الجمعة، 27 أبريل 2012

تنذكر ما تنعاد

13 نيسان 1975 ،كنت في العشرين من عمري في صيدا عاصمة الجنوب اخوض معارك ضد اليسار اللبناني والمنظمات الفلسطينية وعلى راسها منظمة الصاعقة السورية على اثر مقتل النائب معروف سعد ، كنت آنذاك جنديا في الجيش اللبناني بصفة طالب احتياطي لفترة سنة في خدمة الوطن .
13 نيسان 1975 ، وعلى بعد اربعين كيلومترا من معارك الجنوب نشبت معركة اخرى (معركة البوسطة ) في بيروت – عين الرمانة – هذه المعركة او الحادثة التي اشعلت الحرب اللبنانية كما اتفق عليها ، ولكنها كانت مشتعلة في الجنوب منذ ست سنوات تقريبا اي منذ ما قبل التوقيع على اتفاق القاهرة . فأي تاريخ نعتمد فعلا لبدء الحرب اللبنانية ؟
عزيزي القارئ
بالنسبة الينا نحن الجنوبيون ،لقد بدأت الحرب منذ ان تخلت الدولة عنا ووقعت اتفاق الذل والشؤم (القاهرة عام 1969 ) . منذ ذلك الوقت ونحن نخوض حرب البقاء على ارضنا وفي قرانا ومدننا ، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نخوض حرب التواصل مع الوطن وعدم سلخنا عنه ، منذ ذلك الوقت ونحن في صراع مستميت مع محتلين تعاقبوا على احتلال هذه الارض وعاثوا فيها فسادا ودمارا وتشريدا ، والدولة الكريمة غائبة نائمة متسترة بورقة لا تستر عيبا ولا تغض نظرا .
نعم ، لقد كتب علينا القهر والعوز ، التهجير والهجرة ، الحزن والكآبة ،ولكننا بقينا على كرامتنا وعلى ايماننا بوطننا ، على حريتنا ، بقينا على ارضنا ندافع عنها ونقدم لها كل غال ونفيس من دماء شاباتنا وشبابنا . كنا في حربنا الخاصة قبل حربكم العامة، كنا قبل الثالث عشر من نيسان واتيتم لتكملة ما بدأنا به بعد ان وصل "الموس لذقنكم " كما يقول المثل ، وليكن هذا التاريخ تاريخ بدايتكم ونقول معكم " تنذكر ما تنعاد " .
اخي اللبناني
" تنذكر ما تنعاد " ، نعم لنتذكر الحرب حتى نعلم ما جنت ايادينا ، لنتذكر الحرب حتى يعي اولادنا ويلاتها ومآسيها . نتذكر الحرب حتى نتعلم ويتعلم كل من يأتي بعدنا ان لا حلولا نتيجة حرب ولا مستقبلا نتيجة حرب ، فالحرب نهاية الحوار وبداية التباعد ، هي تقصير بالأداء وسوء تعبير عن الآراء ، انها النقمة والكره والانحلال .
" تنذكر ما تنعاد " تلك الحرب اللعينة التي قضت على كل قيم تربى عليها اللبناني الكريم الحر ، تلك الحرب التي ابعدت الاخ عن اخيه ، واقصت الصديق عن الصديق ، هجّرت الفرد من العائلة ، وابعدت العائلة عن جذورها . حرب ، خضناها بعد ان عشقها البعض واحبها البعض الآخر ، خاضها من كرهها مرغما لأنه يعرفها وناسبت من يجهلها ، هذه الحرب الخطأ بل الخطيئة اوقعتنا جميعا بالخطأ والخطيئة.
" تنذكر ما تنعاد " ايتها الحرب اللبنانية ، من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ، من الجبل الى السهل الى الساحل ، وكلنا امل ان لا تعاد المتاريس للفصل بين الاحياء ، ولا اكياس الرمل لتسكير النوافذ والابواب ، ولا الحواجز لفصل المناطق عن بعضها البعض .
اخي القارئ
تعود اللبناني على جملة " تنذكر ما تنعاد " وخصّ فيها الحرب وقصد تلك السنوات المريرة والصعبة ، وتعودت عليها السن العامة : الحرب ، الرصاص والقذائف ، القتل والتشريد والتدمير ، ولكن ايها اللبنانيون لدينا " تنذكر ما تنعاد " لأمور اشد مرارة من طلقة النار وانفجار لغم او قذيفة ، واشد وقعا من سيارة ملغومة او فقدان صديق او عزيز. " تنذكر ما تنعاد " لكل ما وصلنا اليه بعد اكثر من عشرين سنة على انتهاء حرب النار والدخان .
عزيزي اللبناني
اقول "تنذكر ما تنعاد " عندما ارى ما نحن فيه ،وما اصبحنا عليه من تقسيم وشرذمة بالنفوس ، من احقاد وضغائن .
عندما ارى السياسيين واسمعهم يتكلمون باسم الشعب ، واي شعب بقي لينطقوا باسمه .
عندما ارى فئة من اللبنانيين تغمرها نشوة الغلبة والسيطرة بفضل سلاح اصبح مشبوها وعليه الف علامة استفهام .
" تنذكر ما تنعاد " للتقسيم الجغرافي والفرز المناطقي ، للبؤر الامنية والمربعات الحزبية ، للتجمعات الاستيطانية الجديدة ( ويا ليتهم تعلموا الديمقراطية الاسرائيلية بدل ذلك ).
"تنذكر ما تنعاد " للاغتيالات السياسية بعد ما تعذر الاقناع والاقتناع .
لمجلس نيابي خذل الامة واصبح دون مستوى طموحات هذا الشعب الجبار.
" تنذكر ما تنعاد " لحكومات تبدأ وطنية وتنتهي عميلة ،ومنتوجا مستوردا .
لفساد مستشرٍ ، ولهدر مالٍ ، وسرقة خيرات هذا الوطن .
"تنذكر ما تنعاد " على ولاء طغى على الهوية اللبنانية وعلى انتماء ضاع ما بين  نظام وولاية .
" تنذكر ما تنعاد " على اجهزة حكم مسيّرة وعلى المصالح المعتبرة فوق كل اعتبار، على القضاء ، على الاصلاح وحقوق الانسان وحق الوطن وواجب المواطن.
تنذكر ما تنعاد على هذا الوطن ، على لبنان .
ايها اللبناني
لندع العاطفة جانبا ولنتكلم بالعقل وبالمصلحة الوطنية العليا ،كل فرد يختبئ خلف "تنذكر ما تنعاد " ولا احد يجرؤ على قول الحقيقة . كل من زاوية مختلفة يشعر بقرارة نفسه بانه الخاسر الوحيد من هذه الحرب وبالتالي يتمنى ان يصحح هذه النتيجة ، انه شعور الغالب والمغلوب الذي بات واضحا الان اكثر من اي وقت مضى .
لا اريد التطرق الى التفاصيل حتى لا يقال عني اني من دعاة الحرب ، ولكن الوقائع لا تكذب وشحن النفوس لا يُستّر، وانتهاك حرمات الناس وحريتهم السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية وحتى الحرية الشخصية كلها تتجه نحو ما نخشاه كلنا ، ونعود "نتخبى بخيال اصبعنا " ونقول " تنذكر ما تنعاد " .
ايها اللبنانيون
كلكم اسستم لحرب اهلية الا نحن في الجنوب ، كل احزابكم استعدت لها الا نحن ،كلكم شاركتم بها على اساس طائفي ومذهبي الا نحن ، تعددت عندكم الولاءات وتنقلتم بين الاعداء الا نحن ، ربحتم وتنازلتم وقبلتم وختمتم اتفاقات " الطائف ، والدوحة ، والاخوة ، الى آخر ما بصمت ابهامكم اليسرى واليمنى الا نحن، نحن من دُفع اليها واُجبر على خوضها ، ونحن في مهب الريح  ، كلكم رضيتم بالذي اصابنا وتساهلتم مع ضمائركم حتى نسيتم وقع صراخها ،آلاف المهجرين والمهاجرين ، واللاجئين ،والمحتجزين ، والمغيبين والمفقودين ، وبعد كل هذا تأتوا الينا وتقولوا "تنذكر ما تنعاد "؟ .
اخي اللبناني
لست من هواة الحرب، ولا من هواة العنف، ولا الصمود والتصدي ولا الاستسلام والتخاذل. انا من هواة بل من عبدة لبنان والارز ، انا واحد من الذين سقوا التربة دماءً وحملوا راية الوطن عالية حرة ، انا واحد من الذين قاتلوا سنوات طويلة   دفاعا عن قيم لبنان واحلام لبنان وصيغة لبنان ،لا احد يستطيع ان يثني عزيمتي ، ولن اقبل الا بالحق لكل صاحب حق وبالهوية لكل من يستحقها .
