الخميس، 22 ديسمبر 2011

الآتي اعظم

صدف اني كنت مدعوا الى مأدبة عشاء اقيمت على شرف احد الاصدقاء ، ولسوء الحظ وصلت متأخرا بعض الوقت . اتخذت موقعي انا وصديقي المتأخر ايضا الذي انهكه الجوع ودفعه للبدء بتناول ما وصلت اليه يداه . همست بإذنه وقلت له تمهل ان الآتي اعظم ، فقال نعم والحمد لله اني مرتاح وليحصل ما يحصل ، وكأنه فهم الامر على انه صلاة قبل الاكل او شيئا دينيا وتابع تناول طعامه فرحا ومسرورا بنوعية الطعام وتنوعه. قلت له للمرة الثانية ؛ انتظر ان الجاي اعظم ولكنه لم يعرني انتباها وتابع الى ان احس بالشبع قليلا وبالتخمة بعد تناوله مشروبا وبعد اخذه الطعام بسرعة قياسية . وكم كانت مفاجأة صديقي هذا صاعقة عندما وصلت طلائع المشاوي من اللحم والدجاج وخاصة كبد الاوز المشوي فصرخ غاضبا : هلّق جبت اللحم بعد ما شبعت ؟ والتفت ناحيتي معاتبا : لماذا لم تقل لي ؟ فقلت له : لقد حاولت ان اذكرك بان الطعام الشهي على الطريق وان الجاي اعظم ولكنك لم تلتفت اليّ وتابعت اكلك ، هزّ برأسه وقال :على كل حال ان هذا الطعام الآتي لا يناسب معدتي فخير فعلت بتناولي ما تيسر لي . وهكذا لقد تناولت بمفردي وبهدوء ذاك الطعام الشهي وصديقي يندب حظه المتعثر ويردد " صحيح ان الجاي اعظم "
عزيزي القاريء
بدأ الربيع العربي وانتقل من بلد الى آخر بسرعة قياسية لم يتصورها مراقب ولا محلل ، وظن البعض على انه قاب قوسين من نهايته وان ثماره بات قطافها لمن سبق .اكد الجميع ان هذا الحدث سيغير مجرى التاريخ في الشرق الاوسط ، وان مروره بالتداعيات التي رأيناها لهو دليل خير وبركة على ان الامور قد مرت باقل خسائر ممكنة وباقل اثمان دفعتها شعوب هذا الربيع ، وباتت الاحتفالات تغلب على الآمال ، والفرحة بهذا الانجاز تجاوزت الاهداف وراح كل فريق يطبل ويزمر مدعيا النصر والمسؤولية الاولى بهذا الحدث ، ولكن اقول لا ، تمهلوا " ان الجاي اعظم "
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والشعوب العربية تتطلع الى التحرر وتقرير المصير ، وقد لاقت فكرة التحرر العربي قبولا واقبالا شديدين لدى الشباب الذي ذاق ويلات السيطرة والاحتلال تحت راية الانتداب ، وانتفض هذا المارد الذي افاق على طعم الحرية وهلل وفرح لدحر الانتداب دون درايته بان " الجاي اعظم " . نفضت هذه الشعوب يدها من الاستعمار وبدأت بذور التحرر تتفتح رويدا رويدا وما ان لامست ضمير الامة حتى ابتلت هذه الامة بمصيبة جديدة وهي قضية فلسطين . هذه القضية التي وضعت الشعوب العربية من جديد في قفص الاستعمار الجديد ولكنه استعمار داخلي ، استعمار الانظمة العقائدية والمستبدة والمستعبدة لكل هذه الشعوب ، وعادت فكرة التحرر العربي والاتجاه نحو الديمقراطية مجرد حلم بل تعداه ليصبح خيانة اذ ان التحرر يخدم مصلحة العدو وان عظمة الازمة الراهنة تستوجب الوقوف والتأمل بان " الجاي اعظم " .
بدأت الثورات العربية ضد الانظمة الرجعية المستسلمة واستولى قادة شباب على الحكم في عدة دول عربية وكلهم رواد عهد جديد من استرجاع الكرامة والعزة وبدأت معهم مقارعة اسرائيل من اجل القضية الفلسطينية بالتزامن مع معاقبة الجماهير وحشرها وحصرها وحصارها . داهمت بعض الانظمة انظمة اخرى بحركات تصحيحية وانقلابات عسكرية اوصلت عقائديين ورجالا متعطشين للسلطة ، سلطة الفرد الواحد قبل الحزب الواحد ، وسلطة العائلة قبل العقيدة ، وهكذا شهد الشعب العربي من المحيط الى الخليج تعبئة وتحضيرا وتحذيرا وقلقا من عدوين اثنين في المنطقة ، عدو خارجي وهو اسرائيل واميركا والمحور الغربي كله ، وعدو داخلي شرس يطمع الى السلطة الشرعية الدينية على حساب الديمقراطية كما كانت تزعم تلك الانظمة وهو " الإخوان المسلمون " . سخّر هذا النظام الجديد مقدرات الشعوب وصادر ارزاقهم ومالهم وبالتالي ارواحهم في سبيل القضية الكبرى "فلسطين" ثم ما لبثت ان اصبحت قضيته هو باستعادة اراضيه المحتلة متخذا من هذه القضية المستجدة ذريعة لمصادرة ارادة الشعوب وتطلعها الى التغيير ومحددا لهم العدو الجديد بعد ان اقنع الجماهير بالأبواق الرنانة بخطورة " الاخوان المسلمين " واستمرت الحالة اعواما طويلة والحكام مسيطرون ومستمرون بالضحك على الشعوب وبتخويفهم من الاخوان اولا ومن اسرائيل ثانيا .
نعم لقد سقطت قصة الخوف من اسرائيل لدى الشعوب العربية وذلك بعد ان اقدمت غالبية هذه الانظمة  على ابرام معاهدات سلام او عدم اعتداء مع اسرائيل او بإبقاء الحال كما هو  بلا حرب وبلا سلم  او بلا حرب الى اجل غير مسمى فكان سلام الحكومات وحذر الشعوب  وبدأ اهم سبب لبقاء هذه الانظمة بالزوال وهو العداء لإسرائيل ، والتفتت هذه الشعوب الى حالها ووضعها الداخلي المهترئ  سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والاهم من كل ذلك الوضع الاستراتيجي للبقاء كدول ذات سيادة ومنفعة ، وبدأت الثورات بشرارة تلو الاخرى  من تونس الى مصر الى اليمن وليبيا وسوريا ، كلها تنشد التغيير الى الافضل والى الاحسن وبكلمة اخرى لم يعد يستطيع الحاكم العربي تخويف الشعب بإسرائيل ولم يعد ممكنا اللعب على الضمير العربي ولا على التضامن العربي ولا على صيانة الانظمة القائمة من مد التيار الاسلامي بمختلف تشعباته الا من خلال القمع والضرب والاستبداد .
هللّ اللبنانيون عام 2000 بانتصار حزب الله بانسحاب اسرائيل من الجنوب دون قيد او شرط ، وانشدوا نشيد النصر غير مبالين بالحناجر التي اخرجت وانتجت هذا اللحن فكان كفيلا بمحو آثار هزائم 48 و67 و73 و82 وان العام 2000 هو عام " نوبل العالم الاسلامي " الذي سرعان ما اصبح (وابل على الشعب اللبناني )، ولكنهم نسوا ان " الجاي اعظم " .
 لقد بدأ الشعب اللبناني بادراك " الجاي اعظم " بعد عام 2000 بسيطرة حزب الله واعوانه على الساحة الامنية اللبنانية وبسيطرة سوريا على مفاصل السياسة فيه وتوجت هذه السيطرة بحرب عام 2006 ، حرب استرداد الاسرى او حرب استرداد مزارع شبعا او الغجر او حرب التماس الايراني مع اسرائيل ، فلا احد يدري السبب الحقيقي لهذه الحرب المدمرة ولكنها كانت الصوت المدوي الذي ايقظ اسرائيل من جهة وايقظ الشعب اللبناني من جهة ثانية ووقف كل منهما متأملا وواثقا بان " الجاي اعظم " من كل هذا .الاتي اعظم من اسرائيل في المرة القادمة بدون شك ، وارجو من الله ان لا نمر بتجربة  هذا " الآتي اعظم " ، والآتي اعظم بالنسبة للبنانيين هو بترسيخ وتثبيت حكم حزب الله وسيطرته على عقول بعض اللبنانيين الجهلة الذين وجدوا في الحرب متعة وفي الانتصار محطة دائمة وقد وصل الاعظم في السابع من ايار واسقط الحريري والحبل على الجرار .وانتشر وتشعب "الآتي اعظم " .
لا تقدر فرحة العراقيين بالخروج الاميركي من العراق ، فرحة المؤيدين لإيران وخوف البعثيين اي ما تبقى من نظام البعث المنحل ، وبكلمة اوضح من العرب السنة العراقيين الذين لبسوا ثوب القاعدة مرغمين للدفاع عن النظام ولمحاولة اخذ محط رجل في النظام الجديد ، ولكن بعد الانسحاب الاميركي سيرغمون بدون شك للدفاع عن انفسهم من ثأر الشيعة الذين لم ينسوا استبداد حزب البعث اي حزب السنّة في العراق . هذا المشهد الذي يضم نقيضه في آن ؛ عدو لمن انقذه من عدو، وصديق لمن كان دائما عدو . والآتي اعظم ،،،
عزيزي القاريء
كلٌ يشرح عظمة الآتي فيما يخصه من هذا الآتي تحت شعار " المؤامرة ". نعم ان الربيع العربي مؤامرة لمن لا يرغب بتحرر الشعوب واعلاء كلمتها ، مؤامرة على الحكام ومؤامرة على النظام ومؤامرة على التوريث والتمديد ،  ناهيك عن تهمة التآمر ايضا لكل من يركب ركب الغرب ، ولكل من لا يركب ركب العداء لإسرائيل، أيضا لكل من لا يرى في ايران او كوريا اما للديمقراطية والحرية وحقوق الانسان . ايضا وأيضا مؤامرات التدخل في الربيع العربي سواء اكان عن حسن نية ام عن سوء نية ، جماهير غاضبة من الانظمة السابقة وجماهير غاضبة من انتهاء الثورة بالشكل الذي لا ترغب فيه وأخري غاضبة لان هذا تدخل وذاك لا ولا يدرون ما صنعت اياديهم ولا ان الآتي اعظم من مشاريع الجيران الغيارى .لذلك تسارع دول الجوار لأخذ الربيع العربي  حسب ما تراه مناسبا لها  بالدرجة الاولى وفيما يخص توجهاتها واستراتيجيتها لان التكتيك الآن لا ينفع بل الواجب ترسيخ سياسة ثابتة ونافذة وثاقبة تستطيع استدراج اكبر عدد ممكن من المؤيدين لهذا المشروع او ذاك او القبول بفكرة المؤامرة لتغذية مشروع على آخر  دون الشروع في قراءته او فهمه وتحليله او تفسيره .
ثلاثة مشاريع تنتظر ابتلاع الربيع العربي؛
الاول : وهو المشروع العربي الحاضر اي الثورات العربية المتلاحقة ونشوة الانتصار للجماهير التي عانت طيلة عقود طويلة من الاضطهاد والقمع ، فبعد هذا الانتصار الذي يشبه الحلم في سرعة تحقيقه نرى ان الجماهير العربية ربما قد اعتادت البقاء في الشارع لكل صغيرة وكبيرة وان لغة الحوار اصبحت بالحجر والمتراس وقطع الطرقات والمطالبة بشيء ثم الصراخ لإلغائه ، وهذا هو المشروع الاخطر للنظام العربي الجديد الذي لم يبصر النور بعد ، الا وبدأ الخلاف بين اهل البيت الواحد على اقتسام الجبنة اذا صح التعبير. اما اذا عدنا الى المشروع العربي كمشروع عام يقارب مشاكل المنطقة بشكل عام من القضية الفلسطينية الى مشكلة البرنامج النووي الايراني الى مشاكل الانسحاب الاميركي من العراق والثورة السورية ، فإننا نرى ان العرب لا يملكون اي مشروع حقيقي لانهم فعلا لا يملكون رؤية واضحة في هذا الوقت الا مشروع المبادرة العربية للسلام التي للأسف فات الوقت بشأنها نظرا لغياب انظمة عديدة كانت قد ساهمت في صنعها ، مع العلم بان المبادرة الخليجية لحل الموضوع اليمني لا تزال قيد التنفيذ وهي منفصلة عن اي علاقة عربية شاملة ذلك انها وضعت لإبعاد شبح الثورات عن دول الخليج قبل كل شيء ، في حين يتخبط العرب بشأن مبادرتهم في سوريا وتذكرني هذه المبادرة بتلك التي كانت تخص لبنان في السبعينات حول قوات الردع العربية. وسط هذا التشتت في الخيارات والشعارات والفوضى في لملمة بقايا الانظمة السابقة ووضعها في اطار الاستفادة منها مستقبلا نرى ان المشروع الاسلامي بشقيه المعتدل والمتطرف اي "الاخوان والسلفيون" ، نرى ان مشروعهم بدأ بسباق قوي ومحموم باتجاه السلطة وامساك زمام الامور قبل ان يستفيق الباقون من نشوة انتصار الثورة واعادة الحسابات وميزان الربح والخسارة او بكلمة اوضح من ربح الثورة كحزب او تيار ومن خسر دون احتساب الشعب وما قدمه من شهداء وجرحى ودمار  .من هنا يأتي اهتمام دول الجوار باحتضان ما يمكن احتضانه من هذا المشروع الاسلامي الناشئ وترويضه قبل ان يفلت من زمام السيطرة ويذهب باتجاهات تخالف رؤية الطامعين ويجر الى ما لا تحمد عقباه .
الثاني : وهو المشروع الايراني الذي عمل دائما على تصدير الثورة الاسلامية الى الجوار وبث روح التحرر من القيود الغربية على الطريقة الاسلامية المدعومة من النظام الشرعي الاسلامي ،والتحرر من الانظمة الرجعية العربية التي تدور في فلك الغرب وذلك عبر مد اذرع الثورة الام الى كل مكان يستطيع فيه الفقيه الايراني الوصول دون الاخذ بالاعتبار طريقة تصدير هذه الثورة اكان بالقناعة او الترغيب او الترهيب وشهدنا على ذلك في لبنان حيث رسخت ايران ذراعا عسكرية اولا بحجة المقاومة ثم ما لبثت ان أصبحت مشروعا سياسيا لاستلام الحكم في لبنان عبر التأني والنفس الطويل بمساعدة النظام السوري الذي بدأ بدفع ثمن هذا التحالف بسقوطه القريب .من جهة ثانية استطاعت ايران الوصول الى التماس مع اسرائيل ايضا من خلال استفرادها بحركة حماس بعد انشقاقها عن السلطة الفلسطينية وبتشجيع من سوريا وبسبب اسرائيل ايضا من خلال الجمود القاتل بمسيرة السلام المتعثرة . ان هدف وصول ايران الى حدود اسرائيل لا يعني لمحاربتها ولو كانت هناك بعض مقدمات هذا التموضع الجديد بل ان الهدف يكمن في مقاسمة اسرائيل السيطرة على الجوار والتحكم بمقدرات هذه الدول . لذلك نرى ان المشروع الايراني في المنطقة الآن هو وقف تصدير الثورة الاسلامية التقليدية لان المنطقة تعج بالثورات المتلاحقة والمتوالدة من بعضها بل ان هذا المشروع يتجه  للحصول على الممكن من العالم الهش المتضعضع وبالسرعة القصوى قبل الانشغال القاسي بالملف العراقي القادم اليها من الاميركي على طبق من الالغام والحلوى الغربية . لا ارى شخصيا بالانسحاب الاميركي من العراق الا فخا لإيران لتغوص فيه ويلهيها عن التلاعب بالعالم العربي الجديد ، ولكي تتنصل اميركا من مسؤوليتها عن تقسيم العراق الذي سيحصل حتما  بعد حين .
الثالث : وهو المشروع التركي ، هذه الدولة التي بقيت نائمة طوال قرن تقريبا بعد انهيارها الكبير بعد الحرب العالمية الاولى 1918 ، وبعد معاناتها الكبيرة مع العالم الغربي حول قبولها بالاتحاد الاوروبي ، وبعد الاستغناء عن خدماتها الامنية والدفاعية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي . ان تركيا تجد نفسها الان امام فرصة سانحة لإعادة امجاد الامبراطورية العثمانية الكبرى في وجه الامبراطورية الفارسية بحلتها الدينية الجديدة ذات الاهداف التوسعية تحت شعارات دينية لا تستطيع تركيا العلمانية القبول بها او التسليم بحدوثها .ان مشروع تركيا هو الترويج للنظام العلماني الديني الذي اثبت نجاحه وقوته في ايصال تركيا الى الساحة الشرق اوسطية والاوروبية قوية يحسب لها الف حساب . انه المشروع الاسلامي المعتدل بوجه المشروع الايراني المتطرف وقد سعت تركيا بكل ما لديها من قوة ولا تزال من اجل انجاح هذا المشروع ، بيد ان اولى عقبات هذا المشروع هي اسرائيل وسوريا ويجب تحيدهما عن الطريق بالطريقة الافضل وباقل خسائر ممكنة لنيل الرضا العربي بها ولا سيما ان العرب لا يزالون يذكرون جيدا سنوات الاحتلال التركي وفظاعة ذلك الاحتلال الذي دام لأربعمائة عام . لقد راينا تدهورا سريعا بالعلاقة التركية الاسرائيلية ولكنه مدروسا جيدا بحيث لا يضر بالأمن القومي لكلا الفريقين ولا بأمن المنطقة بشكل عام ، ذلك لان مجرد سوء تفاهم مع اسرائيل كفيل بجلب وجذب الرأي العام العربي بسرعة قياسية . من جهة ثانية نرى الهجمة التركية الشرسة على سوريا لإزالة نظامها ومحوه من الوجود لان هذا النظام هو آخر نظام الاقليات وآخر الانظمة العقائدية في الشرق التي انتهت صلاحيتها بانتهاء الاتحاد السوفياتي ، وستسعى أيضا الى فرض سيطرة اخوية انسانية وحسن جوار على الشعب السوري واستمالته نظرا الى قيمة دعم هذا الشعب للمشروع التركي الذي سيقف بوجه المشروع الايراني ، ولا ننسى ان سوريا كدولة هي الوريث الشرعي للدولة الاموية اي الخلافة العربية . ان الاتي اعظم من بين هذين المشروعين وان ما سنراه في المستقبل القريب سيشمل ما كان يعتبره الشيعة ولا يزالون خدعة تاريخية افقدتهم ما هو حق لهم .سنشهد اعادة تحكيم من جديد وسنشهد ايقاظ ابا الاشعري من جديد لاسترجاع حق الخلافة من عمرو بن العاص . ان الدولة ( العراقية –الفارسية ) الشيعية ، هي اولى بحكم العالم العربي الآن ، وهي اولى باحتضان الامة الاسلامية واعادة احياء الخلافة ومبايعة خليفة الامام علي ( رضي الله عنه )، اي مبايعة عليا جديدا وفقيها منتظرا، وما بين هذا وذاك ، الاتي اعظم .
عزيزي القاريء
بعد حرب العام 2006 تعلمت اسرائيل درسا جيدا ليس فقط من الناحية العسكرية بل من الناحية الاستراتيجية التي تخص البقاء بشكل خاص ، واعني هنا ان اسرائيل تعلمت ان السلام هو مجرد وهم تعيش فيه اذا لم يكن من ذئب يحمي هذا السلام ، هذا على الاقل باعتراف الغالبية الساحقة من الشعب الاسرائيلي . لقد اقنعت اسرائيل نفسها بان انسحابها من لبنان سيقرب السلام منها اكثر ، وفعلت رغما عن انف العسكر، ثم انسحبت من غزة رغما عن انف الشعب ، وفعلت وهي لا تزال تحاول فهم المتغيرات من الانسحاب الاول وفوجئت بحجرين يسقطان على راسها دفعة واحدة . ان التنازل من اجل السلام يعني الضعف بنظر الآخرين ، والقوة والضرب بيد من حديد من اجل السلام يعني التعدي والتوسع والعدوان ، وهكذا وجدت اسرائيل نفسها بين سلامين : الاول يجعلها ضعيفة والثاني يجعل اخصامها اقوياء ، فجاء القرار بإعادة التجهيز والتسلح والتدريب لصنع السلام الاسرائيلي المنفرد وهو السلام الحقيقي الذي ينفع الدولة العبرية وهو السلام مع الفلسطينيين لان هذا السلام ان انجز لا يهم بعده ان كان سلاما مع العرب ام لا ولان الفلسطينيين هم المعنيون اولا واخيرا بالسلام مع اسرائيل لان دولتهم هي من صنع اسرائيلي وليست من صنع عربي وهذا هو الامر الذي يجب ان يفهمه الفلسطينيون جيدا .
 نعم ان المشروع الاسرائيلي هو مشروع امني قبل كل شيء ، فبالنسبة اليها الحدود الآمنة دون اتفاق سلام افضل بكثير من حدود مضطربة مع اتفاق سلام ، وهذا ما حصل فعلا مع مصر والاردن بحيث ان السلام لم يهدئ الحدود في حين ان الحدود السورية في الجولان هادئة تماما منذ وقف اطلاق النار عام 1974  وليست هناك اية اتفاقية سلام . اذا بالنسبة الى اسرائيل لا يهم ابدا من يحكم الدول العربية طالما الحدود آمنة ، وليفهم الجميع ان المشروع الاسرائيلي لا يتناسب ولا يحاكي اي من المشاريع الاخرى في المنطقة ، ان كل ما تطلبه اسرائيل هو الامن والامن فقط ومن يريد اللعب عليه الخروج والابتعاد عن ساحتها الخلفية .
من اسرائيل ،ان الآتي اعظم الذي يترك العرب وشأنهم يتخبطون بين سني وشيعي وبين مشروع الخلافة ومشروع ولاية الفقيه ، بين مشروع التشدد والاعتدال، وبعد انتهاء هذه المعمعة ستجد اسرائيل حتما الفرصة السانحة لانتقاء السلام الذي تريد من بقايا هذا المشروع او ذاك .
اننا امام بزار كبير في المنطقة ، وقد عُرضت البضاعة المنوي بيعها بدءا من العراق (دولة) وسوريا (النظام ) مرورا بحزب الله (السلاح) وحماس (الهدف ) وصولا الى البرنامج النووي الايراني (نفوذ)، وستشهد الاشهر القادمة مساومة حادة بين البائع والمشتري .

وان الآتي اعظم .......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق