السبت، 17 يناير 2015

بين الوقاحة والصراحة


                               

خطاب بليغ والصدق فيه ابلغ، وكم من كلمات كادت ان تجرح الشاشة وتخرج لتصفع الاذن وتثقب الجمجمة وتدخل وتتغلغل بين وحدات الذكاء البشري ،

كم من خطاب بليغ بلغ حد الامساك بالزناد والبدء بالثورة واعلان النصر وقيام الجمهورية الخامسة والسادسة ولا زلنا امام الشاشة ،

كم من خطاب بليغ بلغ حد اخذ الريشة والقرطاس والبدء بنص دستور جديد صادق امين منصف وعادل يعطي الحق لأصحابه وينزع السلطة من ذوي العاهة السلطوية ، وينقذ البلد من الفوضى الخلاقة والخلابة والمنظمة والمتفق عليها ، هذه الفوضى التوافقية من طرابلس والقلمون الى الضاحية والقرى الجنوبية ونحن لا زلنا امام الشاشة بانتظار ان يتوقف صاحبنا لا لنفهم بل لنصفق فهم يفهمون ولسنا بحاجة لتكرار المواقف .

كم من خطاب لعين ايقظ فينا لعنة المسؤولية ، وكم من خطاب فصيح ايقظ فينا حس الاهمال والاتكالية ،

كم من خطاب من خطيب امّي صحّى فينا الاممية النائمة ، وكم من خطاب من خطيب بليغ اعمى عيوننا عن حقيقة كوننا امة لبنانية فينيقية ، عربية ازدواجية ، شرق اوسطية او شرق كروية ،

كم من فصاحة اوقعتنا بين الصراحة والوقاحة فاصبحنا بلا منازع دمى الساحة ، نجلب الهم لنُهمْ ،ونجلب العار لنُذم ،ونجلب التفرقة لنُلمْ ،فلا عذر لامة شلحت لأنها لا تبرد ، ولبست حبا بمصممي الازياء والتسريحة .
صديقي القارئ

صراحة او وقاحة يقولون كل شيء ببساطة متناهية وكأن البلد على كف الجن والملائكة ،والعفريت غادر مستودعات المطار والبور او عنابر القمح والسكر ،نحمل الموضوع على محمل الجد اللبناني ونجعل منه نكتة الموسم واضحوكة الاسبوع ونقول : طيب نحن نموت من الاكل فلماذا لا نموت من الضحك ؟ اليس ذلك ابهج وارحم؟ نتجاهل الواقع والحقيقة بالهروب الى الاسطورة ويُحكى انّ...نصفق ونصفق الى ان تتورم كفوف اليد ، ونقصد العيادة ،، ولكن اين الطبيب ؟ انه في المستشفى فنتابع الطريق ونصل الى باب هذا الصرح الطبي الشامخ والذي يستقبلك باللغة الاجنبية فتستعين بمترجم ليقودك الى المكتب الصحيح او العيادة المقصودة وتطرق الباب واذ بك خارجا : الدفع اولا وبالدولار، الليرة ممروضة وربما تحمل بعض الفيروسات القاتلة ولا تستطيع سوى الخروج الى الخارج ،،الخارج البعيد متألما صارخا ولكن باللغة ذاتها حتى يفهمك جيدا مصورو وصحافيو الحرية المستوردة :je suis malade او I don’t have money  و freedom وتنتقل الاخبار شرقا وغربا شمالا وجنوبا وتأتينا المساعدات الدولية والشقيقة والاخوية صناديق ذخيرة وكلاشينكوف معدل ليواجه التصحر وشدة الحر وتعدد الاستعمال ، شكرا لكم كم انتم مهذبون –انتم كرماء ونحنا منستاهل--، وننساق الى جولة قتال والى جولة محاكمة : انت ايها الخائن الم ترى ما فعلت اسرائيل في غزة والضفة؟ تتظاهر اولا ضد الحكومة والدولة ، وتساند الارهاب ثانية؟ الم ترى ما فعل الاميركيون بالعراق وبلاد الشام؟ وتأتي وتتكلم بلغة الشيطان ؟

لا ادري كم يلزمنا من الوقت ليدرك السوريون عندنا انهم لاجئون لا ناخبون ، وليدركوا انهم مشردون وليسوا بسائحين ، وان المسؤول عن تشردهم ليس الاميركي ولا العدو ولا انا ولا انت صديقي القارئ، ولا يزال عبد الكريم كرّم الله وجهه يصول ويجول بحماية زلم الله وابطال الثلاثية وسرايا الدعم الدمشقية ، يصول ويجول ويطمئن بأن اللبنانيين بخير في السجون السورية وهم ضيوف شرف عندنا ، ويقفز فوق الحواجز الديبلوماسية ويهدد ويضرب بكلام من فولاذ يصل الى حد ال سي 4 ، ملوحا بجائزة نوبل للسلام ، رحم الله نوبل على عدد النبلات التي اصابنا بها منذ ولادة طفلته المدللة " ديناميتا" .
صديقي القارئ
ومع هذا وذاك لا مسؤول سوى هو، ولا احد سيحاكم سوى هو ،ولا احد سيسجن مؤبدا الا هو وحده لا شريك له في الاعمال الشريرة، هو وحده سيحال الى دائرة كم الافواه وثقب الآذان ، وحده سيدفع الثمن لأنه لم ولن يفهم ان الانتصار في المعركة هو اكثر من رومية واكثر من تدمر والقلمون ، واكثر من جبهات نصرة ودواعش ، الانتصار هو بوقفة واحدة خلف وحدة القرار ووحدة السلاح ووحدة الانتماء ووحدة الولاء. وحده المواطن هو المسؤول ، كفى تحزبا وكفى تعصبا وكفى تفرقة وكفى تصفيقا وكفى..... كذبا ...

عزيزي القارئ
وقاحة الى حد الجرأة، وصراحة الى حد الجرأة ، وسكوت العامة تخطى الجرأة بكثير وقطع الخط الفاصل بين البسيط والاحمق ، وبالتالي يتحدث اللبناني عن الحرية والديمقراطية والقصر الجمهوري على  قاب قوسين من تأجيره شققا برسم الاخوان العرب ام منتجعا للأصدقاء الغُرُب ،ووزراء ونواب برسم التمديد والتجديد والتجليس والتبسيط والتجليد .

عفوك وطني ،، ما زلت لبنان فهل ما زلنا لبنانيون؟؟؟