بالله عليكم كفى " تنذكر ما تنعاد " .


السبت، 14 أبريل 2012

مرْ ما منو مفرْ

لا ادري اذا كان المجتمع الدولي يشكك في قدرة الشعب السوري على الاستمرار بثورته ، ولا ادري اذا كان هذا المجتمع يظن ان الرئيس السوري غير جدي بقمع هذه الثورة بأية وسيلة وبأي ثمن . لكن الذي يعرفه الجميع ان ما بين الشك والجد ، يلعب اللاعب الروسي بكل حرية ، ويضع النقاط حيثما يريد ويحذف احرفا كيفما يريد دون رادع او حسيب ودون اية مواجهات تذكر من قبل الاعضاء الدائمين في مجلس الامن الدولي . والذي نعرفه أيضا ان الرئيس السوري عرف كيف يلعب على تناقضات المواقف العربية والاقليمية وحتى الدولية وها هو يسعى جاهدا لكسب الوقت اللازم للقضاء على هذه الثورة .
لقد علمتنا الاحداث وبدون شك ان ما من ثورة شعبية الا ووصلت الى اهدافها ،وما من شعب انتفض الا وحقق ما يريد . ان ارادة الشعوب لا تقهرها آلة ولا يثنيها بطش مهما طال الزمن ، وهذا ما اوضحه التاريخ منذ فراعنة مصر وقياصرة روما مرورا بأشد الأنظمة قساوة من الخمير الحمر "كمبوديا" الى مجازر الابادة الجماعية في القارة السوداء ، وتبقى النتيجة ذاتها مهما تغير اللون وتقلب السلاح ، فالنصر للشعب دائما .
اخي القارئ
لا يمكن الادعاء بان ما يحصل في سوريا هو شأن داخلي ولا يمت بصلة الى دول الجوار وخاصة لبنان ، ونقول لبنان خاصة ، لأن في لبنان حلفاءً لسوريا واتباعا للنظام بعثيين اكثر من "ميشال عفلق "نفسه . هنا تكمن خطورة نتائج ما يحدث في سوريا على الساحة اللبنانية في الوقت الذي نرى فيه سياسة الحكومة اللبنانية سياسة ترقيع لا اكثر ولا اقل وهي سياسة " مسح اللحى وتبويس الشوارب "، سياسة ارضاء لهذا وترضية لذاك ، ولا احد يعي الاخطر وهو نتيجة الثورة السورية وما ستؤول اليه الاحداث ، فكلاهما مرٌ على لبنان : نجاح الثورة مرْ ، وبقاء الاسد امرْ ، وللأسف يتحلى اللبنانيون ما بين هذه المرارات بقانون انتخابي لا يعرفون اليه سبيلا ولن يفيدهم بشيء على الاطلاق ، حتى ولو جاؤوا بأفلاطون وسقراط والفارابي ، سيبقى النائب نائبا والمحدلة محدلة والنتائج معروفة سلفا . فلماذا لا يتركون هذا المشروع الفاشل جانبا وتوأمه مشروع الكهرباء ايضا . لن ينعم لبنان بالكهرباء سواء اتت من بواخر او معامل طالما ان المستفيد منها لا يدفع وطالما انها لأشخاص ومناطق ومحسوبيات ، وطالما ان الحاكم لا يعنيه المواطن وما يعانيه . ليعوا هذا الفالج الوطني وليتجهوا الى دراسة النتائج التي ستُفرض عليهم بعد الثورة السورية .
اولا : اذا انتصرت الثورة في سوريا – وهذا ما يتمناه كل حر في العالم – ستنتقل مباشرة الى لبنان ولكنها ليست ضد النظام ولا الدولة ، لان لا وجود لنظام ولا لدولة ، بل ضد نظام الدويلة "دويلة حزب الله " . ان الشعب اللبناني باعتقادي لن يترك ثانية تمر بعد انتهاء الثورة في سوريا لينزل الى الشارع مطالبا بأنهاء سيطرة السلاح وتسليمه للدولة وبانضمام الجميع تحت رايتها بالحوار او بالقوة ،  بالمظاهرات او بتبويس اللحى، بكسر الاذرع او برص الاكتاف. ان الهدف هو وضع لبنان فوق كل اعتبار والعبرة لمن يعتبر من الشعوب اذا نزلت الى الشارع .
