الخميس، 21 نوفمبر 2013

فخامة الرئيس


لا ادري فعلا اذا كان من الصواب ان اكتب الى فخامتكم ، ولا ادري اذا كانت كتابتي المباشرة هذه ، هي خرق للأصول وتخطي للبرتوكول او ربما الخوف من ان اكون قد قفزت فوق حدود اللياقة وارتكبت مخالفة يعاقب عليها القانون ، ولكن المعروف عنا نحن اللبنانيون باننا نجازف كثيرا ونغامر اكثر ، وربما تجدني فخامتكم من اللبنانيين المغامرين القلائل الذين آمنوا في مكان ما وفي زمان ما ، بذلك العرين القوي الذي لا تهزه رياح ولا تثنيه شدائد عن سماع اصوات من ينادون ويأملون . اقول وانا على يقين بأن الكثيرين سيضعون الف علامة استفهام على كتابي هذا وسيرمونه بشتى عبارات التنديد والاستنكار والاستهجان ، كونه من لبناني مخلص ومن جنوبي مؤمن بوطنه ، في وقت لا يجرؤ جريء على قول الحقيقة  ،لأنه لا يزال تحت وطأة ان الحقيقة جرم وعيب وحرام .

فخامة الرئيس

تحية وطنية

تحية وطنية من مواطن مخلص تربى على الوطنية منذ نعومة اظافره ، تربى وسط عائلة وطنية لا تعبد الا الوطن بعد الله ، ولا تعترف بطائفة ولا بمذهب .تحية وطنية من شاب حفظ الوطن منذ ان كان يرسمه على دفتره الصغير ويرسم حدوده في مخيلة لا تعرف الحساب السياسي ولا صفقات الولاء ، حمله في مسيرة الاستقلال وفي ذكرى الشهداء وعيد الشجرة  ويوم الجلاء . شاب حمل لبنان مع الحسون والشحرور والباشق ، وحفره على جذوع الزيتون والصنوبر والسنديان ، تحية مراهق طبع الارزة على ذراعيه واسكنها قلبه قبل ان يرفعها علما ويحميها نذرا من فوهة بندقية وطنية شريفة .

فخامة الرئيس

تحية جنوبية

تحية جنوبية من جنوبي عاش المآسي والويلات من حروب الآخرين على ارضه ، ومن اطماع الطامعين واهمال المسؤولين ، من مواطن كان يُدل عليه بالإصبع على انه مواطن درجة ثانية وثالثة . تحية جنوبية من انقاض اتفاق القاهرة وبقايا ابي الهول وابي الجماجم وعناتر منظمة التحرير ، تحية من انصار الجيش اللبناني الذين فدوه بالغالي والنفيس وكافأهم الوطن بالطي والنسيان والتهميش . تحية من الجنوب الذي علّم الناس الصبر والصمود والتضحية ، هذا الجنوب الذي اهدى الوطن شعلة البقاء وسيرة النقاء وحكمة العقلاء .

فخامة الرئيس

تحية عسكرية من جندي حمل لبنان تاجا وزينه بألف نجمة براقة قبل ان تبرق نجمة عطاءه ومثابرته ،

تحية عسكرية من طالب احتياطي احاط الوطن بكل عناية واخلاص ومحبة ، فباركته صيدا برصاص الفتنة ، وقلدته النبطية وسام البندورة والحجارة ، واطعمته القليعة لقمة مغمسة بالفخر والاعتزاز .

تحية عسكرية من جندي قاوم الهيمنة الاجنبية وحارب اهمال السلطة وغيابها ،هبّ بعد ان ناداه الواجب ، وصرخ فيه الوطن لحاجة ملحة فكان من انصار الجيش ، ومن ثمّ من الجيش الى ان اعطاه الوطن شرف التجمع وثار بركانا دفاعا عن الوجود والكيان ، فكان الجندي وكان الضابط وكان المحارب الجنوبي الذي سخّر كل ما تطال يده لمصلحة الهدف السامي المشرّف .

تحية عسكرية الى القائد الاغر والبطل المغوار ، عندما قدتم الجيش في معركة الكرامة في نهر البارد ، وكم تمنيت لو استطعت المشاركة مع كثيرين ممن ارادوا لهذا الوطن العزة والكرامة .

تحية عسكرية ، في زمن ولّى فيه وقار العسكر وانحدر احترام البزة الخضراء وعلت قيمة اللحى وازدهر سوق الطوائف والمذاهب ،وراجت تجارة الجثامين تحت ذريعة الجهاد والآخرة .

فخامة الرئيس

اقول وبصوت عال ومدوي وبالفم الملآن !!!!

نحن من آمن في زمن كان ولا يزال الجميع في زمن جاهلية الكيان،

نحن من خدم وقدم وضحى في زمن هروب الآخرين وتقاعسهم،

نحن من تجرد في زمن المصالح،

نحن الجيش الجنوبي وبكل فخر واعتزاز واحترام نقول لفخامتكم : نحن العيش المشترك ونحن السلم الاهلي ونحن الوطن الحقيقي ونحن لبنان "نعيمة وجبران ".

نحن من دق ناقوس الخطر واطلق نيابة عن كل لبنان ، حارب ووقف في وجه من يهدد كيان الوطن ويقوض اسسه ومؤسساته ،

نقول لفخامتكم :

نحن الجيش واسألوا العماد حنا سعيد ومذكرته التاريخية ، واسألوا جيشكم في جزين في زمن جزين وحلم جزين .

نحن القضاء وحماة القضاء والقضاة واسألوا حضرة القاضي الياس نايفة .

نحن التربية والعلم وبناء الوطن والمواطن واسألوا الدكتور ايوب الشحيمي .

نحن الامن وحماة امن الوطن ورجاله المخلصين واسألوا العميد روجيه سالم .

نحن الولاء والانتماء وحجر البقاء واسألوا من غاب وعاد واجتمع وحاور وتحالف .

نحن ... نحن ،،، وكم من شهود خلف الكواليس واسماء بين القواميس ، كلمات منسية في زمن نسي اللبناني ابجديته واصبح في فقه الفارسية والعبرية والصينية ، ناهيك عن لغات الام الخليجية والاخت المريمية ، لغات لا نفهمها بل نطبق قواعدها والسرُّ في الثمن الزهيد والسوء المبرر .

فخامة الرئيس

عشية الاحتفال بيوم الاستقلال ، نتطلع ونحن في حيرة من امرنا نحو هذا الرمز وهذا المثال ونطرح على انفسنا تساؤلات عديدة حول هذا الاستقلال : بعضنا يشكك والبعض الاخر ينكر وآخر يبكي على استقلال حقيقي .

اي استقلال والسلاح ينصر فئة على اخرى ،

اي استقلال والولاء للخارج والانتماء للخارج ،

اي استقلال ونحن اضعف من ان نحل مشكلة ناطور احراج او حارس بناية .

اي استقلال والطائفة عندنا قبل الوطن .

اي استقلال وحماة الاستقلال خارج وطن الاستقلال ، وصاحب الارض مهجر فيها .

اي استقلال ولا نزال نحمل عبء اخطاء الآخرين ، فكم من اعباء تحمّلنا ، وكم من اثقال تثقل كاهلنا ، والى متى ؟

فخامة الرئيس

كم تحزنني المعرفة ، ولطالما تمنيت الجهل لأبقى سعيدا

ابكي على آتٍ لا امل فيه ، واسعد لغياب ماضي تألمت منه ، واخشى ما اخشاه من فراغ  ينهي ما تبقى من ركائز واسس .

 

حفظ الله لبنان من شر محبيه.