الأربعاء، 21 مايو 2014

آسف


 

                                     

كم انا آ سف فعلا على تأخري في كتابة بعض السطور ، التي ربما تساعد في تنفيس هذا الاحتقان الذي نصاب به كلما اردنا ان نتابع  ونفهم او ان نحاول على الاقل معرفة ما يدور في رؤوس هؤلاء القوم الذين يدعون النيابة او بالمصطلح المتبع ( نواب الامة ). ويل لهذه الامة اذا كان نوابها على هذه الصورة ( الشاكلة ) والتي هي اقرب الى شريط ابو شوكة ، الذي يغرز انيابه بجلد اللبنانيين في السياسة والاقتصاد والامن وحتى في العبادة .

آسف فعلا لأنني لا اجد ما يشفي غليلي سوى ان اضع هؤلاء المتسلطين داخل قاعة مجلس النواب واقطع عنهم الماء والغذاء وكل شيء حتى السجائر، ليستيقظوا ويعوا بان مصير البلاد اهم بكثير منهم ، وان استمرارية عمل المؤسسات اهم بكثير من استمرارية عملهم اللئيم والدنيء والذي لا يمت بصلة الى الديمقراطية او الحرية او لبناء دولة . كم انا متمني لو املك مفاتيح مجلس النواب لأوصد تلك الابواب ولن افتح طاقة واحدة الا بعد ان يتصاعد الدخان الابيض من فوهة محمد رعد ونبيل نقولا واحمد فتفت وخالد الضاهر وعلي حسن خليل ومن كل من حرق اعصابنا بتفاهات والفاظ اقسى بكثير من تلك التي كانت تدور بين مقاتلي محاور الحرب اللبنانية . اسف ايضا لان اللبناني ، هذا اللبناني الذي لا اجد صفة ملائمة له ، هذا الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة يعود ويصطف حسب اوامر زعيمه ليعلن الولاء في كل مناسبة اعلان طاعة وخضوع .

صديقي القارئ

عند كل استحقاق مسيحي يظهر تجار الصفقات والمنافع الشخصية ويعرضون افكارا محلية ومستوردة ويطرحون الاسهم للبيع والشراء ويعلنون افتتاح بورصة غلاء الموارنة وتبدأ المناقصة من اسياد الاسهم دولة الرئيس نبيه بري وزعيم المختارة وليد بك جنبلاط في غربلة وتنخيل كل من يريد ان يهز تلك الكرسي غير المريح في قصر بعبدا وما اكثر الراغبين بها وما اقل المستحقين لها .

لا احد في لبنان يريد ان يفهم اللغة المحكية السائدة الآن ، لغة الهيمنة والسيطرة والعصا والجزرة . نعم لا يريد ان يفهم مع انه يستطيع  ، وما اصعب الفهم ممن يتكلم ولا يفهم ، والاكثر صعوبة ممن يفهم ولا يتكلم . ان السكوت في لبنان لا يقدر بثمن ، احيانا يكون مالا لا يعد ولا يحصى ، واحيانا أخرى يكون الحياة نفسها ، وغالبا ما يكون الثمن هو البقاء على قيد الحياة في قيد لا طوق له ولا مفتاح سوى الايحاء بالرأس وبعث علامات الخضوع دائما .

صديقي القارئ

ان الاستحقاق المسيحي ( الرئاسي )اصبح بدون شك اللعبة المفتوحة في تصفية الحسابات المسيحية – المسيحية ، التي انعكست دائما ولا تزال تنعكس على مجمل الوضع اللبناني في جميع جوانبه ، خاصة حول مصداقية الطائف وثباته في وجه رياح التغيير التي تعلو كلما تعثر اللقاء المسيحي في طرح المواقف والرد على المواقف ، وعند كل محطة يكون فيها  المسيحيون دائرة مغلقة لا تنتج سوى المزيد من البعد والتشرذم والنفور والتفكك الداخلي . والى اين ؟

الى اين ؟ انتم ايها القادة المسيحيون تجرّون انفسكم ومن معكم الى متاهات الانحطاط والانقسام وبالتالي الى مذلة سياسية لا تنتج سوى قناعة واحدة وهي ان دوركم المؤسس والقيادي للجمهورية بات على  محك اعادة النظر والهيكلة الجديدة . الى اين انتم سائرون بعجلة مثقوبة وعلى طريق وعرة تهتزون فيحدث الفراغ ، تخافون فيمتلئ بمن يكون ، ومن ثم تفيقون على ملامة زيد وعمرو، فيصبح ما لكم لنا وما هو لنا متعذر عليكم والحصيلة ؟ مثالثه ؟ او مرابعة ومخامسة  ؟ وهل سيكون صوت جرس الكنيسة سنويا كأيام الاعياد ؟ والآتي اعظم ؟

تنتخبون رئيسا بكلمة سر او بتصريح مرور ،بكلمة وعيد او تهديد ، لا يهم كيف طالما انكم تحتفظون بالرئاسة ومن ثم ّ تبدؤون بمهاجمة هذه الرئاسة بكل الطرق الممكنة وهي تاج رأسكم ومنقذكم واملكم ، نعم انها الرئاسة المارونية ولكنها اللبنانية ولي الحق فيها لا ينقص عن حقكم ابدا ، فاذا كنتم لا تحترمون من يمثلها من ماروني فأنا احترمها كمؤسسة دستورية مؤتمنة على كيان بلادي فكفوا بالله عليكم من حط قدر هذه المؤسسة الوحيدة في شرق لا يعرف الا الديكتاتورية والاضطهاد والإرهاب . انها مسرحية ساخرة تدور بين القوات والتيار والمردة والكتلة والكتائب والتيارات الاخرى ، ابطالها ابطال حرب سابقين او من منتوجات عهد الوصاية او من فيروس المناعة ضدها ، ومن يدفع الثمن ؟ المواطن العادي ؟ اين هو ؟ وهل ما زال في لبنان مواطن عادي ؟ لا ،، لا يوجد في لبنان مواطن عادي وهذا ما يعطي الطبقة السياسية دفعا اضافيا للمضي قدما في سحق هذه المواطنة وطمس ملامح الحرية والديمقراطية باسم ديمقراطية وطن الرسالة لماذا؟ لان في لبنان مواطن غير عادي ، مواطن يتحرك ويتأقلم حسب نظام التوجيه المنوط به في وطن لا ثان له يقبل الجميع  ويتسع للجميع شرط القبول يهذه الرقاقة المنزلة وليرحم الله وديع عندما سبقنا وقال : لبنان يا قطعة سما .

لبنان يا قطعة سما  ، واذا اقدم مسيحي على بيع ارض يملكها تقوم الدنيا وتقعد حول هذا الملف الالغائي للمسيحيين . كلنا نعرف هذه الاسطوانة وكلنا مدرك لسياسة حزب الله البطيئة الثابتة وهي اقتلاع العدد الاكبر من المسيحيين من لبنان عبر شراء ما يُلزمه بالوطن وهي الارض . نعم كلنا نعي ذلك ومع ذلك لا حل ولا مشروع حل لهذه المعضلة سوى الكلام والصراخ والاستجداء. حسنا اذا كان الامر على هذا النحو فلماذا لا تهبوا انتم كقادة سياسيين وجمعيات مسيحية تعنى بالوجود المسيحي في لبنان والشرق ، لماذا لا تهبوا وتقنعوا البائع ليبيع الى مسيحي او الامتناع عن البيع واذا تعذر ذلك لماذا لا تهب بكركي لتشتري من مالها الخاص ( الوقف المسيحي ) وليدخل الفاتيكان على الخط اذا توجب ذلك ، ولندع حزب الله وتاج الدين وولي الدين وكل الذين يشاركون هذا المخطط ، لندعهم يخيطوا بغير هالمسلّة .

نعم ، اذا ترشح احد الموارنة للرئاسة ، يقوم الموارنة انفسهم بنبش قبور هذا المرشح وتحليل دمه والى اي فئة خارجية ينتمي او اي مشروع يساند ، مع العلم بأن ما تبقى لكم من الرئاسة لا يتجاوز فحص البقاء للموارنة انفسهم . لا حياة سياسية حقيقة في هذه المارونية ، انه نظام ديكوقراطي وكل ديك على مزبلته صياح وما اكثر مزابل الموارنة في لبنان .

ان ترشح الدكتور جعجع جاء لمنع فوز العماد عون بالرئاسة ،وان تعطيل النصاب من قبل العماد عون وحزب الله هو لمنع جعجع من الفوز وذلك لعدم ثقتهما بمواقف الوسطيين اي جنبلاط ، وكلاهما بالنهاية عون وجعجع لن يصلا الى قصر بعبدا وهذا معروف لدى الجميع ، فلماذا هذا التشنج المسيحي –المسيحي ،ان فوز عون بالرئاسة سيكون اسوأ بكثير من عهد اميل لحود واذا ما فاز جعجع بها سيكون اسوأ انقسام عامودي وافقي عرفه لبنان بل سيكون انقساما دائريا مغلقا وذلك لان لبنان لا يتحمل ابدا زعماء الحرب اللبنانية في سدة الرئاسة الاولى ونحن نعرف ان ما يحصل دائما سيحصل ، رئيس توافقي على قياس التوافقية اللبنانية من رضا حزب الله وايران الى قناعة سعودية وفرنسية ونصائح وارشادات اميركية ، وهكذا نمضي من رئيس الى آخر بصناعة خارجية ومواد اولية لبنانية . وسيبقى هذا الحال من رئيس مسيحي الى رئيس يحمل الصليب ومن ثمّ الى رئيس يحترم الصليب الى ان نصل الى رئيس بالمداورة الطائفية او بتكريس طائف آخر يعطي الاكثرية لمن هم فعلا اكثرية والارقام تتكلم ، وذلك عندما يصمت التوافق وتسقط الثوابت ويقع المحظور .

اخي القارئ

للآسف اني انعي اليك وفاة المؤسسة الأولى في لبنان ، وانعي اليك ذلك الوطن الذي كان حلم كل حالم بجنة الله على الارض . انعي الدور المسيحي بل انعي المسيحية ليس فقط السياسية بل الوجودية. ادعو المسيحيين عامة والموارنة خاصة الى اعادة احياء دور الرهبنة في الاديرة والمغاور والكهوف ، علّنا نرى جيلا جديدا جديرا بهذا الوطن ولو بعد مئة عام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق