الجمعة، 8 مارس 2013

وزير لقطة

هنيئا لنا،، هنيئا لكم ،، هنيئا لكل محبي لبنان ،، هنيئا لكل محبي سوريا،، لكل محبي الوطن العربي . هنيئا للسياسة والديبلوماسية ، هنيئا لصالونات لعبة الامم ، هنيئا لصانعي القرار في لبنان الذليل والعالم العربي الهزيل . هنيئا لكل من فتح كتابا وتصفح صفحة ، ونطق بكلمة او صرخ بحرف ، هنيئا لنا نحن اللبنانيون بهذا الوزير الذي تمعن جيدا وصاغ بمنتهى الدقة كل كلمة قالها وكل جملة حاكها واوصل بكل امانة الرسالة الواضحة الى من يجب ان يقرأ ويفهم ما للبنان وما لسوريا . هنيئا لنا بهذا الوزير "اللقطة " الذي حطم الرقم القياسي باللعب على قيم المواطنة ، هنيئا لنا بك يا معالي " الزير " انت يا من حفظ مجد لبنان وكرامة وعزة مواطنيه . هنيئا لك سوريا ( النظام ) بمعالي الوزير وبهذا المقام وهذا التكريم وهذا الموقف من اجل الاسد واشباله ، وكم كان السعد ليكمل لو لم تعد الينا ايها الوزير وعرجت وحطيت في جنتك التي تحب ، ولتنعم هي ايضا بدفء حبك لها وبغيرتك على مصالحها القومية .
صديقي القارئ
لقد اتحفنا الوزير عدنان منصور بموقفه المشرّف في اجتماع مجلس الجامعة العربية حيث اصرّ على المطالبة بإعادة سوريا الى ممارسة دورها الريادي في بناء الامة العربية . يطالب هذا الوزير وكأن الوضع في سوريا لا تشوبه شائبة وكأنه لم يسمع عما يدور فيها ولا يفقه من الاحداث الدائرة شيئا ، يطالب دون ان يرف له جفن او تسقط دمعة ولو بالغلط على آلاف الضحايا والمشردين من هذا الشعب المسكين ، ويطالب بعودة الجزار الى حضن الامة ( ولو يا معالي الوزير انطر قليلا حتى يجف الدم السوري من على الطرقات والجدران ).
لقد اساء الينا كثيرا ، نعم لقد اساء الى كل لبناني ، اساء الى الاخلاق اللبنانية الى الشرف اللبناني اساء الى حسن الجوار ، جعل منا اضحوكة بل اكثر من ذلك جعلنا محط سخرية وشتيمة على كل شفة ولسان . اني اسأل الرئيس ميقاتي : هل الوزير عدنان منصور يمثل السياسة الخارجية اللبنانية ؟ فاذا كان يمثل فهذه كبرى مصائب الوطن في النهج الاحمق المتطرف المسيء الى الدولة والى الشعب والى مكانة الوطن على قائمة الدول المحترمة لمواثيق وشرعة الانسان والقانون ، وبالتالي لن يكون الوزير المسؤول وحده عن هذا التردي وهذا الموقف بل ستشاركه دولتك في تحمل كامل المسؤولية ، أوا ليس وزيرا في حكومتك ؟ وكذلك ايضا ان مسؤولية فخامة الرئيس لا تقل عن مسؤولية الحكومة مجتمعة فهو المؤتمن على الدستور وعلى صيانة الوطن ودرء المخاطر . اما اذا كان ينطق بصفة شخصية فالمصيبة اكبر ( يعني فاتح على حسابو ) فعلينا مساءلته جميعا امام ضمير الشعب اللبناني قبل المثول امام الحكومة والمجلس النيابي . فلماذا الانتظار لإقالته من الحكومة ؟ او اقله اعادته الى الطريق القويم ، ام ان الوضع الامني العام والمحافظة على السلم الاهلي يستدعيان السكوت عن كل ذلك لعدم جر الوطن الى متاهات صعبة ومريرة ؟ ولنسلم بالأمر الواقع وبما يمثله هذا الوزير ولنحول راتبه وتكاليف اسفاره واقامته على الخزانة السورية او الايرانية رحمة بالاقتصاد اللبناني وعلى الاقل نكون قد عملنا شيئا بالحد الادنى .
اخي القارئ
الا يجدر بوزير الخارجية ان يكون على علم ودراية بما يدور من حوله ؟ الا يجدر به ان يقرأ السياسة من كل جوانبها بل ان يقرأ ما بين السطور لتبيان المناسب في اتخاذ المواقف ؟ الا يرى ؟ الا يسمع ؟ فلنسلّم جدلا بسذاجة هذا الوزير وغبائه السياسي ، الا يجب ان يكون لديه طاقما سياسيا من المستشارين والحكماء والمراقبين ؟ لماذا لا يهدونه او بالأحرى لماذا لا يلفتون خاطره الى المطبات التي يهوي فيها من خلال تصريحاته ؟ لا يقولنّ لي احد ان الطاقم كله على نفس الخط والنغمة ، فربما آن الاوان لان نقلب الصفحة ونترحم على ما هو بلد ودولة وكيان ورأي حر وموقف .
معالي الوزير المحترم
ماذا تقص لأولادك او احفادك او اصدقائك عن مواقفك السياسية التي تطرحها هنا وهناك ؟ ماذا تقول لمجرد السؤال عما يجري في سوريا والمنطقة ؟
اهي مؤامرة ؟ام خيانة ؟ ام اطاحة بنظام الصمود والتصدي ودحر العدو الصهيوني ؟ اهو القتال من اجل الارض والعرض والوطن والكرامة ؟ وضد من ؟امن اجل تحرير القدس أم الرقة أم حمص؟ اليس هذا القتال من اجل العائلة وبالتالي النظام البعثي البائس ؟ ما هو دورك في كل هذا وماذا يعنيك  من باب السياسة اللبنانية ؟ اليست مهمتك هي في شرح الموقف الرسمي اللبناني النابع من الموقف العام اللبناني بغض النظر عن اختلافات الرأي المشروعة ؟ وكما قال المثل العامي " ليش حامل السلم بالعرض ؟"
اهو تكليف رسمي؟ ام تكليف شرعي ؟ ام تكليف مالي مأجور لا سمح الله ؟انت ادرى الناس وانت اكثر فطنة وحنكة لتنزع عنك هذه الملصقات المخزية . استقلْ من الحكومة بالله عليك واحفظ قليلا من ماء وجهك ووجه هذا الوطن الذي حضنك ورعاك.

الثلاثاء، 5 مارس 2013

الرسالة الثامنة

                                المعرفة
حبست الدموع واطلقت الصراخ فلم انجح ، حاولت ان احبس الانفاس واطلق الدموع فلم انجح ايضا ، فانا ضعيف في الحالتين بل انا في قمة قوة الضعف . لا نفع في الدموع ولا نفع في الصراخ فالنتيجة واحدة وهي الفشل ثم الفشل. احاول الهروب من شيء يهرب مني ويعدو بعيدا عني ،احاول الهروب من ذاتي لأني لا اقدر على فهم واستيعاب ما انا بحاجة اليه . ترى ما الذي احتاجه لأكون انا ، وما ينقصني لأجعل من ذاتي ذات " الأنا " ، ربما افتقد لمعرفة ماهية " الأنا " ومن " أنا " .
انا رجل وجدت الحياة من جهد البقاء ، ورغبت البقاء رغم الشقاء. انه التحدي في جعل الاستمرار سهلا والسعادة هدفا ،فكلما بعُدَ الهدف ازداد الشوق وغاب اليأس ، ترى ايمكن ان اصل قبل الوقت ؟ .
حلّ الوجود ضيفا دون دعوة او اذن ، فأصبحتُ جزءا من ذاك الوجود ، اكافح واناضل ، امرض واتعب واشقى من اجل هذا الوجود ، ولا اعرف في الحقيقة  سبب وجودي او ما اوجب وجودي فيه . هل بقائي سيغير شيئا ؟ هل كان سيتغير شيئا لو لم اكن ؟ هل يأتي هذا البقاء بفارق يساوي هذا الجهد ؟ لا ادري ، كل ما اعرفه هو انني هنا وموجود ، ولهذا سأنطلق بكل قواي وبكل ما اوتيت من ارادة وصبر وطموح .
يا بني،
ان المعرفة هي الحجر الاساس لتحديد الشروط المطلوبة للبقاء والاستمرار ،  فمعرفة الذات قبل كل شيء هي القناعة بالذات وبالتالي القبول بما هي عليه اي بمعنى ان نقبل ذاتنا كما وُجدت وبقبول اقرب الى الايمان بالشكل والمضمون منه الى التسليم بالأمر الواقع ، وبالتالي هي الفكرة الرئيسة التي نبني عليها التطلع الطّموح من خلال تثبيت الحاضر وتهيئته لانطلاقة اخرى بعد تصحيح ما اعوج وانحرف سابقا . لقد قيل " انا افكر اذا انا موجود " ، وانا اثبت العكس الصحيح بالقول " انا موجود اذا انا افكر " وبغض النظر عن قيمة الفكرة او نتائجها فلا وجود دون ادراك بالحد الادنى بدءا من الانسان حتى اسفل الخلق . اذا انّ الوجود يفرض فرضية التفكير من اجل البقاء ، وما يفرضه من تأمين للمأكل والمشرب والمأوى ، ليُصبحَ مقياسَ وجود الانسان وليؤكّدً حضوره بنتيجة وبتأثير .
يا بني
اختلفت مستويات المعرفة بين مجتمع وآخر وبقيت خاضعة للمعرفة الفردية  التي كوّنت مع مجموعة اخرى من "معارف متشعبة " معرفة كبرى رسمت حدود تعريف المجتمع المنتمية اليه . ان تباين مستويات المعرفة لا يمس قيمة هذه المعرفة ولا يمس فعالية دورها سواء في دفع عجلة التقدم او العكس كما الحال في معرفة الاجرام والارهاب والتدمير ، فكل معرفة لها اطارها ومسلكها ونتيجتها . ان معرفة  البناء لا تقل اهمية عن معرفة المختبر مثلا ، وهذا ما يوصل الى مساواة اصحاب هاتين المعرفتين بالقيمة المطلقة لكل معرفة ، وبالتالي فان عالم ذرة لا يستطيع تصليح سيارته كما هو الحال مع عامل الميكانيك الذي لا يفقه ابدا بعلم الذرة . اذاً ان كل معرفة لها قيمتها الخاصة ولها تقديرها ومكانتها وما على الفرد الا اختيار معرفة تناسب امكانياته وعطائه وتناسب بنيته الفكرية والجسدية ليكوّن معها وجودا فاعلا  .من هنا نرى انه يمكننا معرفة انفسنا من خلال ميلنا اولا وقدرتنا ثانيا على اتخاذ المسلك الايجابي في حياتنا .
ايها الشاب
اني انقل اليك خلاصة عشرات السنين من المغامرات والتجارب التي وقفت كلها بأسبابها ونتائجها على قدر المعرفة بظروفها والتصرف حيالها ، فلا تندم على عدم معرفة بل اندم على افساد ما تعرف وسارع الى تقويمه . اذكّرك بأن تجعل الثقافة توأما للمعرفة ، فان المعرفة دون ثقافة كالزهرة دون اريج ، جميلة وجذابة ولكنها من دون روح وتفتقر الى الحياة .
يا بني ، دع الحياة تعطيك ما لديها وتعلّم في صفوفها حساب الزمن وقيمة الايام ، اصغِ الى الكبير واستمع الى الصغير فما بينهما يكمن سر العبور نحو غدٍ اكثر وضوحا وانقى صورة ، واعلم جيدا اين تضع قدميك ، فلا ترتفع دون قيد ولا تغوص دون انتباه ، واعمل على ابقاء جبينك مقابل الشمس ويدك ظاهرة للجميع .