الأحد، 6 مارس 2016

اخوث!! بس مش حمار


يحكى ان رجلا مميزا معتزا بنفسه لدرجة الغرور المطلق ،صاحب معرفة وفطنة وحنكة ، يخال نفسه من غير طينة ومن غيرجبلة ، اهداه الله تعالى لهذا العالم البسيط الساذج ليعلمه وليدله على طرق لم يراها ولن يستطيع ان  يتصورها الا صاحبنا المميز.

صاحبنا هذا ، كان يقود سيارته الفارعة بهيبة رجل اعمال انحنت الاعمال له طوعا ومهابة ، يصارع الزمن في دورانه ويسابق العقارب في حركتها ، يريد كل شيء بثانية ويستحوذ على الكلّ في الاقلْ ، وفجأة عاكسه الحظ وضرب به عرض الحائط وطار عجل السيارة وكاد ان يهوي ولكن المشيئة انقذته.

خرج من السيارة غاضبا شاتما الحظ والطريق والسيارة ، يصرخ بأعلى الصوت ويركلها برجله تارة ويضربها بيده تارة اخرى حائرا لا يدري ما العمل ، لقد فقد الدولاب والبراغي معا وهذه هي المشكلة العويصة . تابع الصراخ واتكأ على حائط مبنى كبير يندب ما آلت اليه اوضاعه منتظرا مرور احد فاعلي الخير لعله ينقذه ، واذ به يسمع صوتا من الاعلى يقول:

ما بالك ما الذي جرى ؟

التفت اليه وحدق به وبالمكان فعرف ان هذا المبنى هو مستشفى الامراض العقلية وان الذي يكلمه احد النزلاء فلم يجاوبه واخذ سيجارة وانتظر . عاد الرجل وكلمه من اعلى وقال :

قلي ما المشكلة ؟

صرخ به وقال له : اتركني وشأني فلا ينقصني مجنون في هذا اليوم التعيس .

قال له المجنون اشرح لي ودعني اساعدك ، هيا ،،هيا ، قلّي

فكر صاحبنا قليلا وقال لنفسه سأقول له وسأعرف بماذا يفكر هذا المجنون ، ربما سأتسلى قليلا ريثما تصل اية مساعدة .

التفت اليه وقال : لقد فقدت اطار السيارة ويوجد بحوزتي اطار آخر فلا مشكلة ولكن المصيبة بأنني لا املك البراغي اللازمة لتثبيته فقد طارت معه . هذه هي المشكلة،، هل لديك حل؟؟؟

ضحك المجنون قليلا وقال له : الامر بسيط جدا ...

خذ من كل اطار برغي واحد وركبه فيصبح لديك الاطارات الاربعة مركبة بثلاث براغي ريثما تصل الى اقرب كاراج تصليح وتثبت الجميع كما يجب .

سكت صاحبنا وضحك وضحك وقال:

والله معك حق ، فانت فطن وذكي ، واعجب كل العجب لتواجدك هنا ، ومجنون من يقول عنك مجنون. أأنت مجنون ؟ قال له : نعم انا مجنون بس مش حمار !!!!! .احمر وجه صاحبنا خجلا ودخل سيارته منتظرا ما قُدّر له.

اخي القارئ

سائقو الامة الابطال يعبرون بنا كل يوم من هاوية الى اخرى والمشيئة الالهية دائما المنقذ والمخلص ، يعبرون بنا دون اي اعتبار لنا ودون اخذنا على محمل الجد ولو لمرة واحدة وذلك لأننا فتحنا السبيل امامهم بأننا نزلاء ذلك المبنى بالرغم من الفطنة والحنكة والذكاء ولكننا في النهاية نزلاء .يعقدون الصفقات ونحن في خضم الصفقة الاكبر ، صفقة التهميج  والنسيان مع العلم باننا من سيرقع العجل المثقوب ويدعو لهم بالسفر الميمون .

ننزل الى الشوارع ونضرب ونُضرب ، نهتف ضدهم وندعو لرحيلهم وفجأة ! نهتف لهم ونطالبهم بالبقاء والقيادة والتزعم ،، بالرغم انهم من يقود ومن يثقب العجل بل من يفقده نهائيا .

مسكين انت ايها الشعب ، مسكين في عيشك ، مسكين في عملك ، مسكين في طعامك ، مسكين في مشربك ، مسكين في امنك ، في تجوالك وفي ترحالك ، مسكين في ولادتك ،،، مسكين في موتك .....

اردت ان تُحاسبَ من اهملك فأصبحتَ المهمل ومن يُحاسب ،

اردت النزول الى الشارع فأصبحت ابن الشارع ،

اردت الكرامة ، فأصبحت صاحب علامة ،

ويحك ما اغباك وما اشجعك ، غبي لدرجة انك تصدق قدرتك على احداث فرق ولو بسيط ، وشجاع لأنك تستمر بنفس الغباء ،،،

عذرا !!!

لا اقصد الاهانة هنا ، بل اقصد الحقيقة ،،، والحقيقة انك ما بين الغباء والواقع في صف طويل من تفاهات ونفايات وحكايات الزعامة التي لا تنتهي لا بمطمر ولا بمحرقة ولا بترحيل .

مسكين ايها الشعب

طائفية السياسة ومذهبية التوظيف ، محاصصة المشاريع  وانانية التشريع ، قبول مناطقي وتوافق قبلي الى ان وصل الثلج الى الشاطئ في اوج الصيف ومن دون عواصف ، ومن دون رخصة قيادة .

وحده من يقود ووحده من يسرع ووحده من يثقب الاطار ووحده من يصلح الاطار ، وكله في نفس الاطار وفي نفس المعيار ، وفي نفس الحوار

اطال الله في عمر الحمار .