الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

الرسالة الخامسة

الفتى العجوز
وقفت فوق اشلائي اعاين ما بقي من حطام ، محاولا ان اجمع ما تناثر وتشتت. وقفت في مكان لا زمن فيه ولا تُحسب له ال "اين" ولا ال "كيف" ولا ال " متى" .وقفت عند حكاية نهايتها بداية سردها ، وقفت الى ان تعبت ركبتاي وانهارت قواي ، متمنيا ان اجمع قطعا تلائم بعضها فتخرجني من ورطة الذكرى الاليمة ، راضيا بمرارة الحاضر ، وآملا بمستقبل اقصر مهلة واقل كلفة .
ويْحي من هذا الذي انا فيه ،هذا الوجود الذي فُرض فأصبح ضرورة ومنه وجب ما استوجب ان يبقى وان يستمر، هذا الوجود الذي استحق وجوده يسيرُ الى فناء استحق الضرورة وواجب الوجود . ويْحي من هذا الذي اعدو اليه بل يهرول اليّ ، فأين اختبئ وأين احتمي ، اتجه نحوه فيصمد وينتظر ، اهرب منه فيلاحقني دون هوادة . ويْحي من ملاقاة ما اكره وانبذ ، ولكنه الحق ولا مفر من حقٍ الا الى حقٍ ولا من قبولٍ الا الى رضى ، ولا من صخبٍ الا الى هدوءٍ وسكوت .
اعتبُ على آه مكثتْ طويلا في حنجرة قذفتها مستسلمة لعبث السعال والزفير. اعتب على شفاه عصرت ال آه فنزعت منها عبرة التذمر والتوسل والالم . اعتب على اذن عنيدة تمنعت عن سُماع ما يُشعل الشفقة والحنان ، فغدتْ صمّاء لا نفع منها الا لتكملة الخلق ومنع التشوه . اعتب على عين رأتْ فبكتْ، دمعتْ فروتْ، احمرتْ فزادت الحضور روعة الاحمرار وبهجة الشقائق. اعتبُ على "انا " ومن انا ؟ آخر كلمة في آخر سطرٍ من آخر ورقة .
ويْحي من هذا الذي يسير دون اقدام ويفرض دون احكام ، ويحي من هذا الذي يحكمُ ويتحكمْ ، يُسمع ولا يتكلم ، يخافه الناس ولا يخاف احدا ، وحده الخوف وفيه الطمأنينة ، يزرع الفرح ويحصد الامنيات ، شاء من شاء وأبى من أبى انه الامل الرحيم والحق البغيض ، لباس دون جسدٍ ، قضاءٌ مطلقٌ فوق القوسِ وتحت الحكمة .
يا بني
هذا هو القدر الذي قُدّرَ له ان يُقدِّرَ للخلق حدودا وآفاقا ومساحات  ، هذا هو الذي انْ حلّ مبتسما عالج وشفى وانعم وان حلّ عابسا اسقم واحبط وسحق ، لا تقف بوجهه ولا تتحداه حتى ولو في همس الكلام او محض الخيال ،بل دعه يأخذ ما يريد ويفعل ما يحلو له ، فهو ادرى بطريقه وادق بحدوده .
يا بني
ان الحياة قدر في كل مرحلة من مراحلها ، قدر في كل لحظة وفي كل ثانية ، وكما ان الحياة مجموعة عقد وحلول فهي بالفعل مجموعة اقدار تجمعت لتكوِّن القدر الكبير واعني المنعطف في المسار الدنيوي ليصل الى المصير النهائي .
دع عنك اعباء التفكير والرسم ،ودع عنك ثقل الخوف من شر القادم ، واترك لدنياك نعمة الايمان وفيض الرحمة ،،،،
انه القدر ، وقدري ان اكتب اليك ، وقدرُكَ ان تقرأ على قدرِ ما قُدّرَ لك .

هناك تعليق واحد:

  1. أخي الكاتب! ما اْروع هذه التعابير وما أنقى هذه الكلمات !انها تدل عن مدى التجربة في الحياةوكبر الهم الذي تحمله! وأقول لك عليك أن تعيش يومك ، فلا ينفعك أمس الذي ولى وذهب بخيره وشره،ولا الغد الذي لم يأت حتى الآن!فاحسب عمرك يوم واحد واجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه،حينها لا تتعثرحياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه،وبين توقع المستقبل وشبحه المكخيف وزحفه المرعب،فلهذا اليوم عليك أن تقدم صلاة خاشعة،واطلاعا" بتاْمل، واتزانا" في الامور ،ورضى" بالمقسوم، واستسلاما" لارادة الله.أجل اجعل من من دقائق هذا اليوم سنوات ،ومن ثوانيه شهورا" ، استغفر فيه من الذنوب،تذكر الله في كل لحظة "وقف لحظة"وعش فيها كل السعادة والامن والسرور ، وقل هناك أشياء أصعب عند الآخرين!ارض برزقك وبأولادك وبزوجتك ،بوظيفتك،ببيتك وبعملك وعلمكوبمستواك، لا لا سخط ولا حقد ولا حسد! فالرضى والتسليم نهاية العلم والانزعاج وعندها تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج ولا سخط ولا حقد ولا حسد.فالضى والتسليم نهاية العلم والتعليم!وكما ذكرت فاننا من صنع القدر وعلينا ان نسلم لارادته. اضيف واقول لك أترك المستقبل حتى يأتي!هيا بنا لا نستبق الاحداث!لا نريد اجهاض الحمل قبل تمامه!وقطف الثمرة قبل النضج!أن غدا" مفقود لا حقيقة له فلماذا نتوقع كوارثه ونهتم بحوادثه؟ربما نلقاه مليء بالسرور! علينا أن نسعى ، فان الله مع الساعين! ان الله هو الشفيع والمعين!

    ردحذف