ان انتصار الثورة السورية هو انتصار ذو وجهين :
- الوجه السياسي ويعني انتصار الحرية والديمقراطية على انظمة الرأس الواحد – الانظمة العقائدية والديكتاتورية ، وهو آخر عنقود الربيع العربي بإسقاط الانظمة التي حكمت شعوبها لأكثر من نصف قرن تقريبا دون ان تقدم لها شيئا سوى القمع والفقر وحضارة القرون الوسطى . ان هذا الانتصار السياسي هو انتصار على كل من يدور في فلك النظام وبالتالي فان الرسالة واضحة : سيأتيكم الدور فانتم اللاحقون .
- الوجه الديني "المذهبي " فيتمثل بانتصار السنّة في سوريا وانهاء سيطرة اقلية حكمت بيد من حديد وبالتالي انتصار على كل توجه غير سني ضمن الاسلام عامة، وهو موجه الى طهران والى حزب الله في لبنان . ان السنّة في لبنان سيتلقفون هذا الانتصار ليعدوا العدة لانتصار خاصٍ بهم وبنفس المعايير السورية ، انتصار ضد حزب الله وحلفائه "سياسي" وانتصار على الشيعة "مذهبي" . ان الساحة اللبنانية ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات ومن ضمنها الحرب الاهلية لان حزب الله لن يسلم بالأمر ببساطة بل سيدافع عن موقفه وعن مكتسباته ولا اعتقد بانه سيلجأ الى فتح الجبهة الجنوبية ضد اسرائيل لأنه يعلم ان لا احدا سيسانده وان مقولة الجيش والشعب والمقاومة ستكون قد سقطت فعلا. اذا سيكون توجه حزب الله الى الداخل اللبناني بفرض وجوده المطلق بقوة السلاح ومن ثمّ استثمار هذا السلاح وجعله خشبة العبور تجاه الدولة المدنية لعلمه ان الوقت لديه نافذ والمتسع ضيق جدا .
اما اذا بقي نظام الاسد " بقوة قادر" فهنا ستقع الكارثة الكبرى في سوريا نفسها وفي لبنان وبالتالي منطقة الشرق الاوسط ، باستثناء اسرائيل طبعا التي ما زالت على موقفها من نظام عائلة الاسد وهو الرضا وعدم البحث عن بديل تاركة الامور تأخذ مجراها بنفسها .ان اولى نتائج هذا البقاء على الصعيد الاقليمي هو وداع القضية الفلسطينية كلها ووداع الدولة الفلسطينية بشكل خاص لان بقاء النظام وان حصل سيكون نتيجة صفقة لاعبها الاساسي اسرائيل وروسيا ضمن الموافقة الاميركية الضمنية . هذا بالإضافة الى ازدياد نفوذ ايران بالمنطقة وستكون الشريك المحتمل لروسيا في اي محور عالمي جديد ضمن الحرب الباردة الجديدة انطلاقا من محور سوريا – العراق - ايران ، ولبنان (تحصيل حاصل ).
اما على الصعيد المحلي وفيما يخص سوريا نفسها فبعد استباب الوضع للنظام سيعمد حتما على الغاء كل ما عدّله في الدستور ويعود الحكم كما كان " القديم على قدمو" كما يقول المثل اللبناني العامي ، وسيشهد الشارع السوري عملية تطهير لا مثيل لها بين صفوف الجيش والامن والشعب اشد قساوة من الحرب نفسها .
اما بالنسبة الى لبنان فان بقاء الاسد يعني ثلاثة انتصارات :
الاول : سياسي وهذا يعطي الافضلية لحزب الله وحلفائه ويطلق يده في قلب المعادلة اللبنانية من المناصفة الى المثالثة ، وهذا انقلاب على الطائف بالوقت المناسب ودون اي رادع او مُراجِع . ايضا سنشهد بزوغ بعثين جدد وسيتكاثرون الى حد سنخال انفسنا في حضرة "الحوراني وعفلق " . ان هذا الانتصار السياسي سيوجه مباشرة الى تيار المستقبل  وسائر مكونات 14 آذار .
الثاني : وهو عسكري وسيطبق في الاحتلال الكامل للبنان من قبل الحزب والسيطرة المطلقة على الجيش والامن الداخلي وسائر الاجهزة الامنية ، وستشهد الساحة اللبنانية عمليات تخويف وترهيب اقلها الاغتيالات السياسية على غرار ما حصل للدكتور جعجع ، وسيصل لبنان الى معادلة المقاومة فقط وهي صاحبة الكلمة الفصل في السياسة والامن والاقتصاد وقرار السلم والحرب .ان بقاء نظام الاسد في سوريا يعني زوال لبنان الدولة والكيان ، وما على القوى الاخرى فيه الا حزم امرها اما بحزم امتعتها والرحيل والتفتيش عن وطن بديل واما المقاومة وهذه المرة بمقاومة مسلحة بكل معنى الكلمة حتى وان ادت الى حرب اهلية او الى تقسيم البلاد .
الثالث : وهو انتصار ديني ، اي انتصار الطائفة العلوية خاصة ومعها الشيعة عامة على السنة في سوريا ولبنان وبالتالي توجيه رسالة واضحة وقاسية الى الدول العربية وخاصة الخليجية بان هذا المذهب قادم اليكم وهو يتسع للجميع سواء بالعصا او بالجزرة وانه سيكون مصدر قوة الامة العربية كما كان ولا يزال مصدر فخر وقوة الامة الفارسية . هذا الانتصار سيؤجج الخواطر وسيوقظ كل تنظيم سني متطرف من القاعدة الى السلفية وحتى الاخوان المسلمين في الدول العربية والذين هم الآن بموقع شك من الثورة السورية ، وصولا الى "طالبان ،وبوكو حرام " كلهم سيتقاطرون الى اعلان حالة الطوارئ الدينية والمذهبية للوقوف في وجه هذه الهجمة الشرسة . اذا ان بقاء نظام الاسد سيكون كارثيا وسيجعل الشرق الاوسط بركانا وساحة حرب محتملة في كل لحظة ولكنها لن تكون اسرائيلية ابدا .
عزيزي القارئ
ان الكيل بمكيالين في التعامل مع الازمة السورية شأن خطير جدا ، ربما لن تظهر نتائجه في المدى المنظور ولكنه يؤسس لفتنة فكرية واجتماعية وسياسية ، وربما تتطور الى فتنة مسلحة اذا استحالت معها التفاهمات والحوارات وعمليات الاقناع والاقتناع .لقد حاولتُ ان الفت النظر مرارا الى خطورة هذا الموضوع ولكن العامة كما يبدو لا تعيره الاهمية ولا تعتبره ذا شان لأنه خارج اطار التداول الجدي . لذلك ارى ان تبسيط الامور يمكن ان يساعد في تسليط الضوء اكثر .
ان التساهل مع الانتهاكات السورية للحدود اللبنانية هو امر مريب ويصب في خانة الخيانة الوطنية ويدعو الى التوقف والتعمق بالأمر :
هل اطلاق النار من الجانب السوري "الاخوي" علينا نحن اللبنانيين مسموحا ويعتبر طبيعيا ، في حين ان مجرد تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي يعتبر اعلان حرب ؟
هل انتهاك الجيش السوري لحرمة الاراضي اللبنانية في وادي خالد وفي القاع وعدة اماكن اخرى هو امر طبيعي جدا ويأتي من ضمن معاهدة الاخوة بين البلدين ، في حين ان اقامة جدار على الحدود الشمالية الاسرائيلية يعتبر عملا عدوانيا ؟
هل انتهاك ايران للسيادة اللبنانية بالتدخل المباشر بدعم وتسليح فئة ضد فئة اخرى وعلى حساب الوطن والقوى الشرعية فيه يعتبر عملا بطوليا تشكر عليه ، في حين ان تدخل مجلس الامن او الدول الغربية يعتبر عملا منافٍ للأعراف الدولية و تدخلا مباشرا بالشؤون الداخلية للبنان ؟
هل مسموحا لهم ان يدمروا نصف لبنان من اجل اطلاق المعتقلين من السجون الاسرائيلية ، ولا يتكرمون على امهات اللبنانيين المفقودين في السجون السورية بإعطائهم ولو بارقة امل صغيرة بانهم سيدرسون الامر مع السلطات السورية حتى ولو بأوقات فراغهم ؟
هل الاستعانة بالأنظمة الديكتاتورية والعقائدية امر مشروع لطرد الاستكبار العالمي الاميركي ، في حين يُسمح لهؤلاء المتنمرين بتلقي العلاج في ربوع اميركا اذا ما تعرضوا لعارض صحي ؟ او الهرب اليها في حال وقوع خطأ ما في حسابات بلدانهم مستغلين الديمقراطية الغربية التي يحاربونها ومستغلين شرعة حقوق الانسان التي غابت من قاموسهم . واني اسأل الجميع : لماذا لا يسحب هؤلاء المعادين لأميركا عائلاتهم واولادهم وارصدتهم وتجاراتهم من اميركا ووضعها  في طهران للتصدي والمقاومة ومقارعة الاستكبار ؟
لماذا لا يستبدلون الدواء الاميركي بالدواء الايراني والسوري والروسي ؟ كما استبدلوا ربطة العنق الغربية بالقبة الفارسية ؟
اخي القارئ
انا لا اعطي الحق لإسرائيل ابدا باستباحة المجال الجوي اللبناني ، ولا اعطي الحق لأي كان باستباحة الارض وانتهاك حرمة الحدود ، بل رغبت بإعطاء صورة الواقع الذي نعيشه في ظل هذه المعادلة غير المنصفة .
