الاثنين، 7 أكتوبر 2013

اللحى ما بين العار والوقار


 

ومرة اخرى يقف شاهين حائرا ، لا يعرف ماذا يفعل ولا يدري ما هو مناسب له . وقف امام مرآة ينظر الى حاله متفقدا كل شبر من قامته فاحصا بدقة متناهية هندامه المميز لهذا اللقاء المميز .

احتار شاهين في امر بدأ يقلق الكثيرين من اصحاب المواعيد واللقاءات سواء كانت اجتماعية ام غرامية ام ذات صلة بالأعمال والصفقات وحتى اللقاءات السياسية منها ، هذا القلق الذي بدأ يكبر ويتنامى مع تفشي ظاهرة التطرف والانقسام الديني والمذهبي ومتناولا كافة شرائح المجتمع ، الا وهي ظاهرة " الالتحاء " .

عزيزي القارئ

كم كانت اللحية تبعث على الطمأنينة ، وكم كانت تبعث على راحة النفس وهناء اللقاء ،سمة اهل الدين والمؤمنين من كافة الاديان والمذاهب. كم كانت تفرض احترامها ووقارها وترسم طريق التعامل معها بحسن التصرف وادب الحوار والسلوك ، كم كانت السباقة الى يسرة الامور وحلحلة المشاكل والعقد ، بوضع الرضى والقبول والاخذ بالرأي الصائب والحكيم . كم كانت صديقي القارئ تبهج ناظرها وتُفرح من يقربها، كانت التقوى والنضوج والحكمة والاحترام.

صديقي العزيز

اين نحن الآن من هذه الظاهرة الجديدة القديمة ؟ اين نحن من القدرة على تصنيف اصحاب اللحى وتمييزهم ؟اين نحن من هذه الشعارات التي فاقت عدد الشعرات ؟ اين نحن ؟ ما بين الشك واليقين بان هذا مجرم بلحية ام مؤمن بلحية ؟ بين هذين السوادين يقع السواد المميت ، فأيهما نختار في لعبة الاقدار ؟

غضب شاهين من هذه المسألة المستعصية والتي اصبحت مزعجة الى حد الاحباط والقنوط ، فهو الذي ابى ان يحلق قبل يوم زفافه متمنيا ان ينعم الله عليه وعلى الوطن بالهدوء والسلام ، وكأن القدر بدأ في رحلة انتقام جديدة عبر احداث لا تمس بصلة الى الاحداث المعهودة امنيا ، احداث تعبث بالمصير بمجرد النظر الى اللباس او المظهر او تمييز لفظ الكلام ما بين لهجة او لكنة .

هذه لحية سوداء داكنة، طويلة تنساب حسب تقاسيم الوجه، انه شاب لا يتجاوز العشرين من العمر، ترى ما الذي استوجب هذا الشاب لأن يترك لحيته على هواها ؟ اهو القنوط ام اليأس ام الحرب ام الدين ام المذهب ام الشعار ام التوجه السياسي او العقائدي ام ام ام ،،، ام ان لا وقت لديه لهذه الكماليات ؟

كنا بالأمس القريب نعرف بمجرد النظر الى مثل هذا الشاب ونتأكد بأن مكروها قد اصابه او اصاب احد المقربين منه وهذا ما ندعوه بالحداد ، وكنا نتعاطف مع هذا الواقع المرير ، اما اليوم فنراه مع السلاح ونرجوه ان يعطف علينا وان يرفق بنا قبل ان ننطق من نحن ومن اين اتينا والى اين ذاهبون . هذه هي حال شوارعنا واحيائنا وسطوح منازلنا ومفارق طرقاتنا ، لحى تأمر واخرى تنفذ ، وهذه تكفّر وتلك تحلّل وثالثة تحرّم .

خشي شاهين من عبور الطريق وايقن ان حياده السياسي والديني والاجتماعي لن يرأف به عند هؤلئك "المتكملون" الافاضل ، فقرر ان يحلق ويتراجع عن نذره المقدس ولكنه سرعان ما ادرك انه ربما يتعرض للخطف مقابل فدية مالية على اساس انه من اصحاب الاموال والنعم نظرا لما هو عليه من هندام انيق في حال نعّم وتنعّم .

اخيرا قرر شاهين ان يتنكر ويقوم بدور "الاخرس" علّه يستطيع التنقل دون خوف من طرح الأسئلة : من انت ؟ ومن اين ؟ والى اين ؟ ، وهكذا نجحت خطته وعبَرَ دون اي ازعاج بمجرد انه لا يتكلم ولا ينطق ، ولا فرق ان كان بلحية ام لا .

اخي القارئ

هكذا نحن في لبنان اخي القارئ الكريم ، ننجح بالعيش شرط ان لا نفتح فاهنا الا للطعام ،، هذا ان وجد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق