. اذا امعنا النظر جيدا وحاولنا المقارنة ما بين عام 1969 وما تلاه وعام 2000 وما تلاه ، نرى وجه الشبه المتقارب جدا ، ويمكن ان نختصر قدر الامكان بالتالي :
اولا : عام 1969 كان عام اتفاق القاهرة وسيطرة منظمة التحرير الفلسطينية على الجنوب اللبناني ، يقابله تنفيذ القرار 425 واتفاق الخط الازرق وسيطرة حزب الله على الجنوب .
ثانيا :عام 1969 كانت سيطرة الاقطاع الشيعي المتمثل بآل "الاسعد" ، ونرى اليوم السيطرة الشيعية المتمثلة بحزب الله وحركة امل .
ثالثا : عام 1969 وما تلاه ، شهد غياب الدولة ودورها الفاعل على الساحة الجنوبية لصالح المنظمات الفلسطينية ، يقابله في عام 2000 وما تلاه غياب للدولة ايضا ودورها الفاعل لصالح حزب الله .
رابعا : تذمر المواطن الجنوبي بسبب اهمال الدولة له ، هو نفس تذمره الان من اهمال الدولة له وتركه لقمة في فم حزب الله واعوانه .
اذا عزيزي السائل ، وبعد هذا الايجاز السريع نرى ان الوضع بقي كما هو باستثناء التغيير بطريقة الاستبداد والقهر بين منظمة التحرير وحزب الله . واذا توسعنا قليلا في الشرح والتفصيل ندرك فعلا سقوط لبنان كله تحت سيطرة حزب الله بعد عام 2000 وليس الجنوب فقط ، وهذه هي نفس المعادلة التي كان يسعى اليها ياسر عرفات للسيطرة على لبنان  كله للمساومة عليه لصالح الدولة الفلسطينية العتيدة ، او البديلة ،في حين تغيرت المعادلة قليلا عند حزب الله الذي يسعى الى تركيز دولة تحت اسم لبنان تكون مذهبية طائفية تتبع لولاية الفقيه الايراني ويكون الغير فيها من اهل الذمة يدفع الجزية والضريبة .
اخي القارئ
ان وجود الجيش الجنوبي كان الحجر العثرة في وجه حزب الله والمانع الرئيسي له من تنفيذ هذا المخطط ،والمانع الاول من انجاز مهمته الرئيسية وهي السيطرة الكاملة . نعم كان الجيش الجنوبي من حيث المبدأ ومن حيث الهدف من انشائه السد المنيع في وجه جميع القوى التي عملت بإمرة النظام السوري ودعمت حزب الله ، وبالرغم من اخطاء سيء الذكر اميل لحود ابان عهده كقائد للجيش اللبناني ولاحقا كرئيس للجمهورية ، فقد اثبت الجيش الجنوبي انه خشبة الخلاص الوطني ،ولكن وللأسف لقد تغاضى اللبنانيون عن هذا الامر بحجة وجود اسرائيل "العدو" ونغمة العدوان والاحتلال والتوسع التي كان العرب جميعا اسرى نغمتها وبالتالي دفع لبنان ثمن عنوان الآخرين وضاع منه عنوانه واساس بقائه ، الى ان جاء السيد المغامر باراك وبحسن ادارته وفطنته انسحب من لبنان واعطى حزب الله نصرا باراكيا مباركا وفرصة ذهبية لتحقيق حلمه .
نعم لقد ازيح الجيش الجنوبي وزال من وجه حزب الله ، وها نحن اليوم نرى ونعيش طريقة حكم الحزب للبشر وللحجر بدءا من انسحاب عام 2000  مرورا بحرب 2006  وصولا الى انقلاب 7 ايار 2008 وصولا الى حكومة النأي بالنفس للريس نجيب .لقد انتهى الجيش الجنوبي وانتهى معه امل لبنان كل لبنان وكل لبناني بغد افضل ومستقبل غير هذا المستقبل "وهذا المستقبل" ولست هنا بوارد الدفاع عن الجيش الجنوبي والتبجح وسرد قصصا وحكايات ولكن الحقيقة تكمن في قلب كل مواطن عانى واضطهد وظلم .
ان عودة الجيش الجنوبي عسكريا غير واردة على الأطلاق ولن تتكرر هذه التجربة الفريدة والتاريخية والتي كانت لتنجح لو اريد لها النجاح ولكنها كانت القربان الذي قُدم على مذبح لبنان العام لإرضاء العرب وسوريا وايران وكل تجار الدم والعار والهوان . اما من الناحية السياسية فان الجيش الجنوبي في قلب كل حزب لبناني اصيل يحب لبنان ويرعى مصالحه ويحافظ على ترابه ووحدة اراضيه ، وهو يمقت ويرفض كل الذين تاجروا بدم شهدائه وجرحاه سعيا وراء مكسب سياسي او اجتماعي او انتخابي او  اصلاحي . وليعلم الجميع ان الجيش الجنوبي لم ينته ابدا بمجرد انتهاء العمل العسكري فهو موجود في الجنوب في كل مواطن حر وفي كل ساحة وفوق كل رابية وجبل ، موجود عند كل نقطة استشهاد ابطاله . اذا شاءت الاقدار وعادت الحرية والحياة الديمقراطية الى ربوع الوطن ، سترى اخي السائل ان الجيش الجنوبي لا يزال وسيبقى في المتراس السياسي في حلة جديدة وبمبادئه الاساسية " لبنان وطن نهائي ويتسع جميع ابنائه " وبهدفه الدائم وهو السلام والسلام للجميع .

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

من بريد القراء

تعليق على الرسالة الخامسة
أخي الكاتب! ما اْروع هذه التعابير وما أنقى هذه الكلمات !انها تدل عن مدى التجربة في الحياة وكبر الهم الذي تحمله! وأقول لك عليك أن تعيش يومك ، فلا ينفعك أمس الذي ولى وذهب بخيره وشره ولا الغد الذي لم يأت حتى الآن! فأحسب عمرك يوم واحد واجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه، حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب، فلهذا اليوم عليك أن تقدم صلاة خاشعة، واطلاعا" بتأمل، واتزانا" في الامور ،ورضى" بالمقسوم، واستسلاما" لإرادة الله. أجل اجعل من من دقائق هذا اليوم سنوات ،ومن ثوانيه شهورا" ، استغفر فيه من الذنوب، تذكر الله في كل لحظة "وقف لحظة" وعش فيها كل السعادة والامن والسرور ، وقل هناك أشياء أصعب عند الآخرين !ارض برزقك وبأولادك وبزوجتك، بوظيفتك، ببيتك وبعملك وعلمك وبمستواك، لا سخط ولا حقد ولا حسد! . فالرضى والتسليم نهاية العلم والتعليم! وكما ذكرت فإننا من صنع القدر وعلينا ان نسلم لإرادته. اضيف واقول لك أترك المستقبل حتى يأتي! هيا بنا لا نستبق الاحداث! لا نريد اجهاض الحمل قبل تمامه! وقطف الثمرة قبل النضج! أن غدا"مفقود لا حقيقة له فلماذا نتوقع كوارثه ونهتم بحوادثه؟ ربما نلقاه مليء بالسرور! علينا أن نسعى ، فان الله مع الساعين! ان الله هو الشفيع والمعين!
                                            صديق
تعليق على مقالة الدروز في اسرائيل ولاء و ،،،،
اخي الكاتب المحترم ! تحية صباحية وبعدّ 
 قراْت مقالك الشيق ووجدت فيه الواقعية في الرد على ديمقراطية اسرائيل والفهم الدقيق للتقسيمات الانتمائية لمواطني دولة اسرائيل على اختلاف طوائفهم واطيافهم, وكم صدقت عندما قلت بما معناه "يا ريت العرب تضع على مائداتهم بعض الفتات من الديمقراطية في اسرائيل ليغذوا بها عقولهم وتصرفاتهم"! وإنني اقول لك ان ما يحدث من تغييرات ومن سلوكيات الانظمة العربية كالنظام السوري غير تفكير الكثير الكثير من نظرة ومفاهيم الشباب في الوسط العربي بكل ما يتعلق بعلاقة الشباب بالدولة والانتماء. فالأغلب يحمدون الله صباح مساء انهم ليسوا في دولة عربية وانهم موجودون هنا يعيشون في ظل الديمقراطية وحرية الكلمة.
                                             ابو حسين

الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

الرسالة الخامسة

الفتى العجوز
وقفت فوق اشلائي اعاين ما بقي من حطام ، محاولا ان اجمع ما تناثر وتشتت. وقفت في مكان لا زمن فيه ولا تُحسب له ال "اين" ولا ال "كيف" ولا ال " متى" .وقفت عند حكاية نهايتها بداية سردها ، وقفت الى ان تعبت ركبتاي وانهارت قواي ، متمنيا ان اجمع قطعا تلائم بعضها فتخرجني من ورطة الذكرى الاليمة ، راضيا بمرارة الحاضر ، وآملا بمستقبل اقصر مهلة واقل كلفة .
ويْحي من هذا الذي انا فيه ،هذا الوجود الذي فُرض فأصبح ضرورة ومنه وجب ما استوجب ان يبقى وان يستمر، هذا الوجود الذي استحق وجوده يسيرُ الى فناء استحق الضرورة وواجب الوجود . ويْحي من هذا الذي اعدو اليه بل يهرول اليّ ، فأين اختبئ وأين احتمي ، اتجه نحوه فيصمد وينتظر ، اهرب منه فيلاحقني دون هوادة . ويْحي من ملاقاة ما اكره وانبذ ، ولكنه الحق ولا مفر من حقٍ الا الى حقٍ ولا من قبولٍ الا الى رضى ، ولا من صخبٍ الا الى هدوءٍ وسكوت .
اعتبُ على آه مكثتْ طويلا في حنجرة قذفتها مستسلمة لعبث السعال والزفير. اعتب على شفاه عصرت ال آه فنزعت منها عبرة التذمر والتوسل والالم . اعتب على اذن عنيدة تمنعت عن سُماع ما يُشعل الشفقة والحنان ، فغدتْ صمّاء لا نفع منها الا لتكملة الخلق ومنع التشوه . اعتب على عين رأتْ فبكتْ، دمعتْ فروتْ، احمرتْ فزادت الحضور روعة الاحمرار وبهجة الشقائق. اعتبُ على "انا " ومن انا ؟ آخر كلمة في آخر سطرٍ من آخر ورقة .
ويْحي من هذا الذي يسير دون اقدام ويفرض دون احكام ، ويحي من هذا الذي يحكمُ ويتحكمْ ، يُسمع ولا يتكلم ، يخافه الناس ولا يخاف احدا ، وحده الخوف وفيه الطمأنينة ، يزرع الفرح ويحصد الامنيات ، شاء من شاء وأبى من أبى انه الامل الرحيم والحق البغيض ، لباس دون جسدٍ ، قضاءٌ مطلقٌ فوق القوسِ وتحت الحكمة .
يا بني
هذا هو القدر الذي قُدّرَ له ان يُقدِّرَ للخلق حدودا وآفاقا ومساحات  ، هذا هو الذي انْ حلّ مبتسما عالج وشفى وانعم وان حلّ عابسا اسقم واحبط وسحق ، لا تقف بوجهه ولا تتحداه حتى ولو في همس الكلام او محض الخيال ،بل دعه يأخذ ما يريد ويفعل ما يحلو له ، فهو ادرى بطريقه وادق بحدوده .
يا بني
ان الحياة قدر في كل مرحلة من مراحلها ، قدر في كل لحظة وفي كل ثانية ، وكما ان الحياة مجموعة عقد وحلول فهي بالفعل مجموعة اقدار تجمعت لتكوِّن القدر الكبير واعني المنعطف في المسار الدنيوي ليصل الى المصير النهائي .
دع عنك اعباء التفكير والرسم ،ودع عنك ثقل الخوف من شر القادم ، واترك لدنياك نعمة الايمان وفيض الرحمة ،،،،
انه القدر ، وقدري ان اكتب اليك ، وقدرُكَ ان تقرأ على قدرِ ما قُدّرَ لك .

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

الرسالة الرابعة

                                    السيدة الاولى

 سيدتي ،،، اني ابذل جهدي لأفتح الباب لك وارجو المعذرة على هذا التأخير غير المقصود اطلاقا . احاول فقط ان استجمع قواي وان اثبت خطاي لأصل واقوم بواجب الخدمة والطاعة .اعذريني على بطء تحركي لأن العمر اخذ مني السرعة ولكنه لم يأخذ الدقة . اعذريني على بطء تجاوبي لأن السنين اخذت سرعة البديهة ولكنها لم تأخذ مني الحكمة ، اعذريني على الهندام والشكل ، فالهم امعن في رسمي ولكنه فشل في تغيير أصلي .
اعذريني سيدتي ، اني احاول ان اكون كما كنتُ دائما ، عسى ولعل ولربما ان اكون كما ارغب حين لن اكون . سيدتي ، انت ايتها الحياة لطالما هويناكِ وعشقناكِ ورغبناكِ ، ولطالما شتمناكِ وكرهناكِ ، ولكنك ستبقين الامل دائما في كل نفس ، والرجاء لكل بقاء .
القطار يسير سيدتي برحلة لا عودة فيها، يتوقف فينزل البعضُ، والبعضُ الآخر يقفز من النافذة غير مبالٍ بهذه الرحلة. خيارات متناقضة وقرارات متعددة ويسير القطار سيدتي مجددا ومجددا.
نعم ، افقتُ ووعيتُ على هذا الضجيج ووجدتُ نفسي مرغما على اخذ مقعد والجلوس بانتظار ان يتوقف القطار عند اشارة موقفي الخاص ،،لأنزل ... ترى هل اقفز من النافذة كما فعل الراكب الآخر ؟
سيدتي
اكرهكِ لأنك الجزء الأغلى والاثمن لأقدسِ قُدسيّةٍ قُدِّستْ رغم انك في متناول الجميع .
احبكِ لأنك ارخص وابخس ملك يملكه من يهتم ومن لا يهتم على حد سواء في ملكية لا يملك منها شيئا .
انتِ ما بين الحب والكراهية وحدة لا تتجزأ، لا تفنى ولا تغيب ولا تزول ، تنتقلين بأثواب مختلفة وتتجولين كما تشائين ، تتكلمين كل اللغات وتُتقنين كل الشعائر  حافظة الخير والشر ، انكِ يا سيدتي اللغز الأكبر والمحير اكثر، فرجائي ان لا تطيلين البقاء فكلما مكثتِ اكثر زاد المي وكبر همي وعظمَ عجزي ، فاسْرعي بالغروب ليُسرع شروقي من جديد ولك كل الشكر والامتنان .
سيدتي
لو خيرتُ لاخترتكِ ولن انزل من القطار طوعا ، ولكن المشكلة في ان الباب يُفتح فجأة دون سابق انذار او اشارة تنبيه ، ولهذا احاول ان لا اجلس قرب النافذة ولا الباب ، سأفتش عن مكان وسطي تحيط به جدران عالية ومتينة علّها تقيني هزات الوصول ، ومع هذا فأنا على يقين باني سوف اترككِ دون وداع ومن دون اذنٍ وهذا بالفعل ما يُريحُ ويُطمئنُ بعدم رؤيتكِ ساعة الرحيل ولن تُذرفَ دموع الوداع والفراق. لا ادري ربما تنزل دمعة او دمعتين لرفع العتب وتمشيا مع العُرف والتقاليد وليكن الله في عوني عند اللقاء مرة اخرى .
سيدتي
عشتكِ افضل واكثر سعادة من اي مخلوق آخر قال او جزم بأنه سَعدَ وتهنى فيك .
سيدتي
عشتكِ اكثر واشدّ مرارة من اي مخلوق آخر قال او جزم بأنه ذاق طعم المر والحنظل والاهانة .
حطمتُ الصعاب وقهرتُ المصائب وصبرتُ على الصبر حتى غيّر مذاقه وبدّل صفاته . كنت فيك الطفل البريء والفتى اللعوب والشاب الطموح ، حتى اصبحتُ ذاك الرجل الذي لا يُقهر الا من ذاته ولا يُذل الا من داخله .
كبرتُ ولا زلتِ سيدتي يافعة وشابة ، عجزتُ ولا زلتِ في ريع شبابكِ ، فما انتِ الا ينبوع تجدد ، وحفنة تجارب ، مدرسة لا معلم فيها ولا كتاب ،تلامذة انهالوا على علمٍ دون احرفٍ ، وعلى حسابٍ دون ارقام .
يا ولدي ،،هذه هي سيدتك ، ولن تكون سيدتك الا اذا احترمتها وقدرتها ، ولن تكون سيدتك الاولى الا اذا وضعتها في قدسية تستحقها ، انها سيدة لا تحب الرجال بل المواقف ، ولا تهوى الانسان بل الانسانية ،واعلم بانك عابر سبيل وراكب قطار لا اكثر ولا اقل .
ايتها السيدة الاولى ، يا بداية اللانهاية ، يا عَظمة الوجود وسر الخلود ، انت الحياة ويْحُكِ ما اجملكِ وما اثقلكِ وما اقصركِ.
                                                                والدك
                            

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

العين بالعين والسن بالسن

رحم الله حمورابي واسكنه فسيح جنانه ،رحم الله حمورابي وطيّب ثراه واكرم ذكراه ، رحم الله حمورابي لأنه ادرك منذ آلاف السنين ان الشرق العربي لا يُحكم الا  : "العين بالعين والسن بالسن ".
رحمة الله عليك يا حمورابي ، واقف الآن اجلالا واحتراما لفطنتك وبُعد نظرك وذكائك ، فوالله ما اخطأت في تقديرك ولا زايدت في تفكيرك ، فقد رسمت طريق الديمقراطية الصحيحة التي لا تقبل الشك ولا التأويل ولا ترضى الحذف ولا التغيير ، فمن عاملك بالحسنى تعامله بمثلها  ومن عاملك بخشونة تعامله بخشونة ، ومن مدّ يده اليك تمد له يدك ، ومن ضربك تضربه ومن حماك تحميه، اوا ليست هذه قمة الديمقراطية والمساواة والعيش المشترك ؟
ايها اللبناني
انت تعيش في غابة والبقاء فيها للأقوى ، آن الاوان لتدرك من انت  وللأسف الشديد " ما انت " . آن الاوان لتدرك بان الفرز الطائفي في لبنان انتج فرزا طبقيا ، وتصنيفا بشريا متدرجا في  المواطنة . ان الكلام الصريح هو الذي يفيد ولا مجال بعد اليوم للاختباء خلف الوهم والتسلح بكلام لا يُقنع ، فاعرف نفسك جيدا وبأي درجة انت وما هو محلك من الاعراب المذهبي والطائفي وما هو ولاؤك الاقليمي اولا والمحلي ثانيا . اننا اليوم امام صورة نخجل منها جميعا ولكننا دائما نطليها باللون الذي نريد لتظهر بالمظهر الذي نريد وهذا هو رأس الغباء والتنكر للحقائق . اعرف نفسك اين انت وتصرف من خلال موقعك وان كنت تريد التغيير فآن الاوان لاتخاذ القرار .
ايها اللبناني
ان حزب الله لا يمكن ان يترك سلاحه ابدا مهما كلف الامر، وطالما انت في موقع الصراخ والتمني والترجي بأن يمنّ عليك هذا الحزب ببعض النعم فانت ستبقى كما انت رقما لا اكثر ولا اقل ، فاتخذ القرار وتذكر حمورابي وقوله الشهير وتذكر بانك لست البادئ ، فكل مبتغاك هو رفع الظلم والمساواة والمشاركة . نعم ايها اللبناني ، فاذا استمر الغيرُ بامتلاك السلاح ، فتسلح انت ، ولماذا لا ؟ الا يحق لك حمل السلاح للدفاع عن النفس ؟ الا يحق لك حمل السلاح للوقوف بوجه اعداء الوطن كما يحق لمن يدعي الحرص على الوطن ؟ الا يحق لك حمل السلاح  على الاقل من باب المساواة في الحياة والمصير ؟ الا يحق لك حمل السلاح من اجل طائفتك ومذهبك كما الحال لغيرك ؟
اخي المواطن
ان اسألك واسأل نفسي : لماذا كل هذه الاغتيالات من طرف واحد  اي 14 آذار ؟ لماذا وحدهم فقط زعماء وقيادات 14 آذار يعيشون في دوامة الخوف والقلق داخل الوطن ومنهم من فضّل السفر والعيش في الخارج ؟ لماذا لا يخاف زعماء 8 آذار على انفسهم ولا يقلقون من الارهاب وسلاحه ؟  الجواب بسيط جدا وحتى الاحمق يعرف الحقيقة ، والاثباتات كثيرة ، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري (- الشهيد -وبالإذن من النائب ميشال عون ) ومنذ صدور القرار الاتهامي بمنفذي الاغتيال والعناصر المتهمة في حماية حزب الله رافضا تسليمهم ، والمتهم ايضا بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب لا يزال حرا طليقا في عرين حزب الله ، الى ما هنالك من ميليشيات وعشائر مسلحة تحت راية المقاومة المشكوك بأمرها جدا جدا . ان سكوتك ايها المواطن هو الذي اعطى الغطاء للاغتيالات وفتح الباب من دمشق الى بيروت مع علي مملوك وميشال سماحة وصولا الى اغتيال وسام الحسن . نعم ايها اللبناني الساذج البسيط او المتباسط اللّامهتم ، نراك اليوم تصرخ وتصرخ وتنادي وتدعو الى التظاهر واستنكار الجريمة ، وهل هذا ينفع ؟ الا ترى نفسك كشبه مواطن في شبه وطن ؟ الا ترى قيادتك مشتتة في كافة انحاء العالم ؟ اهذا هو النضال ضد السلاح والديكتاتورية باللجوء الى فرنسا او السعودية او قطر ؟ هل رفضك للحالة المزرية هي السعي لإرضاء الحزب واعوانه من خلال النائب عقاب صقر وغيره ( مع الشكر طبعا لكل من يسعى لإعادة اي لبناني الى وطنه ) للاندفاع لإعادة المخطوفين في سوريا الى بيوتهم ؟ ولماذا لا يندفع النائب علي عمار مثلا لإعادة المخطوفين اللبنانيين في سجون النظام السوري ؟ هل ارضاء حزب الله هو ضمانة مستقبلكم ولأجيالكم من بعدكم ؟
ايها اللبنانيون
اذا كان النزول الى ساحة الحرية والتظاهر والاعتصام لأسقاط الحكومة ، فالأفضل لكم البقاء في بيوتكم لان اسقاط الحكومة لن يفيدكم بشيء ، ولنفرض سقطت ، فهل تستطيعون تولي الحكم والمسؤولية ؟
لقد مررنا بتجارب سابقة منذ العام 2005  ولم نحرز اي تقدم يذكر باستثناء الانسحاب العسكري السوري – العلني – والكل يعرف البقية . ان المطالبة بإسقاط الحكومة مضيعة للوقت والطاقة والاندفاع ، فالمطالبة الحقيقية هي بإسقاط نظام السلاح والتبعية والاحلاف الطائفية والولاءات الخارجية .
اخي المواطن
ان اغتيال اللواء وسام الحسن هو درس ورسالة لكل لبناني يحاول ان يرفع راسه قبالة حزب الله واعوانه واسياده السوريين والايرانيين ، انها رسالة واضحة لكل عاقل ،لا اجهزة امنية مستقلة خارج السيطرة والتوجيه ، ولا منظومة امنية غير التي يرضى بها الحزب ويسمح بها ، لا سياسة خارجية غير التي يريدها ( والبركة بالوزير عدنان منصور ) ، ولا سياسة اصلاح الا التي تصلح له ( وليسمع التيار العوني ) ، ولا قرارات مصيرية غير التي يقررها ( وليسمع ميقاتي جيدا ) وبالتالي  لا دولة الا دولة حزب الله ، وكل من لا يرضى بذلك ويُسلّم له سيدق عنقه ، وسيتبدد جسده وستُمحى ذكراه . اعلموا ايها اللبنانيون ان لا قوة فوق قوة حزب الله ولن يكون لكم الا الطاعة والاذعان لهذا المثلث : حزب الله وحزب البعث وحزب الائمة ، الا اذا حزمتوا امركم ووقفتوا وقفة الند للند . نعم اني اتوجه الى القادة في 14 آذار واقول : اذا لم تكونوا على دراية بما تفعلون وعلى قرار واضح بالمضي قدما مهما كلف الامر ، لإسقاط سلاح الهيمنة غير الشرعي ،فالأجدر بكم ان تلزموا بيوتكم وترفعوا الرايات البيضاء ، او تسافروا الى بلاد العم لويس الى ان يحل الله امرا يكون خيرا لكم .
اخي المواطن
انا لا ادعوك الى الحرب ولا ادعوك الى الثورة  ، بل ادعوك للوقوف ولو لمرة واحدة تحت راية واحدة والمطالبة بمطلب واحد وهو نزع السلاح من كل الاحزاب والحركات والمنظمات على الارض اللبنانية وحصره فقط بالدولة . مرة واحدة ، ليقف كل لبناني وقفة لا عودة عنها حتى تحقيق الهدف ، لنعلن الربيع اللبناني ، لنملأ الساحات والشوارع في كل مدينة وبلدة وقرية بالشابات والشباب ولنعلن العصيان على هذا السلاح حتى يصدأ ويقع ، لنناضل سلميا وحضاريا ، واذا ما جوبهنا بالبربرية وبالسلاح فاعذر من انذر ، ، العودة الى ديمقراطية حمورابي " العين بالعين والسن بالسن " والبادئ اظلم .

السبت، 13 أكتوبر 2012

هات ايدك والحقني

ومرة اخرى يفاجئنا الساسة اللبنانيون بحرصهم ومتابعتهم وتأكدهم من حصول المواطن اللبناني على حقه المقدس ، بإيصال صوته من خلال انتخابات حرة ونزيهة في ظل قانون جيد يراعي العيش المشترك ، ولا يخرق اتفاق الطائف ولا يكسر العرف ولا التقليد .
ومرة اخرى عزيزي القارئ نرى هؤلاء الساسة يتدافعون ويتسابقون بإعطاء الدروس والنصائح، وبتلاوة البيانات البليغة والمؤثرة حول جدية هذا الطرح او ذاك ، وحول مصداقية هذا القانون او ذاك ، وهم بالحقيقة يعزفون جماعات وافرادا على قانونهم الخاص الذي يوصل الكرسي اليهم قبل ايصال صوت الناخب الى المكان الحقيقي والى هدفه المحق والمشروع .
عزيزي المواطن
ما بين قانون الستين ومشروع القوات ، وقانون النسبية وطرح اللقاءات ، ضاعت الديمقراطية ومُررت انتخابات برلمانية بمن بقي وبمن حضر واُنتج مجلسا امتدادا لسابقه في الصراخ والضجيج والانقسام والتباعد. نعم، فلا قانون الستين انتج برلمانا حقيقيا ولا قانون التسعين ( او قانون غازي كنعان ) انتج نوابا بأصوات ناخبيهم ، ولا النسبية ستنجح بالمرور بين الغام الطائفية والمذهبية ، ولن ينجح اي تقسيم للدوائر في ظل تقسيم اداري لإدارة الطائفية والمذهبية . لا اريد الشرح والغوص ، فاللبناني حفظ هذه القوانين عن ضهر قلب ، ولكن الذي لم يدركه حتى الآن مع الاسف هو توقيت الساسة وانتظارهم حتى الدقيقة تسعين لطرح افكارهم وصياغة قانونهم والتسابق بإقناع العامة بذلك قبيل موعد الانتخابات ، وكأنهم بذلك يريدون الضغط والاستعجال ليصل بهم المطاف اخيرا الى نهاية لا جديد فيها ولا قانون ، ويبقى القديم على قدمه وتحصل اللعبة الديمقراطية مع بعض التعديلات الخجولة .
ان مشكلة السياسيين هي التبجح بالحرص على العيش المشترك والحفاظ على ما نص عليه اتفاق الطائف بهذا الخصوص ، ونراهم يصبون جام غضبهم على آراء اخصامهم وافكارهم وقوانينهم ، على انها تنسف هذا العيش والتلاقي بين اللبنانيين .مع العلم بان الانتخابات منذ الاستقلال وحتى هذه اللحظة لم تفرّق ابدا بين اللبنانيين ، بل ان الذي فرّق بينهم هو قادتهم وزعماؤهم ، هم وحدهم من يزرعون بذور التفرقة والكراهية ويدقون طبول الانقسام تحت شعارات وحجج سئمها كل عاقل ومدرك .
اذا كان هناك فعلا اخي المواطن من يريد قانونا انتخابيا عصريا قدر الامكان ، فلماذا التأخير في سن مثل هذا القانون ؟ ولماذا يثار هذا الموضوع في الوقت بدل الضائع ؟ الم يكن بوسعهم دراسة وتجهيز وتركيب كل القوانين والاقتراحات المطروحة خلال السنوات الاربع الماضية ؟ ولماذا يُترك هذا الموضوع للحكومات المتعاقبة  ولوزير الداخلية بالذات ليبت فيه ويقدمه ؟ الا يوجد في البلد رجال فكر وقانون ومختصون يستطيعون انجاز الف قانون وقانون ؟ لماذا لا تؤلف لجنة وطنية مهمتها وضع قانون انتخابات عصري يفي بكل متطلبات القوى السياسية والاجتماعية ؟ رضينا سابقا بالمشرّع اللبناني، ورضينا بمؤلف وملحن النشيد الوطني، فهل من مانع للجنة وطنية لموضوع وطني حساس وضروري ؟ ولماذا لم تزل حتى الساعة مسألة مشاركة المغتربين مرهونة بقرار حكومي مع وقف التنفيذ ؟ تارة تُتهم الحكومة وتارة تُتهم وزارة الخارجية ، وتارة اخرى تُتهم السفارات اللبنانية في الخارج ، حتى وصل الاتهام اخيرا الى المغتربين انفسهم على انهم لا يريدون التسجيل في سجلات لوائح الشطب .لماذا هذا الاستهتار بالمغترب اللبناني او بالأحرى اتساءل ، ما هذا الضعف بالمغترب اللبناني ولماذا هذا السكوت غير المبرر على تقاعس الدولة في ابسط واقدس حق له وهو ابداء الرأي الحر وممارسة الحق المشروع بالانتخاب ؟
اني ادعو المغتربين كافة وعلى مختلف انتماءاتهم الحزبية والطائفية ، ادعوهم للامتناع عن المشاركة بالتصويت الا اذا حصلوا على حق الاقتراع في بلدان انتشارهم ، وادعوهم بكل احترام الى عدم تلبية رغبات الزعماء بالقدوم الى الوطن للإدلاء بأصواتهم ، فان ذلك يعطيهم ما يريدون ويحقق مبتغاهم ويبرر تقصيرهم بواجباتهم تجاه المغتربين ، وهكذا ستمر اربع سنوات اخرى وسنعود الى نفس الحالة . اخوتي ، ان مقاطعتكم للانتخابات كما ذكرت لن تمس بحبكم للوطن ولا باحترامكم للحق الدستوري والقانوني ، بل ستكون ملاحظة هامة وشجاعة للذين يديرون دفة البلاد والعباد .
اخي القارئ
ان الهدف من الانتخابات هو ممارسة الواجب الوطني في تقرير مصير الوطن من خلال برلمان منتخب يقوده ويقرر مصيره . ومن اهداف العملية الانتخابية أيضا ،جعل الديمقراطية تتكلم وجعل الاكثرية المنبثقة عن هذه العملية تحكم وتُحاسب حسب النظم القانونية والدستورية . ان الحقيقة المؤلمة هي ان لا اكثرية نيابية حكمت ولا اقلية عارضت ، واجمل البدعات كانت في حكومة وحدة وطنية لا معارضة لها الا بعض الاصوات التي لا حناجر لها ولا آذانا تسمعها . ان السؤال الذي يطرح نفسه: اذا كنا لا نستطيع ان نحكم بأكثرية فائزة ، ولا نستطيع الحكم بحكومة وحدة وطنية لأنها لا تمثل الوحدة بل المحاصصة، ولا نستطيع ان نحكم لان التشريع في وادٍ والتنفيذ في وادٍ آخر ، ولا نستطيع ان نحكم لان السلاح يحكم قبل القضاء وفوق القانون ، ولا نستطيع ان نحكم لان الطائفة والمذهب والعشيرة قبل الهوية والانتماء والمواطنة ، بعد كل هذا لماذا الانتخابات اذا ؟ ولماذا هذا الصراخ ووجع الراس حول القانون والاسلوب والتوقيت والتحالف ؟
اخي المواطن
نشتم ونلعن الطائفية ونحن نعيشها كل يوم في الدوائر الحكومية وفي الوظائف العامة وفي المناسبات والاعياد وفي الطعام والملبس والمشرب ، اننا في صلب الطائفية وكل من ينكر ذلك فهو احمق وجاهل وحالم يعيش في عالم آخر ، لذلك لندع العواطف جانبا ونحكّم العقل قليلا ولو طائفيا ولنذهب مع الطرح الارثوذكسي ونطرح انتخابات مذهبية علنية ، وليسمحوا لنا ببعض التغيرات الطفيفة بان تنتخب الطائفة ثلثي ما وهبه اتفاق الطائف لها من مقاعد نيابية( بقانون الاكثرية او النسبية او بالتعيين وبكلمة اوضح حسب ما تراه الطائفة مناسبا ، وبذلك نكون قد احترمنا خصوصية كل مكونات المجتمع اللبناني )  والعمل على انتخاب الثلث الباقي ضمن دائرة واحدة لكل لبنان وبقانون النسبيّة بلائحتين فقط 14 و8 آذار مع امكانية الترشح للمستقلين . ربما نكون بذلك على ابواب تجربتين جديدتين : القانون المذهبي (80 نائبا) والقانون النسبي (40 نائبا) ولنقرر على ضوء النتائج خطوتنا التالية .
اخي المواطن
"هات ايدك والحقني " انه النظام اللبناني ، انه النهج ( الديمو- كتاتوري) الفريد من نوعه الذي جعلنا اسرى خياراته المنزلة والمقدسة (مع حرية الكفر) ، وابقانا عبيد الاقطاع السياسي والتطرف الديني (مع امكانية التحرر) ، وسنبقى نكتب ونلحن ونغني للديمقراطية حتى لا ننسى وقعها ككلمة ،ولا نقع فيها كفعلٍ .
ايها المواطن الكريم ، انت الذي يذكرك الزعيم قبيل الانتخابات ، او قبيل زيارة ابوية واخوية للوقوف على اوضاعك لان مهلة السنوات الاربع شارفت على نهايتها ، انت الانسان الطامح  والمواطن الصالح ، انت الساعي للواجبات ومستمهل الحقوق ، انت الذي تسعى الى حياة شريفة ولقمة عيش حلال ،انت الذي تؤمن بمستقبل مشرق لأولادك واحفادك ، اصبحت تردد مقولة " عباس واخيه " عشر ولاد عندو وخيّ ،، وينيّ الدولة ؟
نعم وينيّ الدولة ؟ اين اولادها واحفادها ؟
الاول يئس وسافر،
والثاني هُجّر وطُرد وتشتت في مختلف اقطار الارض ،
والثالث هُجّر وطُرد قسرا داخل وطنه الصغير ،
والرابع مفقود لدى الشقيق ،
والخامس مخطوف من اجل فدية،
والسادس مسجون دون محاكمة،
والسابع مريض دون علاج وتأمين،
والثامن عاطل عن العمل ،
والتاسع خبير مظاهرات واشعال دواليب ،
والعاشر مدمن سلاح ،

وتريدون ايها الساسة اجراء انتخابات ؟

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

الرسالة الثالثة

الصديق
اجمل كلمة حاكتها الاحرف ، واجمل لفظة نطق بها لسان ، واجمل صورة رسمها خيال ، واجمل عطاء من صاحب العطاء ،،، انها ،،،،ولدي ...
ولدي الحبيب
تمر الايام مثقلة بالساعات وبعقارب لا تقوى على الدوران ، اخالها منهكة من ثقل الزمن وتدافع الوقت الذي لا يرحم مُتعَبا ولا يرأف بطالب راحة وسكينة . لا ادري ايهما اطلب وأتمنى يا بني ، سرعة الزمن كي تصل الى حريتك ، ام بطء الزمن كي لا اصل الى عكازتي ، ولكنك تعلم جيدا باني افضل الخيار الاول لأنه الخيار الطبيعي والصحيح .
ولدي الحبيب
اريد ان احدثك في هذه الرسالة عن ملاك مجهول ولكنه في متناول الجميع ،منهم من عرفه جيدا فتمسك به ومنهم من جهل قيمته فأضاعه ، انه الصديق يا بني ابن الحاجة والتجربة .
لا تفتش ابدا عن الصديق يا بني ، بل دعه يأتي اليك من خلال تصرفاتك وطباعك ومعاملتك للغير ، فصديقك في داخلك قبل ان يكون بالقرب منك فان شعرت به فهو فعلا موجود . تذكر دائما بانك لا تستطيع صنع صديقا بل يمكنك ان تكون دليله الى قلبك وحياتك ، اره نقاط ضعفك ليتسنى له تجنبها وتقويتها ، اره النور الذي تريده ان يراك به ، اره نفسه في ذاتك كي لا يشعر بالغربة والغرابة قربك ، اشعره بألف سبب لوجوده وبفراغ مطبق لغيابه ، فان نجحت بذلك تكون انت الصديق قبل ان يكون .
هذا هو صديقي يا بني
عرفته في وقت كان فيه الزمن يرمم بقايا اعاصير سنوات خلت ، وفي مكان شهد آثار تلك الاعاصير وعاش غضبها وجنونها . عرفت صديقي في زمنِ تدافع الوجوه من زحمة الحركة ، في مكان لا يُحدد ولا يُرسّم ، عرفته بزمن الحرب ، زمن الالم والعذاب ،  زمن التغيير والتعثر ، عرفته في مكان رويناه دما وعرقا واخذ منا زهرة شبابنا وثمرة عمرنا . هناك تعرفت اليه وتبادلنا الاسماء على صوت الطلقات وقعقعة الآليات ، تشابكت بنا الاصوات فأخرجت لحنا لا زلنا نعزفه حتى اليوم ، واغنية نطرب لسماعها ،،انها الصداقة ،،انه الصديق .
ولدي الحبيب
هكذا تبادلنا السلام واطلقنا التمنيات لنهاية سعيدة لكل ما كنا نؤمن به ونقاتل من اجله . مرت السنين وتأصلت العلاقة وتجذرت وتخطت اللقاء والتعارف ودخلت عالم الانصهار بالذات . ارى فيه وجهي الآخر، واشعر به كما لو كان في داخلي ، اراه دون الحاجة الى العين والمسه كل ما اشتقت اليه بأنامل المحبة والحنين ، اعتمد عليه كل ما الحاجة دعت ، واسند ظهري اليه كل ما احتجت الى سند .
كبرنا وكبُرتْ معنا القيم المشتركة بيننا ، وارتفعت اسهم الاحترام والثقة والتقدير  ، فكانت صداقتنا تقوى كلما ابتعدنا وتخبو كل ما اجتمعنا . هكذا يا ولدي كنت مع صديقي ولا زلت احمّله ما فاض عني من اثقال واحمل عنه ما استوجب من احمال، ننفض غبار اليأس لنتسلح مجددا بالإيمان والتفاؤل . تخمرنا كالنبيذ وتعتقنا في خوابي الصدق والوفاء وشربنا من سبيل جمعنا على ذات الخط والسبيل .
يا بني
هذا هو صديقي ، انه الظل الذي لا يحتاج الى نور ليظهر ،انه الكلمة التي لا تنتمي الى لغة ، انه الانس الذي لا يوازيه سعد ولا طمأنينة . علمني الصبر في وقت كان بأمس الحاجة الى الصبر. علمني التحمل وهو الذي بحاجة الى من ينأى بحمله .علمني الابتسامة في زمن ندر وجودها وعلا سعرها . هذا هو صديقي، افتخر بصداقته واكبر بمرافقته، واعتز بمعرفته، وارفع رأسي باسمه. كم اتمنى ان تحظى كما حظيت انا يا ولدي وكم ارغب بأن تسوقك الاقدار الى مثل هذا الصديق .
 يا بني اوصيك ان
لا تتباهى بعدد اصدقائك بل اكبر بنوعيتهم وبمدى اخلاصهم وثباتهم .
لا تعتذر من صديقك ابدا بل افعل ما هو ضروري لإصلاح ذات البين ، وليكن الاعتذار نهاية ترميم ما تصدع .
لا تترك صديقك بسهولة ، تمسك به وحاول ثم حاول ولا تيأس ،واذا ما حصل عكس ذلك ابقَ على ما كنت عليه ولا تدع غضب اللحظة يهدم ما بُنيَ في سنوات .
اياك التفريط بسر صديقك واعلم انه حامل سرك ايضا ، فاحفظ شعرة التواصل ولا تقطع امل العودة .
يقولون ان صديقك من يجرحك ، وانا اقول لك ان صديقك من يداويك قبل ان يجرحك .
يقال ان الصديق وقت الضيق ، وانا اقول لك ان الضيق هو في عدم وجود صديق .
هكذا نحن يا بني كنا وما زلنا وسنبقى بأذن الله ، وتذكر ان من اضاع صديقا كالذي اضاع يقينا ، فتتملك منه الحيرة لتقوده بعدها الى الشك الذي يحرمه دخول جنة الثقة والايمان .
هذا هو صديقي يا بني ، بداية خاتم المرسلين وبنهاية ما ملأ قلوب المؤمنين ، وما بينهما ما يرغبه الناس اجمعين .
فهل عرفته ؟


                                                       والدك
                                                5-10-2012

السبت، 15 سبتمبر 2012

وسقطت ،،،ورقة التين

وقف امامي مباشرة وقال بلهجة ملؤها العتب واللوم ، اين انت ؟ ولماذا انقطعت عن الكتابة ؟ هل تركت النقد السياسي ام انك اتجهت الى الكتابة الادبية ؟ ماذا حصل ؟ هل فرغت جعبتك ام فسد ما بقي ؟
قلت : اهدأ يا صديقي فأنا لا زلت على قلمي مثابرا ولكن السياسة اصبحت في الآونة الأخيرة محط سخرية وادانة لصاحبها وكاتبها وناقدها وقارئها ، خاصة بعد سقوط ورقة التين وظهور عورة الذين يدعون الوطنية والعروبة والقومية والمحافظة على الارض والعرض والشقيق والأخ والرفيق .
نعم يا صديقي ، بعد كل الذي حصل نجد انفسنا في وضع الحرج والحياء وكيف لنا ان نقنع العالم من حولنا بأننا امة صادقة بولائها لترابها ، ويخرج من مجلسنا النيابي والوزاري مخرب وعميل متواطئ على اشعال فتنة طائفية ومذهبية ووطنية بامتياز ، لم يجرؤ احد على السير بها حتى خلال ايام الحرب الاهلية العصيبة ، والاكثر نكدا من كل هذا هو السكوت المطلق لاتباع النظام السوري في لبنان الذين استوعبوا صدمة الفضيحة بالسكوت تارة ، وبلعنة الاجهزة الامنية تارة اخرى ، والضرب على القضاء والاخطاء التي ارتكبت خلال عملية التوقيف والتحقيق وما الى ذلك من اسباب اقبح من ذنب .
شكرا لك ميشال سماحة على سقوطك السريع والحمد لله على سقوط ورقة التين، حتى يدرك الآخرون من المسيحيين ان نظام البعث في سوريا هو قاهر المسيحيين ومذلهم وليس حاميهم كما يدعي البعض ويروج له في لبنان ومع الآسف حتى من مراجع سياسية واجتماعية وكنسية عالية جدا .وبما ان السياسة اللبنانية او ما تبقى منها اصبحت مكشوفة تماما اتوجه بكل احترام الى التيار الوطني وعلى راسه العماد ميشال عون والى تيار المردة وعلى راسه سليمان بك فرنجية راجيا ومتأملا بان يضعا حدا لهذه المهزلة السياسية –الوطنية- المذهبية ، وان يبادرا الى اتخاذ مواقف مشرفة بإعادة التموضع الجيوسياسي بين تضاريس الاتجاهات المتقلبة ، وان يضعا أيضا حدا لهذا التسيب في قيم الزعامات والاشخاص من قبل النظام السوري وازلامه والذين دأبوا على مداعبة المسيحيين والتلاعب بمشاعرهم وكأنهم اهل الذمة في زمن الفتح المبين . ان القيادات المسيحية مدعوة وبسرعة لأن تقف وقفة صلبة ومشرفة وليكن الوطن اولا ومصلحة لبنان على راس اولويات العمل السياسي .
شكرا لك ميشال سماحة لأنك شرحت لنا كيف يكون تلاحم المسار والمصير .شكرا لك ميشال سماحة لأنك اظهرت لنا كيف ينظر النظام السوري الى لبنان واللبنانيين . شكرا لك ميشال سماحة لأنك اظهرت لنا ان لا حلفاء لسوريا في لبنان ، بل عملاء   وعملاء ( عليهم العين) مخربون يطعنون بكل القيم الانسانية والاخلاقية . شكرا لك ميشال سماحة لأنك شرحت لنا المعنى الحقيقي لمعاهدة الاخوة والتعاون . شكرا لك لأنك اظهرت فعلا ان النظام الامني السوري - اللبناني بخير ويعمل بجد ،والشكر كل الشكر لإسرائيل لأنها لم تخرقنا بزعمائنا ولا بنوابنا ولا بوزرائنا وابقت لنا بعض الشرف وحفظ ماء الوجه على الاقل حتى الآن.
صديقي القارئ
سئمت من الكتابة والنقد لأني لم اعد اجد الكلمات المناسبة لتصف ما يجول في خاطري وخاطر كل لبناني مخلص بعد هذه الاحداث المتتالية .
سئمت من مواقف 8 آذار كلها ، وتحليلاتها وتبريراتها ودفاعها عن اولوياتها ، وسئمت ردة فعل 14 آذار ، اقوال دون افعال ، كلهم يكذبون وكلهم يراوغون لقد طبقوا المثل القائل ( الكذب ملح الرجال )
 سئمت من شهر آذار كله من اوله الى آخره ، حتى انني اتمنى لو يُمحى هذا الشهر من السنة لأن وقعه على المسامع اشد من وقع قنبلة على روضة اطفال .
نعم يا صديقي ، لقد سئمت الكتابة لان في لبنان وللأسف لا يقرأون بل ينصتون وكأننا امام مشهد الحكواتي القديم . ان السياسة في لبنان اصبحت اوامر وتوجيهات وتعليمات ، مواقف طائفية ومذهبية حتى دخلت علينا اخيرا العشائرية . نعم لقد انكفأت المواقف الوطنية لان الوطن اصبح في مكان آخر ، والوطنية اصبحت ولاء لمكان آخر ، والحرية اصبحت رغبة القوي ، والمواطنون هم السلعة والاداة والمنتج .
صديقي القارئ
لا فائدة من العلاج ان لم توضع اليد على الجرح ، وطالما التخوين موجود وعدم الاعتراف بالآخر ساري المفعول فلا مجال للإصلاح . ان من يطالب بالكرامة يجد نفسه مدانا ومن يطالب بالتبعية لا يقبل المناقشة في صحة موقفه ، وبالمناسبة اود ان اسأل الحاج محمد رعد مع كل الاحترام والتقدير:
هل توجه قوى 14 آذار بمذكرة لحماية وصيانة الوطن من الاعتداءات السورية هو فعل خيانة ؟
هل لفت انتباه الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية الى مخاطر اعمال النظام السوري هو خيانة ؟
هل المطالبة بالتعامل مع سوريا كجار وكدولة شقيقة وصديقة من الند الى الند وعلى نفس المستويات هو عدوان وخيانة ؟
هل مطالبة السفير السوري بالعمل حسب الاصول الدبلوماسية والسياسية هو خيانة للوطن وللأمة ؟
اشهد اني لست مع 14 آذار ولكنني مع لبنان ، مع الدولة العصرية والديمقراطية لكل ابنائها ، ولست مع 8 آذار ولكنني مع حماية لبنان وصونه من كل اعتداء ومعتدي سواء كان عدوا ام صديقا ام شقيقا . بأي حق تشنون حربا على اسرائيل دمرت اكثر من نصف لبنان من اجل الاسرى والخروقات الاسرائيلية ، ولا يرف لكم جفن من اجل مئات اللبنانيين المعتقلين قسرا وقهرا وبدون اي وجه حق في دهاليز النظام البعثي المجرم منذ سنوات طويلة ؟ لم تحركوا ساكنا ضد الخروقات اليومية ومقتل العديد من اللبنانيين العزل على يد الجيش السوري الفاشي ، وتطبلون وتزمرون وتنفخون ابواق الحرب والتهديد لمجرد كلمة قالها اسرائيلي او موقف اتخذه عسكري في سياق المواقف المعتادة سلفا . هل كل ما يأتي من سوريا مشروعا ومحقا حتى وان كان عدوانا ؟ اترون انفسكم  كل ما تُحشرون تنادون بتطبيق الطائف وانتم من رمى به في سلة التاريخ المنسية ؟ ان المطالبة بالحرية والكرامة وحماية الوطن ليست خيانة بل الخيانة هي بالإطلالة المشبوهة والدفاع عن نظام بائس ومجرم  ، نعم هذه هي الخيانة بذاتها وهذا هو العدوان ليس على الوطن فحسب بل على كل شعور حي ووطني.
ايها السائل الكريم
يؤسفني ان اكتب بمنتهى الصراحة والصدق لأوصل للقارئ الكريم بعض الحقائق المؤلمة ، وما الكاتب الا اداة سهلة وطيعة للدلالة على نقاط ضعف او اخطاء لتجنبها وعدم الوقوع فيها ، او على الاقل اخذ الحيطة والحذر منها، ولكن حتى الحقيقة في لبنان اصبحت مجزأة ومسيّسة ، واصبح الخطأ فضيلة ، والفضيلة جزءا من اخطاء المسيرة المقدسة .
الحقيقة المرعبة ان ميشال سماحة هو حلقة من عدة حلقات لبنانية ستظهر لاحقا ان شاء الله ، والحقيقة ان كل من روج للقاعدة في لبنان ، وجهوزية القاعدة في المناطق اللبنانية وخاصة في الشمال ، وترقب اعمالا ارهابية "قاعدية" في لبنان ، هو حلقة من حلقات ميشال سماحة وعلي مملوك وآخرين من اصحاب الايادي البيضاء .
الحقيقة الكبرى هي خوفي من ان يصبح اتباع النظام السوري في لبنان اتباع  سوريا الجديدة ونعود للدوران في حلقة مفرغة مرة اخرى. والحقيقة المؤسفة بأن لا نهاية قريبة لنظام الاسد الا بعد تدمير سوريا تدميرا شبه كامل وذلك رغبة من الجميع:
ان اميركا واسرائيل تؤيدان استمرار سفك الدماء وتدمير البنى التحتية في سوريا حتى لا يتسنى لهذه الدولة ولنظامها الجديد النهوض مجددا والمطالبة بما لم يطالب به نظام البعث ، الا بعد سنوات من اعادة البناء للحجر وللبشر ، ويخلق الله ما لا تعلمون .
ان ايران التي ايقنت انها ستفقد حليفها حزب البعث ، لا تريد انتقالا سريعا للسلطة والابقاء على قوة سوريا لأنها تعلم بانها " اي ايران " لن تكون حاضرة في سوريا الجديدة .
ان روسيا أيضا تريد انهاك سوريا ليتسنى لها المشاركة في اعادة اعمارها من جديد والاستفادة من الاستثمارات الهائلة فيها مستقبلا . المؤسف ان كل دول الجوار السوري تؤيد تفتت سوريا وتشرذمها حتى يهدأ بالها اقله لعدة سنوات بعد ما مرت به من مكائد وتدخلات بشؤونها الداخلية ايام حكم البعث .
ان السؤال الذي يطرح نفسه ويحير الجميع : ماذا بعد ؟ بماذا يفكر اتباع النظام السوري في لبنان مع العلم بانه قاب قوسين او ادنى من نهايته وهو رهن بموقف القيادة الروسية وحدها ؟ ماذا سيفعل البعث اللبناني بعد وصول البعث السوري الى سيبيريا ؟ ماذا سيحل باستراتيجية حزب الله الدفاعية والهجومية بعد فقدان الحليف الاقرب . ماذا سيحل باستراتيجية 8 آذار كلها وبمواقفها وخياراتها ، وهل من عاقل يدرك مدى اقتراب انزلاق الامور الى الهاوية ؟ ما هي استراتيجية 14 آذار لمرحلة ما بعد الاسد ؟ وما هي مواقفه وطروحاته لشركائه في الوطن ؟
اسئلة تكمن الاجابة عنها في نفس كل لبناني شريف وعلى لسان كل لبناني وطني وهي بسيطة جدا :
ان لبنان يتسع للجميع فليرحل النظام السوري ويقر اتباعه برحيل ذيوله وآثاره ، ونحن اللبنانيون قادرون على استيعاب بعضنا البعض ، وقادرون على المسامحة الحقيقية ، وقادرون على العيش المشترك ، وقادرون على ردع كل التدخلات الخارجية ومن اي مصدر، وقادرون على فهم هواجس بعضنا البعض ومعالجة مخاوفنا ، قادرون على حماية بلدنا وصونه والدفاع عنه بوجه كل معتدي .
ان مواقف فخامة رئيس الجمهورية الاخيرة ، لهي مدعاة فخر واعتزاز لنا جميعا ، فقد اثبت فخامته ان الرئاسة الاولى هي الصخرة التي سيبنى عليها الامل بإعادة رسم لبنان الجديد لبنان الرسالة والحضارة والحرية والكرامة . نعم لنقف كلنا خلف الرئيس وندعمه بكل ما اوتينا من قوة ، ولندعم الجيش ونقف معه لأنه خشبة خلاصنا اليوم وغدا وبعد غد ، وآن الاوان لان نعود الى رشدنا وخيارنا الوحيد الصحيح : لبنان .
اقول كلمة وليحاسبني التاريخ ومن يريد ان يحاسب ، ان الخطر الحقيقي على لبنان هو من سوريا وايران وليس من اسرائيل فقط، ان اسرائيل جربت واتعظت وفهمت ان لا سبيل لها في لبنان الا السلام وعليه ستبني كل خططها وخياراتها . فلنعمل على صون وحدتنا الداخلية والوقوف بوجه كل من يتدخل بشؤوننا ولنكن مستعدين للحرب وللسلام في آن معا ، واننا لقادرون بدون شك .