الجمعة، 11 نوفمبر 2011

حلوا عن ...

تطالعنا بين الحين والآخر آراء ومقترحات حول اوضاع اللبنانيين في اسرائيل
. ،تارة يدور الكلام حول اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي وخاصة الشباب منهم ،وابتعادهم عن جذورهم اللبنانية الأصيلة حتى ان البعض راح يصورهم بانهم قد نسوا التقاليد والعادات ونسوا اهلهم وبلدهم ، وتارة اخرى نسمع اصواتا من هنا وهناك تطالبهم بالعودة الى الوطن حالا وان الوطن فاتح ذراعيه بابتسامة عريضة وصدر رحب وكل ما عليهم فعله هو ارسال العائلات الى البيوت بعد التحقيق معهم والرجال الى السجن ليصار الى التنكيل بهم .
نعم ان ناقوس العودة يدق بين الحين والآخر حسب الحاجة اليه اما من باب تسجيل المواقف واما من باب المصالح الانتخابية والسياسية وتثبيت الزعامة وفي كل الحالات لا ناقة لنا ولا جمل في كل ما يطرح وانه فقط للاستهلاك المحلي .
اجل صديقي القارئ
في الماضي القريب وبعد الانسحاب دأب البعض على دعوة اللبنانيين للعودة من خلال الاتصال المباشر بهم بواسطة الهاتف او الفاكس لشرح طريقة العودة مقابل دفع المال لأصحاب النفوذ من لبنانيين وسوريين ، وكانت التسعيرة ثابتة تتغير بتغير رتبة صاحب العلاقة ومقدار المال لديه .كان كل من يقرر العودة يعرف ما عليه ويعرف مسبقا على ما سيحصل ، حتى ان الإسرائيليين اصبحوا ملمّين بهذا الموضوع ويتصرفون حسب الطلب المرفق من لبنان وكم من لبنانيين محامين واصحاب نفوذ تحدثوا مباشرة مع اسرائيليين دون معرفة ذلك للتفاوض على التسعيرة في بعض الحالات وكان العائد يزود بكمية من المال تكفيه للرشوة وللسجن . انها تجارة ولبنان بلد الاقتصاد الحر والمبادرة الفردية والسوق الحرة والسوداء والزرقاء، وان اللبنانيين على اختلاف ميولهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية ،  تجمعهم التجارة ويجمعهم الربح وما بالك اذا كان الربح وافرا وبدون رأس مال وتعب؟ فقط بضعة آلاف للقاضي واخرى للمحامي والباقي للضباط حماة الوطن وحماة المسار والمصير.
عاد من صدّق لعبة التجارة هذه ، منهم من عبر بسلام ودفع ما عليه وعاد الى بيته في شبه اقامة جبرية ومستعد دائما وتحت الطلب للمثول امام الأجهزة الأمنية فور اطلاق رصاصة في غواتيمالا او عقب هجوم لطالبان او القاعدة ومنهم من كان الطلب عليه اكثر ووجد نفسه مضطرا لدفع مبالغ اضافية نظرا لحساسية وضعه او نظرا لغلاء المعيشة او ارتفاع اسعار السيارات او الشقق وكانت الجريمة تقاس بمقدار المال لديه . يا للعار ويا للخجل ، ويا للعنة التاريخ ولعنة الآلهة اذا وُجدت او الأصنام اذا أعيدت للخدمة الإلاهية  لأن الكفر في لبنان اصبح بمستوى لا يحده تأويل ولا تنزيل .
تحمّل اللبنانيون هذه السخافات لأجل وطنهم وحبهم لأرضهم ولعائلاتهم واهلهم الذين دافعوا عنهم لأكثر من ربع قرن .ورغم كل ما قدمته الحكومة الإسرائيلية فقد بقي اللبنانيون تواقون للعودة الى احضان الوطن الأم . سنوات مرت واخرى تمر والتغيرات تطال الوطن من اقصى شماله الى اقصى جنوبه ورحالة ومغادرون من غربه وشرقه ، والمناخات تغيرت في كل مدينة وقرية وفي كل شارع وبيت وتطلع اللبنانيون في اسرائيل الى هذه التغيرات علها تطالهم بشيء يكسر الروتين القاتل، وكان الجميع يعد ويجزم بان الأمور سوف تُحل قريبا وان عودة اللبنانيين الآخرين من بقاع الدنيا ستتبعها حتما عودة للبنانيين الأقرب الى الوطن ولكن ويا للآسف ،،تمخض الجبل وولد فأرا ،،
جاءت انتخابات برلمانية ورئاسية وتوالت حكومات والمعنيون بالأمر لا يزالون عند خطابهم السياسي الوحيد :العودة ، ثم العودة دون اية آلية تضمن هذه العودة وتضمن عدم العودة الى آلية التجارة الحرة والسوق السوداء ، وفي كل مرة ينهالون على اللبنانيين بالعبارات الرنانة والخطب العاطفية حول الوطن والمواطن وغالبيتهم من عاش عقودا في الخارج ويعود اليوم ليشرع عودة من امّن له وطنه وحمى ارضه واهله اثناء غيابه وليعده بمحاكمة عادلة .
محاكمة عادلة ؟ وبئس القضاء والعدل والقانون ، محاكمة على ماذا ؟ على الحرب ؟ ومن في لبنان لم يشترك بالحرب ؟ على التعامل مع اسرائيل ؟ ومن في لبنان لم يتعامل مع إسرائيل ؟من في لبنان لم يتعامل مع الخارج ؟ خطيئتنا رذيلة وخطيئتكم فضيلة ،فيا اصحاب الفضيلة ليس هناك من تعامل نظيف وآخر وسخ ، ولا محاكمة لهذا وبراءة لذاك ،فكل ولاء للخارج هو تعامل فلا مكان لولاء مسموح وولاء ممنوع ، واذا سلمنا جدلا بالخيانة فهناك خيانات لا تعد ولا تحصى وما اكثرها من خيانات داخلية وخارجية سيّبت الوطن ومزقته واصبحت بالتالي روايات بطولية وعناوين وطنية ، فهل نحن فقط اهل الجنوب من كسر الجرة ؟ وهل حسب رايكم "وقفت علينا ؟"
واذا تطرقنا الى موضوع المحاكمة التي ما زلتم تدقون اسفينها وكأنها مسمار جحا نسأل معاليكم عن اي محاكمة تتحدثون ؟ عن العمالة ؟ ام عن الخيانة ؟ ام عن الولاء ؟ . تعالوا نستعرض معا يا نافذي البصيرة واليد القصيرة كل واحدة ونضع الأوراق المسموح بها حاليا على الطاولة؛
من جهة العمالة ,فانتم تعلمون جيدا ان جيش لبنان الجنوبي ( ومن قبله جيش لبنان الحر ومن قبله الميليشيات الحدودية ومن قبله بقايا الجيش اللبناني المنحل ) لم يكن ابدا عميلا لإسرائيل بل كان حليفا لدولة وضعها القدر على حدودنا الجنوبية كما وضع سوريا على حدودنا الشمالية والشرقية، وان تعاوننا مع دولة اسرائيل كان لمصلحتنا قبل مصلحتها بعد بيعنا الى منظمة التحرير الفلسطينية بموجب اتفاق القاهرة وبعد انهيار دولتنا العزيزة . نعم كنا حلفاء لتلك الدولة لمصلحتنا اولا ولمصلحة جنوبنا وبالتالي دولتنا بعد ان قُسّم الوطن الى مهم واهم وجئنا في القسم اللا مهم . حملنا السلاح علنا وجهارا واسسنا جيشا تحت نفس العلم اللبناني وبذات القسم العسكري ولم نكن ابدا عملاء ، والحقيقة ان العمالة الحقيقية هي للذين استمروا وتابعوا مع اسرائيل بعد العام 2000 ، وهؤلاء هم العملاء الحقيقيون والخطرون على الوطن وهم من يجب محاكمتهم .
واذا ما تطرقنا الى الخيانة ، فالخيانة لها شروطها وتوصيفها وحقائقها ولا لبس في ذلك ابدا . هي الاستعانة بالآخرين لضرب الدولة والمؤسسات والمرافق والرموز، فاين نحن من الخيانة :
هل نحن من وقع اتفاق القاهرة عام 1969 ؟ وهل حوكم رموز الدولة ؟
هل نحن من خاض الحرب الأهلية الطائفية البغيضة، وذبح على الهوية ؟ وهل حوكم المرتكبون ؟
هل ضرب الجيش الجنوبي الجيش اللبناني كما فعلتم انتم كلكم دون استثناء؟
الم تضرب حركة امل الجيش اللبناني في بيروت الغربية ؟ هل حوكمت ؟
الم يضرب الحزب الاشتراكي الجيش اللبناني في الجبل ؟ هل حوكم؟
الم يضرب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الجيش بعضه ببعض ؟ هل حوكم احد ؟
الم يضرب الفلسطينيون والأحزاب اليسارية منذ السبعينات من قومي وشيوعي وبعثي ، الم يضربوا كلهم الجيش اللبناني بمساعدة سوريا ايام جيش لبنان العربي (الملازم اول احمد الخطيب والرائد معماري والرائد بوتاري ؟ هل من احد حوكم ؟
الم ينهي حزب الله الجيش اللبناني بالسيطرة عليه وتجييره لصالحه ايام قائده العماد اميل لحود ،واخيرا وليس آخرا قتل الطيار سامر حنا  واحداث 7 ايار؟ هل من احد حوكم ؟
ونحن نسأل مجددا : هل ضرب الجيش الجنوبي الجيش اللبناني في جزين وجبل صافي او في اية بقعة لبنانية ؟ من كان يحميه ويدعمه لوجستيا وماليا ؟ اذا من ضرب الدولة ومن ضرب المؤسسات وسيطر على المرافق ومن هو الخائن ؟من تتوجب محاكمته لينتصب ميزان الحق ؟
واذا تكلمنا عن الولاء ، فنحن لم نكن ابدا موالين لإسرائيل بل كنا موالين لخط السلام والعيش بكرامة دون تهجير وتدمير ومد اليد واستجداء الغير ، هل ولاؤنا لأرضنا عار ويجب ان نحاكم عليه ؟ من زعزع الاستقرار في لبنان اكثر تعاوننا مع اسرائيل ام تحالفكم مع سوريا وايران ؟هل ولاؤنا للحرية والديمقراطية والسلام خيانة للوطن ،وولاؤكم صيانة له ؟ هل خرجنا في مظاهرات تأييد لبيغن وشامير ورابين وباراك ؟
حضرات المسؤولين الكرام
اذا كنتم مع المحاكمة فلنفتح كل الملفات ولندرج كل الأسماء ، كل الأسماء ونقول بكل صراحة والم باننا لا نثق بالقضاء اللبناني (ومن بيجرب المجرب ، عقله مخرب ) ،نعم اننا لا نثق بقضاء لم يستطع محاكمة قتلة "القضاة الأربعة " ، ولا نثق بقضاء لم يستطع محاكمة قتلة الطيار سامر حنا ، والرائد وسام عيد ، واللواء فرانسوا الحاج ، هل نثق بقضاء حكم على سائق صهريج بالجيش الجنوبي بثلاث سنوات سجن وحكم على العميد فايز كرم بسنتين ،هل نثق بقضاء اودع اربعة ضباط في السجن اربعة سنوات من خلال شهادة زور ؟، وقبل ان تستدرجونا الى المحاكمة لماذا لا تنهوا ملفات من هم في سجن رومية والسجون الأخرى من جميع الفئات دون استثناء . ان ابقاءهم تحت الطلب لصفقة سياسية قادمة  لهو امر مريب .
من منكم بدون خطيئة فليرجمنا بحجر، فلا تناموا على حرير اذا نظفتم دوائركم من الملفات الخاصة بكم فلا تزال محفوظة سليمة في مكان ما بالأسماء والصور والأفلام فلا يجوز بعد اليوم ان نستمر بدفع الأثمان ونسكت ونشحذ منكم وطنا ومواطنة ، انتم يا من رهن الوطن وباع المواطنة .
انه من المضحك المبكي ان يطل علينا بين الفينة والأخرى احد نواب الأمة الأعزاء الكرام الأفاضل الغيورين على مصلحتنا ومصلحة الوطن والدولة ويطالبنا ويطالب كل من تطاله كلماته وعباراته بالعمل على انهاء ملف اللبنانيين في اسرائيل وانتم تعرفون جيدا يا اصحاب السعادة ان ملف هؤلاء هو سياسي بامتياز حسب العرض والطلب حسب البائع والشاري وحسب المصلحة الحزبية والانتخابية .
ايضا من المضحك المبكي ان نتهم بقتل اعداءنا في ساحة القتال ، والبدعة تقول ان نُحاكم لأننا قتلنا فلان مثلا في معركة او اشتباك ، وهل كنا فريق كرة قدم او جمعية كشافة ؟ وهل كنا في حرب او في مخيم صيفي ؟ وهل كان علينا ملاقاتهم بالزهور او برفع الأيدي ؟ الم يسقط عندنا شهداء ؟ من قتل خمسمائة وسبعون جنديا وضابطا من الجيش الجنوبي ؟ من قتل مئات المدنيين في القرى الحدودية ؟ الا تتوجب محاكمتهم ايضا اسوة بالبدعة التي اخترعتموها ؟
كفاكم سخرية وكفاكم استهتارا بمشاعر الناس ، كفاكم هروبا الى الامام والتخفي بخيال سبابة يد مبتورة . ان اللبنانيين في اسرائيل وبكل محبة وبكل احترام غير مستعدين لسماع مثل هذه التفاهات وهم ليسوا على عجلة من امرهم للوقوع في فخ الثقة والأمان  وبطاقة "مواطن قيد البحث والتحري " من جديد، فإما العفو الرئاسي الكامل والمصدق في المجلس النيابي دون اية شروط او تحفظات او استثناءات او قيود او ملحقات ، واما المحاكمة العادلة امام محاكم دولية ، ولتقدموا ما عندكم من وثائق تديننهم وليقدموا ما عندهم من وثائق تدينكم وتبريء ساحتهم . فان خرجوا مذنبين فلن يقبلوا العودة الى لبنان الا وحبل المشنقة بأيديهم ، وان خرجوا بريئين فلن يقبلوا العودة الا بشروطهم .
لقد صدق من قال: من عاملك كنفسه ما ظلمك. نحن نقبل بالمعاملة التي عوملتم بها من قبْلنا ، ونقبل بما حل بسائر افرقاء الحرب السابقين ونقبل بالثمن الذي دُفع من قبل كل الفرقاء فلماذا التمييز وهل القانون مفصل حسب قياس من ترغبون ؟بالله عليكم يا حكام بني وطني كفاكم استخفافا بعقل وكرامة واحساس من يسمعكم فقد سئمنا منكم ومن قوانينكم ومشاريعكم ، وبالأذن منكم  "حلو عن ...".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق