الجمعة، 5 يوليو 2013

الرسالة الثانية عشرة


                           الكلمة الاخيرة 

عدتُ ادراجي والخاطر في سباق مع الزمن ليطوي الساعات والايام والشهور ، عدتُ ادراجي والامل يكبر ويكبر في تسريع عجلة الزمن والتاريخ ، احثُّ السنين على التدافع والتزاحم لتخرج من فوهة الاعداد رقما لن انساه ما حييت . عدت ادراجي لأضع فوق ادراجي رسائل وعناوين واسماء ،هكذا عدت من الغروب الغامق الحالك الى الشروق الناصع الذهبي ، علّني امدُ ضعفي بقوة الصبر على امل ان لا يضيع المفتاح ولا السبيل .

سقطتْ من عينيّ قيم وتلاشت مبادئ كنت بالأمس القريب من اشد المدافعين عنها ، نعم سقطت من عينيّ الحرية التي اصبحت استفزازا يحميه نصّ جاهل وجامد ،  سقطت من عينيّ الحقوق التي اصبحت هدف تجار الانسانية والحقوق ، سقطتْ من عينيّ هالة كانت تضيء سماء عمري بل اخذت مني كل عمري المضيء والمعتم على حد سواء ، سقطت من عينيّ رموز وعناوين وسقطتُ معها رغم سلاحي وكل وسائل حمايتي . سقطتُ الى هاوية الامم ولعبة المصالح والاستقواء بالنص الفوقي المنزل فكلهم ساقطون كأوراق الخريف ومتلاشون كيوم الامس .

قفلتُ عائدا واُقفلَ خلفي باب لا يهوى احد الدخول منه ،انه باب ذو ضجيج يزعج الآذان بل الابدان . تركتُ خلفي وردة تحيط بها اشواك سوداء لا تعرف الا اللدغ والقرص ، تركت خلفي حصنا اشبه بقلاع القرون الوسطى تنتصب حوله اشبال تيمورلانك وهولاكو ، وقلت بنفسي : أيعقلُ هذا ؟ أأصدقُ ما اراه ام اصدق ما اعرفه ؟

يا بني

لقد انزلَ ثقل عن كاهلي وازيحت جبال كنت لا ازال ارزح تحتها حين رأيتك وعانقتك وقبلتك بعد مرارة التساؤلات المحيرة . لقد اثلجتَ صدري بكلماتك وابتسامتك وقوة تحملك وصبرك وقلت هذا هو ابني الذي اريده ، وهذا هو الرجل الذي سأنتظره بفارغ الصبر، هذا هو عصارة هذه التجربة المريرة اللئيمة وهذا القدر الذي غدر .صدق يا بني بانني نسيت اين انا ونسيت كل ما كان يقلقني حين رأيت فيك الجرأة والمسؤولية ولو بعد ثمن باهض ، نعم جلّ من لا يخطئ .

يا بني

لتكن كلمتك الكلمة المنتظرة المشبعة بالحكمة والتقدير، لتكن كلمتك الرأي والقرار، لتكن لك كلمة المسار والتوجه، كلمة الدرس والفحص والتحليل لتكن الكلمة التي تنطق بالموقف وليكن لك الموقف الذي تحميه الكلمة.

يا بني

لا تتراجع ولا تتغير حسب الهوى بل كن صلبا حين يتطلب الامر ولينا عندما تدعو الحاجة والمراعاة. لتكن لك الكلمة حين يخشى الآخرون الكلام ، ولتسكت حين يعلو الضجيج .

اشد على يدك واقبّل خدك وانت تكمل عامك الاول في عزلتك ، اضع تقتي بك واعطيك كلمتي ووعدي بان اكون الى جانبك ، امد لك يدي واحملك كصديق ورفيق وارعاك كأب . انتظرك ولن اسأم ولن امل وادعو لك في يقظتي واحلم لك في نومي عسى الله ان يجمعنا ، انه سميع مجيب .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق