الثلاثاء، 23 يونيو 2015

عندما تحلّق النسور


خُلقنا احرارا ونشأنا فوق القيود، لا تحدنا حدود ولا تردعنا حواجز ، كبرنا على الايمان فكانت رجولتنا صلبة متينة أساسها الانتماء الصافي والولاء النقي لمن نوحّد ونعبد ، وكان رشدنا نضوج الدعوة ونهائية الايمان. نحن القوم الذي أحب الجميع على اختلاف مشاربهم وصادق الجميع على تنوعهم، وآمن بكل سماء وجنة وآخرة، ها نحن اليوم نجد أنفسنا على مفترق طريق ما أردناه يوما ولن نبق فيه طالما وجِدْنا ضمن خيارات التقوى.

أخوتي في الانسانية

للرجال مواقف وللمواقف رجال، وكم من مواقف خلقتْ رجالاً غيروا وجهة التاريخ وأعطوا معنىً آخر للقرار والرؤية والتصرف الحكيم، رجال ضحوا بكل ما يمكن وخلقوا الفرصة للحياة والحرية والكرامة. نعم كنا وسنبقى الرقم الصعب والسد الاصعب بوجه كل من فقد الرشد والصراط واتخذ من أيمانه سلاحا لإبطال أيمان الآخر عنوة ، نعم سنقفُ بكل حزمٍ وسنمنع تلك الآفات الدخيلة من الامساك بأمر الحق والمنطق ، وحذاري الاقتراب من أعشاشها والويل كل الويل عندما تحلق هذه النسور .

منذ الدعوة الحقة ونحن ندعو بكل صدق لأن يعمّ الخير والسلام والبركة في كل مكان، نؤمن بالعيش الحر وبالحرية لكل أيمان مهما كبرت غرابة مذهبه ، أو دفنت حقائق أتباعه . نحترم الآخر ونقدر خلق الله فيه ، نسامح من أخطأ فالكل يخطئ ، ولكننا لن نغفر لنية الالغاء ونزع الشرعية والبقاء .

أخي القارئ

يميزنا الانتماء المطلق لوطننا والولاء الصادق لدولتنا ،ولكنّنا نمتاز بوحدة طائفتنا التي لا تتجزأ ، لا نساوم ولا نهادن على وجودنا ولا نعترف بحدودٍ تفرقنا ولا بقيودٍ تمنعنا فنحن معْشرَ الاخوان قلبٌ واحد وجسم واحد فان مسّه سوء مسّنا كلنا وأيٌّ تهديد لجزء أنما هو تهديد للكل وعلى هذا حلفنا وعلى هذا تحالفنا وعلى هذا اومرْنا وقبلنا وختمْنا .

تاريخنا يشهد على مدى تواضعنا وقبولنا بالمكتوب، وتاريخنا يشهد على ما أردنا أن نكتب بكلمتنا وبسيفنا وببندقيتنا، لطالما حلّقت نسورنا وتحلّقت بعدها حلقات من المجد والشرف والعزة رفعت رأس فاعلها وحطّمتْ أطماع مسبّبها . لم نردْ اكثر ما أراده فخر الدين ، ولم نرضَ بأقل ما فعله سلطان باشا الاطرش ، ولا نزال نكبر على عزيمة الأمير مجيد أرسلان ونسيرُ على حكمة كمال بك جنبلاط ، وها نحن مزيج من صلابة وحكمة ومرونة ، أنّنا رقم لا يُضرب ولا يُقسم ولا ينطبق عليه الحساب أبدا، لا نُدخِلْ ولا نَدخلْ ، بابنا مفتوح وجنّتنا مُغلقة ، وحسابنا عسيرٌ علينا فكيف على من يسيء الينا ؟

أخي أيها الآخر في هذا الشرق ، أيها الذي وجدتَ مكانك عبر دعوتك وأيمانك ، نشرتَ ما تؤمن به وعبدتَ من تراه ألهك ، وقدّست من سلّمتَ له دنياك وآخرتك ، فكانت رحابة الصدر أوسع بكثير من رحاب نجد والحجاز، وكان القبول ثمرة اللقاء والتسامح ،واذ بي أراك تبسط جناحيك في أجواء غيرك وتخطو خطوتك خارج حدودك وكأن التعاليم نُسيتْ والمحبة حُذفتْ ، والاطماع حُرّكتْ والامجاد استُحضِرتْ ، فبأي حقٍ قدمتَ ، وبأي حلمٍ حلمتَ ،وبأي نصٍ كُلّفتَ ، فوالله لو غفلَ الموحدون برهة لغابت أحادية الخلق ونهائية الحساب ، وعادت تماثيل الجاهلية تبشّرُ بدعوة الايمان من جديد ، وعاد الفارسي يوقظ بحيرة وابن نوفل ، ويقوّم النبي (ًص) خطأكَ الذي لا يُغتفر ، والله على كل شيء قدير .

لا !! حذاري من لعبة الالغاء ،

حذاري من لعبة الجهاد ، فليس كل جهد في السبيلِ جادْ

حذاري الاستقواء بالكمْ

فالنسور أقلية ،

 حذاري عندما تحلق النسور.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق