الاثنين، 3 مارس 2014

طفح الكيل



تمخض الجبل وولد فأرا " ، نعم تمخض تمّام بك ، ذلك الجبل الممتد من سلسلة جبال آل سلام ومن اعلى قمة فيها من صائب بك سلام . تمخض ذلك الجبل صاحب القرنفلة البيضاء الشهيرة التي هزت صدور رجال السياسة اللبنانية على مدى عقود طويلة ،فكان من ابطال استقلال لبنان ومن رجال ترسيخ مفهوم الدولة العادلة والقوية ومن اصحاب المواقف الجريئة والمستقيمة التي لا تقبل المراوغة ولا المبادلة ولا المبايعة ولا الصفقات المشبوهة ، نعم ايها الجبل فقد نُقلتْ الامانة الى تمام بك وكلنا امل في ان تعود القرنفلة الى سابق دورها ومكانتها .

نعم ولدت الحكومة في مخاض عسير وبولادة قيصرية بعد ان طفح الكيل بالسياسة اللبنانية وبالسياسيين اللبنانيين والمتلبنينن ، ولدت حكومة لتلد مشكلة بعد مشكلة ، فكانت الاولى في ولادتها والثانية لا تزال في بيانها الوزاري ومن ثمّ في ادائها وممارستها لمهامها وارضائها لأسيادها ولنا في هذا خبرة وباع طويلة . نعم طفح الكيل من الترقب والانتظار ، ومن الصغار يلعبون لعبة الكبار ، طفح الكيل فلم يعد لنا الا الصبّار لولادة الصبر على هذه الاقدار .

عزيزي القارئ

عندما يتفق النواب على شخصية لتأليف الحكومة فهذا يعني بالمنطق انهم يؤيدون ولادة حكومة برئيس اختاروه ولو حتى بالزائد واحد ،وهذا يعني أيضا بانهم على استعداد لتلبية رغبات وتوجهات هذا الرئيس المفترض في تعيين وتوظيف ونقل واقصاء من يراه مناسبا من اسماء بحقائب او بأسماء لتكملة النصاب والحفاظ على المئوية المذهبية . نعم هذا يعني بالمنطق ايضا ان لا عرقلة ولا حواجز امام التأليف ، وبالتالي من المنطق ان تولد هذه الحكومة بأسبوع او اسبوعين على ابعد تقدير. ولكن اين نحن من كل هذا واين اصبح المنطق الذي اصطدم بمفهوم الولاء للجميع باستثناء الولاء للوطن ، وماذا عسانا ان نقول بمنطق من يمسك زمام الامور عندنا بولائه للخارج والعمل على ايصال رسالة الخارج ، بل العمل على افشال الآخر اذا ما خرج للحد من تدخل للخارج .

طفح الكيل فيهم من تسميتهم الاولى وترك الامور عشرة اشهر تتخبط ما بين التفجير والاغتيال ،لماذا؟ لان كلمة السر الآن :لا ، لا لتشكيل الحكومة والسبب ان السعودية مثلا تمر بأحوال غير مرضية ، نعم لا للتشكيل الآن لان ايران تمر بحالة نفسية عقيمة ولا ترى اية مصلحة لبلاد فارس في هدوء لبنان ، نعم لا تشكيل الآن لان مصر لا تريد وتركيا لا توافق ، هذا ناهيك عن الغرب والشيطان وابليس وكل من نكت الدين والمذهب وكل من ادار الخد او جال الطرف ، نعم لا تشكيل لان هذا التشكيل هو مطلب الغرب ، ولكن اين هو مطلب اللبنانيين واين مصلحتهم العليا واولوياتهم الاساسية ؟ نعم لا قيمة لهذا الوطن ولا قيمة لأولوياته ولمصلحته بل القيمة للقتل والتفجير والتهجير وشل كل ما يرمز للدولة والمؤسسات ، وقد تعوّد اللبناني على اعتبارها رسائل بريدية مسجلة ومضمونة المحتوى وواضحة التوجه ، اعتاد اللبناني عليها : ويحك هذه ليست متفجرات بل رسائل . نعم اخي المواطن ، في المقلب الآخر الرسائل تقرأ اما عندنا فالرسائل تنفجر ، وكل هذا اصبح عاديا روتينيا نجتمع ونتهم ونرفض وندد ونتوحد على توجيه الاتهام الى اسرائيل على انها المستفيد الاول . أليست ايران مستفيدة ؟ اليس البعث مستفيدا ؟ أليست قوى الممانعة والتصدي والفكر المصدّي مستفيدة كذلك ؟

طفح الكيل من غباء اللبناني ، طفح الكيل من كيل الغباء والسذاجة حتى اصبح للأحمق اللبناني اسهما في بورصة الحماقة الدولية .في العالم العربي ، وفي اوروبا واميركا وافريقيا واستراليا في كل بقاع العالم افواج من الاغبياء يرسمون صورة لبنان على انغام ريشة جبران ونعيمة ، ويبحرون في رحلة الاغتراب المريرة لدعم الدولة ولا يدرون ان الذي يفهمونه هو ما بقي من احرف لغتهم الام ، في حين ان غيرهم يحسن صورة لبنانهم بأحرف ال ت ن ت وال سي 4 ، وكله تحت انظار الخارجية ووزيرها وسلطة حكومة وبيانها في دعم المقاومة وحرية المقاومة لمقاومة الصهاينة في الكاميرون ومصر وبلغاريا وامريكا الجنوبية ، واسرائيل على بعد ضربة حجر من زناد مرجلتهم ، ومن يجرؤ؟

صديقي القارئ

طفح الكيل من الثلاثيات والثنائيات ،من (الضروري والمؤقت) الى ثنائية وحدة (المسار والمصير) الى ثلاثية (الشعب والجيش والمقاومة) . فالاحتلال السوري كان ضروريا ومؤقتا ، ضروريا لتدمير لبنان بكل مؤسساته واجهزته وكياناته ، ومؤقتا لثمانية وعشرون عاما فقط ،الى حين استيقظ اللبنانيون بعد غفوة الحريري واُرغمَ البعث على انسحاب ضروري ودائم .نعم وجاء المسار والمصير وصاغ له الحرفيون اجمل عبارات التأكيد والتبرير من بري وجنبلاط والهراوي ولحود وسماحة وقنديل واللائحة طويلة وطويلة جدا ، فافترق اصحاب المصير ليلقى كلٌ مصيره بنفسه وانحرف المسار وتجزأ وتشعب ، واختفت الجملة وبقيت الفاصلة لتفصل مسارهم عن مسارنا ومصيرهم عن مصيرنا .

طفح الكيل بحزب الله وبمقاومته وطفح بنا الكيل الف مرة بثلاثية " الشعب والجيش والمقاومة " ، واذكّر الذين ساءت عندهم الذاكرة بان من اقتنع ان رصاصة المقاومة هي التي اجبرت باراك على الانسحاب من لبنان فهو غبي واحمق ، وستُظهِر الايام مدى سذاجة كل من صدّق هذه المعزوفة وستنجلي حقائق اتفاق الرئيس الراحل حافظ الاسد مع رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتهة صلاحيته باراك حول هذه الصفقة . قلائل يعرفون التفاصيل ولكنهم كثر ممن يعرفون الحقيقة واترك تكملة الكلام لنائب الرئيس السوري السابق السيد عبد الحليم خدام. اذا كفانا لعبا بمصير الوطن وكفانا لعبا بأرواح الناس وكفانا كذبا وخداعا وكفانا تحليل المحرمات من اجل الغايات تحت اسم المقاومة والتحرير. طفح الكيل بالوزارة وببيانها فلا مقاومة بعد اليوم لا في ارض الجنوب ولا في البيان ، لن ينفع التهديد ولا الوعيد ولا الضغط والتهويل ، سترحلون مع البعث ولن تنبعثوا مرة اخرى ابدا لا في الارض ولا على الورق ، لا في السياسة ولا في الدين ولا في الفقه .، وستلقون نفس مصير "الضروري والمؤقت " وستسلكون نفس طريق المسار والمصير.

ايها اللبناني

طفح الكيل من هذه الحرب العبثية ومن الكذب على الامهات والآباء ،فان الست زينب رضي الله عنها لا تريد مجرمين بأسلحتهم بل تريد عبادا بأيمانهم ، وان الشعب السوري لا يريد محتلين ولا غزاة اكثر مما لديه من البعثيين والشبيحة والفارسيين ، بل يريد جيرانا اصدقاء محبين مخلصين للجيرة وحسن الجوار. الى اين انتم سائرون في ذبح الشباب الشيعي على درب جاهكم وغروركم ؟ ألهذا الحد هو رخيص ؟ لا والف لا لا يا ايها السيد وايها الشيخ وايها النائب وايها المتكلم باسم الله وانبيائه ، وباسم الاسلام ومقدساته ، وباسم الجهاد ومبرراته ، وباسم الحجة التي هي اقبح من ذنب ، نقول لكم ان الشيعي هو ركيزة هامة  وهامة جدا من نسيج الشباب اللبناني ومن اركان هذا الوطن ومن مستقبل هذا الوطن ، فلا يحق لكم هدر دمه  وبالتالي هدم عائلة وتشريد اسرة ومن اجل ماذا ؟ ومن اجل من ؟ من يجرؤ ان يجيب ام فقدت ابنها في القامشلي او حلب او حمص ؟ من اجل ماذا او من اجل من مات ابنها ؟ ولن اقول استشهد ابدا فان زمن الشهادة قد ولى منذ حروب الفتح الاسلامي وبث الدعوة والاستشهاد من اجل القيم الاسلامية آنذاك ، وان الشهادة اليوم لا تقع الا في سبيل الوطن والدفاع عن الوطن ضد كل من يهدد الوطن اكان من الداخل ام من الخارج . بالله عليكم اي وطن تدافعون عنه ؟ في الجنوب ضد اسرائيل لتسارعوا الى احتلال شوارع بيروت ؟ ام تدافعون عن الضاحية بإشعال جبل محسن وباب التبانة ؟ام عن بريتال فتدمروا عرسال ؟ ام عن مشروع حكمكم الخاص فتنسفون عمل المؤسسات والوزارات ؟ لا شهادة بعد اليوم ولا وطن بعد اليوم لأمثالكم وامثال قادتكم ، فالوطن لا يتسع لقتلة وارهابيين وسفاكي دماء لا من حزب الله ولا من النصرة ولا من التكفيريين ولا من اي جهة او تنظيم او منظمة ، فالوطن يتسع لكل مؤمن فيه بعدالته وبكيانه وبنهائيته .
طفح الكيل ايها اللبناني بالحريريين الذين لا يرون في لبنان الا الحريري ولم يقتل احد الا الحريري ولم يكن لاحد مكانة الزعيم والقائد الا الحريري . رحم الله الحريري وكلنا اسفون لفقده ولخسارته ولكن لا يتوقف الزمن عند هذا المصاب  ولا يتوقف الوطن عند هذا الانسان وكما قال هو بالذات " ما حدا اكبر من بلده " نعم ما حدا اكبر من لبنان ، لقد فقدنا كمال جنبلاط والمفتي حسن خالد ، والرئيس بشير الجميل والرئيس رينه معوض والرئيس رشيد كرامي وقافلة كبيرة واسماء عديدة من المع نجوم السياسة والثقافة والاعلام والاقتصاد والجيش والامن ولم يتوقف الوطن . طفح الكيل منكم عندما تعلّون سقف الحوار والشروط ولا تستطيعون حماية هذا السقف او على الاقل الوقوف عند حافته وعدم السقوط . اذا كنتم غير قادرين على الاستمرارية في المواقف الصلبة فلماذا تتصلبون منذ البداية وتضعون انصاركم امام حدود لا خيارات فيها ؟ رفضتم المشاركة في حكومة مع حزب الله طالما هو في سوريا وعدتم وقبلتم ، ترفضون الآن صيغة الشعب والجيش والمقاومة ولكنكم سترضون بصيغة اشد وطأة منها وهي صيغة الحق في مقاومة اسرائيل ، فهذه الصيغة هي اوسع واشمل واكثر امساكا بالقرار المنفرد للحرب والسلم ، فاسمحوا لي بالقول بانكم اكثر لعبا وعبثا بالوفاق اللبناني  وبالدولة  وبالكيان من حزب الله واعوانه ، كلاكما شريك في هدم الجمهورية .، وكلاكما شريك في جلب الارهاب الى لبنان وكلاكما تتحملان مسؤولية ما يحدث من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب .

طفح الكيل بالانتهازيين وقراصنة الفرص، طفح الكيل بالأستاذ الذي لا ينفك يراوغ في كل مناسبة وخاصة ما يمس منها بالمسيحيين الضعفاء، ينتفض عند اقتراب الاستحقاقات الرئاسة الاولى والاهم الرئاسة الثانية ، ويبدأ بطرح المبادرات والافكار والتي تصب كلها في اطالة امد بقائه في سدة الرئاسة الثانية . انه المحاور الاول والمبتز الاول والمستفيد الاول دائما ، انه قامع رئاسة المجلس ومحتكرها ، فاذا كانت المداورة تشمل الجميع من فخامة الرئيس الى دولة الرئيس الى الوزراء كلهم، فلماذا لا تشمل دولته ؟ ام ان لا احد في لبنان يمكنه القيام بواجب الرئاسة الثانية الا نبيه بري ؟ طفح الكيل بالأستاذ وليد وبأدواره الدوّارة التي لا تدور الا عندما تدور الدائرة ، فينفذ بريشه ويعود ديك الجبل للصياح معلنا بزوغ فجر جديد من المعادلات والاصطفافات والمواقف . ان الوسطية بمفهوم الجنبلاطية هي استمرار الوظائف والحقائب واستمرار اللعبة الفوقية من الثنائي جنبلاط – بري وذلك لضرب كل عمل لا يتماشى ومصلحة الوسطية في اعلاء شأن المختارة وعين التينة . تارة يلبس عباءة العيش المشترك ، وتارة عباءة المقاومة اذا كان الخطر داهما ، وتارة العباءة الحريرية اذا ما دبّ الطفر وضربت القلة ، واخيرا يلبسون سوية عباءة الامة اللبنانية كلما دعت الحاجة لجمع القوى والتظافر من اجل الكراسي والطرابيش .
عزيزي القارئ

طفح الكيل بالعماد ميشال عون وسعيه المستميت للقب الفخامة ، وكانه اصبح اسير هاجس ال" انا" ،وطفح الكيل بالمسيحيين الذين لا يرون المسيحية الا من خلال الكرسي الرئاسي ، طفح الكيل بالتيار الوطني الحر عندما اصبح كالحسون الحر يغرد في قفص ملكية ابرويز .طفح الكيل بالتفاهم والتفاهمات عندما لا يستطيع هذا التحالف ان يعيد الصليب على صدور الراهبات المختطفات ، وطفح الكيل عندما لا تستطيع هذه القوى العظمى المتحدة الشيعية – المسيحية من اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين من سجون البعث السوري . طفح الكيل من هذا النظام وهذا التحالف الذي سيجعل من الرئيس القادم – هذا اذا صدق – سيجعل منه حامل صليب فقط وليس مسيحيا مارونيا سياسيا يحمل امانة لبنان وامانة البطرك المعوشي والحويّك والكاردينال نصرالله صفير . طفح الكيل من بكركي حين لا يضرب سيدها بيد من ايمان مطلق من اجل طلاق كل الزيجات اللامنطقية والعودة الى الخط الحلال المستقيم المستديم الحامي للكيان والوجود .
طفح الكيل منكم ايها اللبنانيون ، الا تجيدون الصراخ ؟ الا تجيدون الشتم والسباب ؟الا ترون ما يحصل في العالم ؟ لماذا السكوت عما يجري داخل احيائكم وبيوتكم ودياركم ؟
انزلوا الى الشوارع واطلقوا العنان لثورة سلمية ديمقراطية وحقيقية للتصدي لكل المؤامرات والصفقات والاعيب الاحزاب والافراد والتنظيمات . انزلوا الى الشوارع دعما للجمهورية ورئيسها ، دعما للمؤسسات والدستور والقضاء ، انزلوا دعما لمؤسسة الجيش والقوى الامنية الاخرى . طالبوا بإلقاء السلاح من الجميع وانكروا كل من يحمله ويخزنه ويؤمنه ويسلمه . لا تغادروا الشوارع فشوارعنا ادفأ من شوارع اوكرانيا ومن شوارع مصر وتونس  ،لا تتركوا الشارع ولا تركنوا الى الوعود الكاذبة حتى تروا الاستجابة ولو طال الزمن ، انقلوا اللبنانيين" من الولاء الاعمى الى الانتماء الاشرف المشرّف .
طفح الكيل وهل من حل آخر سوى دلق هذا الكيل بوجه من اطفحه  ؟