الجمعة، 18 نوفمبر 2011

انهم ليسوا منا

انهم ليسوا منا ...
لا ادري كيف ابدأ ولا ادري من اية نقطة استطيع الدخول الى قلب القارئ وفكره وروحه محاولا ان اشرح وان ابرر وان اعتذر من اولادنا واهلنا واصدقائنا ومن منْ حولنا ومن تقاليدنا واعرافنا قبل ان اعتذر من اشقائنا الجيران الذين يمرون بأقسى انواع القمع والتعذيب لم تشهد له المنطقة منذ العهد العثماني .
نحن اللبنانيون لطالما تغنينا بحسن الضيافة وتكريم الضيف وفتح قلوبنا قبل ابوابنا لزائرينا وعابري السبيل ولنا في هذا المضمار جولات وصولات منذ مئات السنين. لقد استقبل هذا الوطن افواجا من المهاجرين والمهجرين والمبعدين والمشردين والمغضوب عليهم ولا حاجة للشرح فالجميع يعرف من هو الشعب اللبناني من الأكراد ،ومن الأرمن ( وارجو ان لا ينسوا ذلك ) , ومن الفلسطينيين ،مرورا بمئات بل آلاف الشرفاء العرب والأجانب الذين وجدوا في لبنان ملاذهم الآمن وانطلاقتهم الجديدة نحو مستقبل افضل ، نعم وجدوا في لبنان ملاذ الحرية والأمان والطمأنينة ووجدوا في الشعب اللبناني الشعب المضياف والحامي والمساعد والمتبني لقضايا التحرر والنضال من اجل الحرية والعدالة والكرامة .
القارئ العزيز
في خضم الحرب اللبنانية البشعة وفي احلك الظروف والأوقات بقيت هناك في مكان ما ثغرة من الإنسانية المطلقة اطلّ من خلالها الانسان اللبناني لملاقاة اخيه اللبناني او صديقه المقيم او من قطع ترحاله وبقي الى حين ، حتى ولو كان في الجهة المقابلة له "عسكريا او سياسيا ، او طائفيا ومذهبيا , لأننا وللأسف خضنا حربا بهذه الأوصاف .لطالما كان هناك اتجاها آخرا ومعاكسا لكل اعراف الحروب العبثية وهو ابقاء الانسان انسانا فوق كل الاعتبارات والقرارات والاتجاهات والاستراتيجيات .
ماذا جرى ؟ ماذا حل بالشعب اللبناني ؟
ايمكن ان نصدق ان الشعب اللبناني قد انقلب على عاداته وتقاليده لصالح السياسة العمياء ؟
هل يعقل ان مواطنا في لبنان لا يساعد اخيه الانسان لأنه على خلاف سياسي معه او ان احدا لا يريد ذلك ؟
هل وصلت بنا الهمجية والتبعية الى التخلي عن طالب نجدة من جيراننا السوريين ؟
هل نتخلى عن جريح ولا نقدم له ما يلزم من عناية طبية وانسانية ؟ هل نتخلى عن نازح وهارب من القتل والقمع ؟
هل وصلت بالبعض منا النذالة الى القاء القبض على هؤلاء المساكين واعادتهم الى جلاديهم وقتلتهم ؟
هل وصل بنا الحال الى بيع شرفنا وكرامتنا واصالتنا ونرهن انسانيتنا واخلاقنا الى نظام كان بالأمس القريب ( ولم يزل يحاول) جلادنا وقاتلنا ؟
من اجل ماذا ؟ ومن اجل من ؟
هل ندوس على رسالتنا اللبنانية الخالدة وهي اساس وجودنا من اجل نضام الأسد في سوريا ؟
هل نتخلى عن غالبية الشعب السوري من اجل اقلية حاكمة فيه ؟
ما هو موقفنا من الشعب السوري ؟ بماذا نرد على الأحرار فيه وفي كل مكان ؟ماذا نقول للأطفال والشيوخ والنساء الذين يُقتلون ويُقمعون امام باب بلدنا ، ويُخطفون من امام منازلنا وحاراتنا وشوارعنا واماكن العمل عندنا ؟ ماذا سنقول للشعب السوري بعد انتهاء هذه المعاناة ؟أنقول له عفوا لقد اخطأنا ،ام نقول له اننا كنا في غلبة من امرنا ، ام نقول له اننا كنا نتبع سياسة تحتم علينا تأييد النظام عندكم واتباعه عندنا ؟
عزيزي القارىء
العرْفُ الدولي والقانون الأممي ينادي بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى ويدين كل تدخل من هذا النوع . نحن في لبنان كشعب حي وصادق وشجاع ندين عدم التدخل في الشؤون الداخلية للنظام السوري الذي ربض على قلوبنا وكاهلنا اكثر من اربعين عاما ولا يزال حتى يومنا هذا ، نعم نحن نؤيد التدخل في الشؤون الداخلية السورية لمصلحة الشعب السوري الشقيق وكما يريد هذا الشعب وبالطريقة التي يرتئيها من منطلق الأخوّة والجيرة والمصلحة المشتركة ، وبما ان حكومتنا قد قررت التنحي جانبا عن كل قرار يساعد هذا الشعب وبما انها ميزت موقفها حرصا على المصلحة القومية ، فإننا نحن الشعب اللبناني نميز ايضا موقفنا وندعم الشعب السوري في نضاله من اجل حريته وتقرير مصيره ونهج حياته ، واننا ننأى بأنفسنا عن كل قرار اتخذته وستتخذه هذه الحكومة واعضائها ونقول للجميع :"انهم ليسوا منا " .
آن الأوان لأن ينتفض هذا الشعب ويعود الى اصالته التاريخية والى تقاليد اجداده ، آن الأوان لأن ننفض عنا القيود والمحرمات المختلقة والمبتذلة ، آن الأوان لان يعي المواطن اللبناني ان دوره اكبر واهم وانه الأولى بهذا الشرف من كل جيران سوريا من الأردن والعراق وتركيا (مع كامل الاحترام والتقدير للجميع ) ، نحن الأقربون الى هذا الشعب ويجمعنا التاريخ والجغرافيا والقربى العائلية والروحية والاجتماعية . آن الأوان لان نقول كلمتنا:  لا. والف لا ..لا  لسياسة القمع ..لا لسياسة الانحياز اللامنطقي ..اللاإنساني .. لا لحكومة لا تعي ما تفعله، لا لقرارات حكومية جاهلة حمقاء مستهترة بمشاعر الناس.
نعم عزيزي القارىء
 اتوجه معك الى حكومة لبنان بل الى حكومة سوريا في لبنان واتوجه الى دولة رئيس الحكومة شخصيا باسم الكثير من اللبنانيين المنتشرين في بقاع الأرض ونقول: كفى لقد ضقنا ذرعا بما تفعلونه وتقولونه ، نخجل من نظرات الناس الينا في اوروبا وامريكا والبلدان العربية التي ساندتنا ولا تزال ,في افريقيا ودول العالم الثالث ايضا ,نمشي مطأطئي الراس ونفضل عدم الظهور جراء مواقف حكومتكم الرشيدة ، اولا في مجلس الأمن الدولي حيث ابتدع لبنان بدعة هي سابقة في تاريخ الأمم وهي النأي بنفسه عن اتخاذ قرار ما لعدم احراج جهة ما ,وثانيا عدم الاهتمام كما يجب في استقبال ومساعدة النازحين السوريين ,ارضاء للنظام السوري واعوانه في لبنان ، وثالثا مواقف الخارجية اللبنانية البناءة الحكيمة بتأييد المواقف السورية بطريقة عمياء وبالتبعية المطلقة .
كفى يا دولة الرئيس تلاعبا على الكلام وفي المواقف وكفانا من "خصوصية لبنان" وكم كان اجدر بك ان تقف وتقول بكل صراحة وشجاعة ان موقفنا هذا في مجلس الأمن والجامعة العربية وفي كل مكان ناتج عن توجيهات واوامر حزب الله الذي يسيطر على الحكومة وعلى الوطن والكل يعرف هذا فلماذا الاختباء خلف الكلمات، نقول لكم ولكل عازفي نغمة الخصوصية هذه، نقول ان خصوصية لبنان تكمن برسالته التاريخية والإنسانية والروحية والاجتماعية ، بأبجديته الفينيقية , خصوصية لبنان بديموقراطيته وحقوق الأنسان وسط بحر الظلمات في هذا الشرق التعيس ، خصوصية لبنان هي بالكلمة الحرة  والتعبير الحر والمعتقد والانتماء والتعددية , هذه هي خصوصية لبنان الحقيقية وليست في التبعية والاستعباد .
نعم لقد خطى العرب الخطوة المطلوبة منهم باتخاذهم القرار الصحيح بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ، فلا يوجد فيتو روسي او صيني في الجامعة ليحمي النظام السوري ، ولا هناك من فيتو عربي لينجو النظام أيضا بمساعدته ، بل هناك اجماع ضميري ووجداني ابى ان يترك الشعب السوري وحيدا بين براثن الأسد وازلامه. كم تمنينا جميعا ان تُكمل الجامعة العربية خطوتها المباركة هذه وذلك بتعليق عضوية لبنان ايضا ، لأن لبنان  بحكومته المثالية واستراتيجيته المذهلة اصبح عبئا على العدالة والحرية والديموقراطية ليس فقط ضمن محيطه بل تعداه واصبح وجوده ودوره كعدمه لا يحدث فرقا ابدا .
اننا لا نجد جوابا ولا مبررا نتسلح بهما للرد على كل من يسأل عن لبنان وعن سبب تدهور القيم فيه ولا يسعنا الا ان نقول بأعلى الصوت "انهم ليسوا منا ".
بالله عليكم يا اصحاب القرار في لبنان ، متى تعلقون عضويتكم في قيادة شعبكم الى الهلاك ؟متى تعلقون عضويتكم في مجلس انتهاك حقوق الأنسان وضرب المبادئ الأخلاقية والإنسانية ؟
متى ،،متى تعلقون مشانقكم ليرتاح الشعب اللبناني والشعب السوري منكم الى الأبد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق