الاثنين، 13 فبراير 2012

الدروز،،،ولاء وعطاء

                                   
انه غني عن التعريف وغني عن الكتابة ، فكل مواطن في الشرق بل في معظم انحاء العالم يعرف تاريخ الدروز ويدرك تماما مواقفهم الوطنية والدينية وحبهم للأرض وتعلقهم بها وحفظهم للكرامة الشخصية ومرتبة الاخوان المقدسة . نعم وبكل فخر نقول انهم جبلة من الوفاء والولاء والمواقف المشرفة .
اخي القاريء
بالعودة الى التاريخ الدرزي المعاصر نتوقف عند الظاهرة الفريدة التي ميزت مواقف الدروز اينما وجدوا. انه الولاء المطلق للدولة التي يعيشون فيها وبذل كل غالي من اجلها ومن اجل صون ارضها وحدودها وهذه هي الميزة التي حفظت الدروز في كل مكان تواجدوا فيه رغم الحواجز الجغرافية احيانا ( كما الحال مع دروز اسرائيل ) ورغم الحواجز الحزبية والسياسية احيانا ( كما الحال مع دروز سوريا ) ، ولكن اثبت الدروز في نهاية الامر ان ما يصيب احدهم يصيب الجميع وهذا ما وثقته الاحداث التي طبعت التاريخ الدرزي منذ عام 1860 وحتى ايامنا هذه .
ثلاثة تجمعات درزية توزعت على ثلاث دول متجاورة في حالة حرب احيانا وحالة انقطاع احيانا اخرى والتواصل بينهما خاضع لشروط معقدة .
دروز اسرائيل ، اعلنوا وبكل وضوح وبما لا يقبل الشك ابدا ، ولاءهم للدولة الاسرائيلية منذ نعومة اظافرها ، واعلنوا انهم جزء لا يتجزأ من هذه الدولة يقومون بواجباتهم ولهم كامل حقوقهم  وبغض النظر عن مدى حصولهم على هذه الحقوق ثبتوا مكانتهم بالدولة وثبتوا في ارضهم وقراهم في وقت كان فيه السكان الفلسطينيون يغادرون وينزحون خلال حرب 1948 وبعدها . منذ ذلك الحين والدروز يحملون راية البقاء والصمود في ارضهم والبندقية للحفاظ على دولتهم، عملوا على تثبيت اقدامهم وانخرطوا في المجتمع الاسرائيلي بإرادتهم وقوة عزمهم واثبتوا انهم اهل للثقة دون الرضوخ لأية عوامل خارجية وعدم تأثرهم بما كان يدور من حولهم بل اخذوا القرار المناسب لبقائهم واستمرارهم .ان ما يميز دروز اسرائيل عن اخوانهم في لبنان وسوريا هو طابعهم السياسي الديمقراطي ضمن اللعبة السياسية والحزبية الاسرائيلية ، تحلقوا حول زعيم روحي كلمته كلمة ورايه امر وخاطره مصان ولا عودة عن قبوله والعمل بموجبه منذ البداية وحتى وفاته ، كان الشيخ امين طريف "رحمه الله" الراس الديني التوحيدي الموحد الجامع لدروز اسرائيل بل تعدت خواطره الحدود وبات رمزا دينيا ونذرا وفيا للطامح للراحة الدينية والرضا والرحمة الالهية . لم تكن لهم زعامة سياسية تقليدية كما معروف لدى الاخرين وذلك للديمقراطية الاسرائيلية التي اعطت حق التقدم والترشح والتحزب والاختيار لكل مواطن درزي فيها .
خلال حرب الجبل في لبنان 1983 هب الدروز في اسرائيل لمساعدة اخوانهم في لبنان على ما كانوا هم بصدده وليس لفرض راي مع هذا او ذاك ، فقط قدموا المساعدة ليتمكن دروز لبنان من تثبيت خيارهم والوصول الى مبتغاهم وهدفهم ، وهذا كان قمة العطاء والوفاء وقمة الديمقراطية الصحيحة بعدم التدخل بشؤون الطائفة في لبنان فهم ( اي اللبنانيون) ادرى بالحال التي يمرون بها وهم ادرى بالحاجة التي يريدونها وهكذا انتهت تلك الامور بالطريقة الصحيحة وجازى الله الخيريين وباركهم .
من جهة اخرى اثبت دروز سوريا ايضا بزعامة سلطان باشا الاطرش (رحمه الله )بانهم قوة لا يستهان بها  وانهم ركيزة من ركائز الاستقرار ليس في سوريا فحسب بل في الدول المجاورة ايضا ، فكانت ثورة 1925 لتبرهن للقاصي والداني بان الوعد الدرزي هو وعد ولو كلف مئات بل آلاف الشهداء وان الولاء الدرزي للأرض والوطن لن تثنيهم عنه فوائد ولا مصالح فكانت فرنسا وبريطانيا وايطاليا والغرب ، كانوا كلهم باعتراف كامل وجلي بقوة باس الدروز ووفائهم لمبادئهم ولأوطانهم ،اضف الى ذلك قادة الثورة العربية الكبرى وابان الحرب العالمية الاولى والثانية ورجال التاريخ كلهم اقروا بان الدروز كانوا و سيبقون الحجر الاساس في بناء الدولة السورية بغض النظر عن نظامها السياسي او خطها العقائدي ، فكان الدروز دائما الى جانب من يروه مناسبا لقيادة الامة بكافة طوائفها ومذاهبها ، من هنا جاء الدعم للرئيس حافظ الاسد قبل دعم نظام البعث فكانت النتيجة رد قاس على ابطال الدروز الذين ساندوه وعلى راسهم سليم حاطوم ورفاقه ، ومحاربة السلطان باشا بشتى الوسائل للحد من نفوذه على قيادة الدروز وبالتالي نزع الصفة الدرزية عن جبل الدروز وتسميته "بجبل العرب " . بالرغم من كل هذا بقي الدروز موالين للدولة واجهزتها وانخرطوا بكل قناعة ووفاء بالجيش وحاربوا اسرائيل وجيشها بمن فيهم الدروز ايضا كما فعل دروز اسرائيل بالمقابل وهذا يثبت مرة اخرى ولاء الدرزي لدولته اينما وجد . الجدير بالذكر ان بعد وفاة سلطان باشا الاطرش لم تتجدد اية زعامة درزية سياسية او عائلية في جبل الدروز وبقيت زعاماتهم محلية عائلية على نطاق ضيق ومحصورة دينيا ورسميا بشيخ عقل الطائفة .من هنا يمكننا القول بان التقارب من دروز لبنان كان ضروريا وحاجة ملحة لصالح الجميع وهذا هو "بيت القصيد " الذي لعب عليه الرئيس حافظ الاسد لاستمالة الدروز اليه ،  بتأييد اعمى ومطلق باستعماله الزعامة الدرزية اللبنانية لإقناع الى حد ما  دروز سوريا ودفعهم الى القبول دون اي تحفظ بما كان يراه الاسد مناسبا له قبلهم ولحزبه قبل الدولة . ان انقطاع دروز سوريا عن دروز اسرائيل بعد عام 1948 وعن بعضهم البعض بعد عام 1967 دفعهم الى دروز لبنان اكثر ، البعد الطبيعي لهم ، لشد اواصر العلاقة الدينية والاجتماعية والسير في خطى المصير المشترك بينهما ، لذلك نراهم الآن يعيرون انتباها واحتراما شديدين لكل ما يصدر عن دروز لبنان ويحاولون ان يكونوا جزءا من الاستراتيجية المشتركة لكلا المجموعتين .
ان دروز لبنان وهم التجمع الاكبر في الشرق الاوسط ولهم باع طويل في كل مجالات الحياة منذ عهد الامير فخر الدين وحتى يومنا هذا . انهم بدون شك الزعماء الحقيقيون من الناحية التاريخية ، لذلك دأبوا منذ البداية على رسم لبنان الوطن الاول والاخير لهم في مواجهة الموارنة الذين يملكون نفس الرؤية التاريخية بالنسبة الى الوطن الام – لبنان - . من هذا المنطلق كانت الخلافات المتعددة بين الطائفتين منذ 1860 والتحالفات بعدها ، ومرورا بعهد الانتداب ومعركة الاستقلال التي خاضها الدروز بكل شرف وكرامة وولاء للوطن الى جانب إخوانهم المسيحيين والمسلمين .
اخي القاريء
لست هنا بوارد كتابة تاريخ الدروز ولست بمؤرخ ولا بموثق ، بل جل ما اردته هو تسليط بعض الضوء على بعض من مواقف الدروز في مختلف اماكن تواجدهم . ازاء هذه المعطيات الا يجدر بنا التوقف والتأمل واخذ العبر والدروس من كل ما جرى سابقا والاحتفاظ بالحد الادنى من القرار الصحيح والموقف الحكيم بما يخص الدروز ؟
لا يخفى على احد بان نظام البعث في سوريا كان ولا يزال يكن العداء للدروز وهو يتحين الفرص لضرب هذه الطائفة او ضرب رموزها ، فكانت البداية بعد انقلاب الاسد في السبعينات وازاحة كل من كان في طريقه او يشكل تهديدا او ازعاجا لنظامه فتخلص من الكثيرين من ضباط وناشطين دروز، ومن ثم الى حصار سياسي وطائفي واجتماعي لدروز الجبل وعدم السماح لهم بالتواصل الحقيقي مع اخوانهم في لبنان ، ولا ننسى لدخول القوات السورية الى لبنان ومحاربة الدروز عام 1976 واغتيال الزعيم كمال جنبلاط لاحقا عام 1977 ، بالرغم من كل هذا بقي دروز سوريا ملتزمون بقرارات دولتهم وبمبادئهم ولم يتدخلوا ابدا لا ايجابا ولا سلبا بمجريات الامور في لبنان ولا بقرارات الطائفة الدرزية فيه .كذلك الامر خلال الحرب الاهلية وحرب الجبل لم يكن لدروز سوريا اي تدخل سياسي او طائفي في تلك الاحداث ولم نكن نرى ابدا زعماء دروز من سوريا يحاضرون عندنا عن هذا او ذاك ولا يفضلون هذا على ذاك .
اخي القاريء
خلال حرب الجبل وبعدها بانت قوة التدخل الدرزي من اسرائيل في قلب الموازين في تلك المرحلة ، وبعد ان وضحت الصورة للقيادة السورية عن مدى قوة الدروز وتأثيرهم على المستوى السياسي والعسكري والاجتماعي على جيرانهم وبعد انسحاب اسرائيل من لبنان وخلو الساحة اللبنانية لها ، اخذت القيادة السورية قرارا بزعزعة قوة واستقرار الدروز في اسرائيل والضرب على ادق وتر في حياتهم وهو الوتر العسكري بالدعوة اليهم لعدم الخدمة في الجيش الاسرائيلي . لم تعط هذه المحاولة ثمارها المطلوبة وفشل هذا التدخل مع العلم اليقين بان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والذي اجبر بطريقة او بأخرى على القيام بهذه المهمة قد عرف فعلا كيف يوصل رسالته هو الى دروز اسرائيل وهي المتابعة بما يرونه مناسبا لهم وعدم الاصغاء الى احد حتى وان كان وليد جنبلاط نفسه، كذلك اثبت دروز اسرائيل بانهم ادرى من غيرهم بوضعهم وبمصلحتهم العليا وبانهم جزء لا يتجزأ من دولتهم دولة اسرائيل وانهم بحكم وجودهم في دولة ديمقراطية تنعم بحرية الكلمة والراي عرفوا فعلا بانهم مطالبون بالبقاء يدا واحدة وقوة واحدة لان دورهم سيستمر تجاه اخوانهم والقادم على الدروز اشد مرارة من الذي مضى.
ان اية مثالثه في المشهد الدرزي ستبوء بالفشل الذريع ، ولا ادري لماذا لا يرى البعض هذا الامر في لبنان ، ان الدروز ومنذ انطلاقتهم السياسية والحزبية والاقطاعية اثنان لا ثالث لهما : الجنبلاطية والارسلانية وستبقى كذلك مهما تغيرت الاسماء من حزب اشتراكي الى حزب ديمقراطي ، فلا دروز في اليمين كله ولا في اليسار كله وكما يقول المثل العامي : " اجر في الفلاحة واجر في البور " ولن تكون هناك رجل ثالثة ابدا وليعلم ذلك من يعنيه الامر واقصد هنا الاستاذ وئام وهاب الذي يلعب دورا غير محمود اطلاقا ولا يخدم المصلحة الدرزية بشكل عام وخاصة تجاه دروز سوريا . فلماذا لا ندع امرهم بأيديهم ولماذا لا نتركهم وشانهم بتقرير مصيرهم واعطائهم حرية الخيار دون وعيد او تهديد " ودون سرامي او ميداليات " ، فان هذا التدخل سيؤدي الى عواقب وخيمة على الصعيد الطائفي الداخلي وعلى صعيد علاقة الدروز ببقية شرائح المجتمع السوري واللبناني . لا احد ضد زيارات الزعماء اللبنانيين الدروز الى اخوانهم في سوريا ، وقد شهدنا عدة زيارات للزعيمين وليد جنبلاط وطلال ارسلان ، وبقيا ضمن حدود المنطق والمعقول وضمن احترام خصوصيات الطائفة ، وضمن نطاق الحدود المتاحة للتدخل في الشؤون الداخلية اجتماعية كانت او سياسية ، حبذا لو يدرك السيد وهاب ان السرماية قد كبرت على قياس رجله وان الحرب بالسرامي قد انتهت وبدأت تنزلق من ساقه .. ويا خوفي من ان تكون سرماية دروز الجبل اشد الما وسطوة من كرباج مخابرات البعث .

هناك تعليق واحد:

  1. اخي الكاتب المحترم!ان طائفة الموحدين الدروز هي اْقلية صغيرة في الشرق الاوسط,لم تطمح لبناء دولة درزية .الدروز متشبثون بالارض في كل مكان يعيشون فية وقلما تجد لاجئين دروز في العالم.الدروز في اسرائيل اتخذوا قرارهم بالولاء لاسرائيل لاْسباب عديدة واْهما سلوك العرب والبدو المشين للطائفة الدرزية قبل قيام اسرائيل من حيث التعدي على المال والحلال والسرقات وووو لا استطيع كتابة الكلمات لانها صعبة وسلوك امتنا اْصعب. والسبب الآخر وهو الولاء للدولة الحاكمة ايا" كانت وذلك للحفاظ على الارض والعرض والكيان والوجود.ان الطائفة الدرزية في اسرائيل لا تتدخل في شؤون الطائفة في سوريا او لبنان اللهم الا كان هناك تهديد للكيان الدرزي عندها تنقلب المعادلة.فالدروز قدموا ما يستطيعون تقديمة لدروز لبنان في حرب الجبل ومارسوا حقهم السياسي والطائفي والديني على اكمل وجه وذلك في احلك الظروف.هكذا سنبقى وهكذا سنتصرف دائما".

    ردحذف