الثلاثاء، 4 فبراير 2014

الثلم الاعوج من الثور الكبير


ومرة اخرى نثبت للبنانيين باننا كنا الافضل ، ومرة اخرى نثبت للبنانيين مقيمين ومغتربين ، مهاجرين ومهجّرين ، هاربين ومهرّبين ، بأننا كنا على حق في محاربة الارهاب الاول في لبنان . مرة اخرى نثبت للمجتمع اللبناني والعالمي ايضا بأننا كنا اصحاب قضية محقة في محاربة من اسس انطلاقة بؤر الارهاب الشرق اوسطي، نعم نحن اصحاب مشروع واحد وحيد وهو لبنان ، الوطن النهائي لجميع ابنائه . ومرة بعد الالف نقول لكم ايها العابثون بوطنكم بأننا كنا ولم نزل الوحيدين الذين يحق لهم حمل العلَم وتحية الارزة  .واكرر ، واكرر القول بأننا كنا الاحقّ والاوْلى بالاستشهاد الحقيقي من اجل لبنان ، وليس من اجل نظام او فقيه او ايديولوجية او وعد بسلطة او جاه . ومرة اخرى وبصوت كالرعد وبثقة كالحق ، نحن الجيش الجنوبي نذكركم ايها اللبنانيون الضعفاء بأننا كنا على حق في وطن لا يزال يفتش عن حقٍ للبقاء والوجود .

اخي القارئ

أتدرى لماذا لم يكن لنا علم خاص بنا ؟

أتدرى لماذا لم يكن لنا شعار خاص بنا ؟

أتدرى لماذا لم يكن لنا نشيد خاص بنا ؟

أتدرى ؟

ان العلم اللبناني علمنا والارزة شعارنا والنشيد الوطني نشيدنا ، لدينا لبنان الشعار والنشيد والهدف والايديولوجيا ، لبنان الوطن والحرية والكلمة .لم ننحرف عن خطنا ابدا ولم نطلع عن ثلمنا الذي رسمناه سوية ابناء الجنوب الابي. واجهنا الصعاب بأخلاقية المحارب المقاتل الشريف ، لم نفجر الاجساد ولم نرسل المقنّع ولا الانتحاري ، ليس لأننا عاجزون عن ذلك بل لأننا لا نؤمن بهذا النهج وهذا الاسلوب وهذا المنطق، نخوض حربا من اجل حماية المواطن من الغريب والمستغرِب والمستقوي بالخارج ، ليس لزرع الرعب والخوف والدمار من اجل الخراب والتدمير ، وليس بالتفريط بالأبرياء من ابناء هذا الوطن . خضنا حربنا من اجل هذا الوطن ليس الا ، ومن اجل السلام والامان والطمأنينة والعيش بكرامة ، وحسن الجوار اسوة بكل شعوب الارض قاطبة ، واذا كانت علاقتنا مع اسرائيل موضع شك وادانة ، فأقول لكم انها أصبحت سخرية القرن لان العداء لإسرائيل اصبح غطاءً للمجرمين والارهابيين الذين اتخذوا من اسرائيل ذريعة لمحاربة الآخرين .

اخي القارئ

نحن في بلد الاثلام المِعْوجّة التي لا تستقيم ابدا لكثرة الثيران التي تتخذ من احجامها قياسا لسياساتها تدير من خلالها البلاد والعباد . ثيران لم تشبع من العشب الاخضر بل تعدّته الى اليابس وهضمت ما لا يُهضم وتركت ما لا ينفع ويُقيت ، في سبيل البقاء فوق مرج المحتاجين وحقول الضعفاء .كل فريق في لبنان الاخضر له ثلمه الاعوج المشهور وصاحبه الغيور ، الذي يحاول اجبار الناس على السير في اعوجاج هذا الثلم واقناعه بأنه الوحيد المستقيم .

ماذا لو بدأت بالإخوان الشيعة واعوجاج ثلمهم الذي تخطى انحرافه حدود الوطن، وافقد الطائفة الشيعية الكريمة بوصلة القرار الوطني الصحيح. ربما لا يعجب البعض ما اقول ولكن الحقيقة تُقرأ دون مقال وتنطُقْ دون لسان ، فغالبية الشيعة لا يوافقون على هذا النهج وهذا الانحراف وهذا التسويق لفكر المقاومة الذي انتهى وغاب واضمحل بين زواريب بيروت ودمشق ، ولكن الغلبة لقوة السلاح ولمنطق الغابة ، ولمن يأمر بالقوة والويل للرافضين من غضب الآلهة البشرية لا الاله عز وجل . سيبقى هذا الثلم معوجا طالما الثور الكبير مستمر بالاتكال على ضعف الثور الآخر، ولنا في الحصاد غلة من قلة.

وبالإذن من بكركي ، ومن دورها التاريخي الذي ساهم في بناء لبنان ، اتساءل: اين المسيحيين الذين دأبوا على ان يكون ثلمهم او بالأحرى اثلامهم مستقيمة كخط الضوء منذ فجر الاستقلال ، هل ان ضغط الرغبة وحب السلطة جعل خطوطهم تبدأ بالانحناء تارة والتشعب تارة اخرى؟ نعم  لقد وصل بهم الامر الى اعوجاج ثلمهم الاساسي الذي وحّدهم واسّس لهم البقاء وجمع معهم مجد لبنان وعزته . لقد تناحرتم فيما بينكم وتخطيتم كل محظور وتجاوزتم كل عرف وتقليد وبالنهاية خسرتم حلفاءكم وخسرتم انفسكم من سوء عملكم ودباركم ورضيتم مرغمين بما كنتم ترفضون ، ولم تتعلموا شيئا ابدا ، لا من الالغاء ولا من الطائف ولا من الدوحة ، ولا زلتم على نهج المنافسة القاتلة الخاسرة .

اخي القارئ

ماذا اقول باهل السنّة الكرام الذين كنا نأمل الخير منهم اضعاف واضعاف بعد المصاب الكبير الذي المّ بلبنان عامة وبهم خاصة ، وكنا نعتقد بأنه سيجمعهم ويوحدهم على محبة لبنان اولا وعلى نهايته كوطن ثانية وعلى استقلالية قراره ثالثا، ولكننا اُصبْنا بخيبة امل عارمة عندما وجدنا ان اثلامهم لم تستقم الا للحظات قبل واثناء تشييع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، وبعد كل تشييع ومناسبة تفجير .ترى هل يجب الاستمرار بالقتل حتى يبقى اهل السنة واعون ؟

 وماذا بعد ؟

ما الذي يدور في اوساط سنّة لبنان ؟ ماذا يدور في الجوامع ودور العبادة وعند كل مناسبة دينية ؟ اين دار الفتوى ودورها ؟ اين رئاسة الحكومة التي اخذت المسؤولية الوطنية كاملة بعد اتفاق الطائف ، بالإضافة الى المسؤولية  كرأس الهرم في التسلسل السنّي ؟ للأسف ثيران تتناحر وتتناطح وتضرب وثلم الوطن والوطنية ينكسر ويتهشم وتدفع ثمنه طرابلس وصيدا وعكار والضنية وكل المناطق السنّية التي اصبحت سلعة في سوق المزايدات بين السلفية والوهابية والحنبلية والشافعية...وال ...وال ... والى اين ؟

ايها اللبناني

اذا كان لا بد من اخذ العبرة في هذا الطرح فهي عبرة الدروز . ثلمان متوازيان كسرا القاعدة العلمية باللقاء ، يلتقيان كل ما تقتضي الحاجة ويكمّل احدهما الآخر كلما وُجد نقص في مكان ما . ثلمان اصطفا حولهما الدروز عامة في كل ارجاء الوطن ، وثوران سياسيان يقودان هذه الطائفة الكريمة وعجل يطل بقرنيه الطرييّن بين الحين والآخر بنطحة هنا ونطحة هناك ، ولكنهم كلهم على خط الثلم الرئيسي الذي رسمه لهم الراحلان الكبيران . فيا حبذا لو سار الجميع في لبنان على هذا المسار بالرغم من كل الانتقادات والتحفظات والثغرات والتباينات الداخلية فيه والتي ما زالت كلها تحت سقف المقارعة السلمية ولم تصل الى طلقة  نارية واحدة .

اخي الكريم

لست هنا لأفضّل مذهبا على آخر او طائفة على اخرى ، بل اكتب هذه السطور لأقول للجميع بأن العلة في لبنان هي اولا وقبل كل شيء بثيرانه ،ولست هنا لأنتقي ايهما من الشرور افضل او اخف وطأة من الآخر بل اقول : هل يعتقد ثيران هذا الوطن ان الشعب مجرد ابقار فقط ؟ هل يعتقد هؤلاء الزعماء ان لا وجود لفقهاء ولا لعلماء ولا لأهل فكر يفهمون بالسياسة سواهم ومن لفّ لفيفهم ؟وبالمقابل الا ترى ايها المواطن اللبناني ان هناك زعماء افضل من الموجود ؟

اخي المواطن

آن الاوان ان نأخذ هذه الثيران الى مسلخ السياسة الحقيقية ، الى مسلخ صناديق الانتخابات الحرة ، آن الاوان لكي نجردهم من قرونهم ومن حوافرهم ونودعهم في ملحمة طهاة السياسة الاذكياء الذين يطعمون الحرية ما تتلذذ به من عزة وكرامة .

اخي اللبناني

اننا على عتبة استحقاقات مصيرية في الوطن ، قف وفكر الى ما ستؤول اليه الامور ، اذا ما بقيت ثيراننا وسط حلبة مدريد او مكسيكو تتناحر على قماشة حمراء .