هذا التعامل اللامنطقي اوصل البلاد والعباد والمنطق الى ما هم عليه الآن ، ونرى صورة المستقبل واضحة بالأحداث التي نشهدها في الشمال اللبناني وآخرها استشهاد مصور تلفزيون الجديد علي شعبان على يد الجيش السوري .
اما الكيل بمكيالين داخليا فهو في منحى اخطر واشد قسوة اجتماعيا وسياسيا وتفرقة حزبية حتى دينية .ان محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع اظهرت مدى تواطئ بعض اصحاب السلطة وخاصة في مجلس الوزراء . اننا ندين بشدة هذه المحاولة  ولكننا ندين اكثر محاولات طمس الحقيقة وعرقلة مسار التحقيق باختلاق الحجج حول قانونية تسليم "داتا" الاتصالات . اقول لكم ايها السادة : لماذا لدينا داتا اتصالات ؟ولماذا نتعب ونجد في استيراد مثل هذه التقنية ؟ اليست لحماية السلم الاهلي في لبنان ؟ ام انها رهن فئة من الناس دون اخرى ؟ واقول بكل صراحة ، لو ان المستهدف من 8 آذار ،فهل تأخذ داتا الاتصالات وقتا لتصل الى آخر شاويش في التحقيق ؟ ان اظهار الحقيقة امام الرأي العام اللبناني صعب في هذا الوطن المعقد  والذي اصبحت فيه الحقيقة مسيسة ومجزأة .
اما في ملف التعامل مع اسرائيل الذي اضحى اضحوكة اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم ، فلا اريد الغوص اكثر بل اناشد كل عملاء اسرائيل في لبنان ان يلتحقوا الآن بالتيار العوني – ولا اريد ان اقول التيار الوطني الحر  لأنه فعلا فقد شرعيته الوطنية ، واصبح حرا في الولاء والتبعية – ليلتحقوا الآن قبل الغد ليضمنوا محاكمة سريعة وسهلة ، وخروجا مشرفا من السجن في حال وقعوا في شرك الدولة ، وانا على يقين بأنهم ربما سيصلون الى الندوة النيابية اذا كانوا على تعامل رفيع المستوى مع اسرائيل .
اما ملف تسليم السوريين النازحين الى السلطات السورية ، فأقل ما يمكن عمله هو احالة المسؤولين على القضاء المختص ، لأن من يسلم لاجئا هاربا من النظام السوري ، كأنه اشترك في عملية اعدامه ، ومن يروج للنظام ويسهر على بقائه كمن يسهل عملية اعدام الشعب بكامله وعلى الشعب السوري الكريم ان يقول كلمته بهم لاحقا .
اخي القارئ
ازاء هذه المعطيات وهذه التقلبات فان بقاء الوطن يبقى رهن قياداته وخياراتهم ورهن ضميرهم ومسؤوليتهم التاريخية . فإما ان يبادروا الى تحصين الساحة الداخلية فعلا لا قولا لمنع امتداد نتائج الثورة السورية الى لبنان ، وذلك بإعلان مشترك باسم الجميع بان لبنان وطن نهائي لكل ابنائه وهو يتسع للجميع على حد سواء ضمن اللعبة الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان ، واما ان يعدّوا العدة لأزمة حقيقية تفوق الحرب الأهلية تأكل "الطائف "، وتعيد التماس محليا واقليميا .


السبت، 7 أبريل 2012

القمة العربية "نقمة ام نعمة "

ومرة اخرى يفشل القادة العرب في اتخاذ موقف موحد تجاه القضية السورية ، ومرة اخرى يفشل القادة العرب في الظهور بمظهر القادة المسؤولين تجاه شعوبهم . ومرة اخرى تذكرنا القمم العربية الحالية بتلك التي كانت تعقد بعد كل نكسة وكل هزيمة ، تلك القمم ولآتها المشهورة تتكرر اليوم بآهاتها :
آه من التضامن العربي                                                                   
آه من الشعب العربي
آه من المجتمع الدولي
اخي القارئ
آه من التضامن العربي الذي اصبح تضامنا استنسابيا وفق مصلحة كل دولة ، بل وفق مصلحة الطوائف وفي بعض الاحيان مصلحة القبائل ، ولعل هذا التضامن كان السبب الرئيسي في تداعي قوة الوحدة العربية ، من حيث استعماله في ضرب  بعض الدول ، وفي ابعاد اخرى ، وفي دعم ما تبقى اذا بقي ما يلزم .
ان التضامن العربي الحقيقي يجب الاّ يتوقف على الدعم المعنوي او المادي كما جرت العادة ، بل يجب ان يتخطى كل هذه القرارات التي اصبحت شكليات معروفة محليا ودوليا ليقفز الى نوعية التضامن الفكري والحضاري بترجمة استراتيجية ضمن خطط مدروسة جيدا، لتصبح تضامنا في فهم العقول العربية وفهم الجماهير في تطلعاتها وابراز ثقافة التنوع الاجتماعي وثقافة الديمقراطية وتداور السلطات .هذا هو التضامن المطلوب الذي يهيئ لأرضية صالحة للحرية والمساواة وحقوق الانسان والاتجاه لأنهاء دور الانظمة العقائدية ذات الراس الواحد بطرق سلمية لا ترتكز على الثورات ولا الحروب ولا الاستعانة بالخارج . للأسف ان التضامن العربي حاليا اصبح داء الوطن العربي كله ، ونراه في القمم كأنشودة الوقوف على الاطلال في استذكار قادة وترحم على انظمة والخوف من الآتي :
قفا نبكي من ذكرى حبيب ومــــنزلِ       ما بين القاهرة وصنعاء حتى الموصلِ
ذرفنا الدمع على القدس واليوم على        انظمة هـوت واخـرى بالدور سترحـلِ

الم يحن الوقت لتغيير ما بأنماط القمم العربية ؟
الم يحن الوقت لوضع مبادئ واسس تقوم عليها القمة علّها تحاكي التطور الفكري والحضاري للشباب العربي ؟
الم يحن الوقت لجعل الجامعة العربية مؤسسة لها قانونها وشروطها ؟
لا اتكلم عن مدينة فاضلة ولا عن ملائكة معصومين ، بل اتكلم بكل بساطة ووضوح: لما لا نجعل بعض الشروط في القمة كما ولو كانت دستورا او قانونا يُطبق في كل بلد منتمي الى الجامعة؟ اي بمعنى آخر لتضع الجامعة العربية شروط انتساب عصرية :
احترام اختيار الشعوب لأنظمة حكمها بالطرق الديمقراطية
لا وجود لأنظمة عقائدية ديكتاتورية في الجامعة العربية
لا وجود لأنظمة وراثية او وليدة الانقلابات العسكرية او ممدد لها تحت اية ظروف
السير بالأنظمة الملكية والاميرية باتجاه النظام الملكي الديمقراطي ضمن استفتاءات تُنظم تحت اشراف الجامعة العربية وبحضور مراقبين امميين .
تعدل القوانين المعمول بها بالدول الاعضاء لتتلاءم مع شروط الجامعة
يشكل مجلس جامعة عربية على مستوى قادة ورؤساء سابقين ممن نقلوا السلطة سلميا او ممن انتهت مدة ولايتهم بالطرق القانونية والدستورية ، ويتمتع هذا المجلس بصفة مراقب عام للقمم العربية واعطائه صلاحيات يقرها القادة العرب.
عزيزي القارئ
هذه بعض النماذج التي يمكننا البناء عليها بعد دراستها وتنقيحها بالطبع مع اهل الخبرة والعلم والقانون ، وما جئت بهذه الافكار البسيطة الا من باب الحث على التغيير ووضع اللمسة عليها ، علّها تسلك الطريق وتصل الى القاهرة .
اننا لا نقل شأنا ابدا عن اوروبا ولا عن انظمة ديمقراطية في العالم ، بل تنقصنا الجرأة لاتخاذ القرارات الشجاعة ،بل تنقصنا بحق جرأة احد القادة او اكثر وذلك للإعلان على الملأ عن نية الجامعة العربية ان تسير في معادلة الديمقراطية والحرية وكرامة الانسان العربي والسهر على حقوقه وتطلعاته وطموحاته .
ان الفيتو الروسي في مجلس الامن الدولي ضد قرار اممي يدين العنف في سوريا هو اذلال للعرب وقادتهم بالقدر الذي اراد منه الروس تذكير الاميركيين بانهم اي الروس لا يزالون قوة عظمى ، وانهم قادرون على اتخاذ قرارات من شأنها ان تضع حدا للسيطرة الغربية على مجلس الامن حسب الرأي الروسي .ولكن الاهم من ذلك ان هذا الفيتو جاء ردا على محاولات القادة العرب وقف حمام الدم في بلاد الشام وايجاد الطريقة المناسبة لأنهاء حكم الاسد ، وقد جاء أيضا ضد الاجماع الشعبي العربي وضد تطلعات شعوب المنطقة باختتام الربيع العربي بإنهاء آخر معقل عقائدي وحكم ديكتاتوري وراثي .ان روسيا اذلّت العرب كلهم قبل ان تضرب بعرض الحائط مصالح الشعب السوري وتطلعاته نحو الديمقراطية والحرية ، وان نجاحها في ذلك جاء نتيجة السكوت الاميركي للدلالة على الرضا من هذا الموقف لأن سوريا ونظامها لا يمثلان الآن اي بعد استراتيجي او قومي لأميركا ولا اي بعد اقتصادي لها او للأوروبيين كما كان الوضع في العراق او ليبيا او اليمن .من هنا رأينا ان الفيتو الروسي "والصيني تحصيل حاصل " لم يجابه بهجمة اميركية شرسة لأبطاله او لثني روسيا على تغييره ، وذلك نزولا عند الرغبة الاسرائيلية بإبطاء عملية الضغط على النظام حتى تنجلي صورة البديل المحتمل له، وبعد اجراء بعض الحسابات حول ايجابيات بقاء النظام الحالي بالمحافظة على هدوء الجبهة الشمالية مع بعض التحفظات عليه بسبب دعمه لحزب الله في لبنان .
ازاء هذه المواقف كان لا بد للقادة العرب من اتخاذ موقف صارم وحاد تجاه روسيا ،وان رد الملك السعودي على الرئيس الروسي ومطالبته بالتحدث مع العرب قبل الفيتو وليس بعده لم يكن كافيا ، بل كان يجب قطع العلاقات الديبلوماسية ووضع روسيا في مواجهة العرب وجها لوجه ، اما القبول بما يراه العرب ومجمعون عليه واما القطيعة الشاملة والكاملة . واني اتساءل : ماذا يخسر العرب من قطع العلاقات مع روسيا ؟ أسيخسرون الاستثمارات الروسية في البلدان العربية ؟ ام شريكا تجاريا مهما ؟ ام ،،ام ،،
ان الوضع الحالي شبيه جدا بالوضع الذي ساد ابّان حرب 1973 حين قرر الملك فيصل " رحمه الله " قطع امدادات النفط عن الغرب وخاصة اميركا نتيجة موقفها الداعم لإسرائيل . فلماذا لا يتخذ القادة العرب موقفا مشابها بموقف السعودية السالف الذكر ووقف كل اتصال مع روسيا حتى تغيّر موقفها؟
اما بالنسبة الى لبنان وسياسة النأي بالنفس ، هذه البدعة المضحكة والتي تدعو الى السخرية اكثر منها الى التعجب ، هذا النأي بالنفس الذي يفرضه الفريق الحاكم في لبنان " حزب الله واعوانه" على فريق 14 آذار وعلى كل مناوئ للنظام السوري ، في حين يُسمح لفريق 8 آذار بل يُطلب منه ابداء التأييد والتطبيل لصالح النظام السوري . ان كل ملاحظة او كل موقف يصدر عن قوى 14 آذار يعتبر تدخلا في الشؤون السورية وخروجا عن سياسة النأي بالنفس ، بينما المواقف الاخرى المؤيدة لسوريا توضع في خانة المصالح القومية العليا للبنان وبالتالي لكلا البلدين حتى ولو جاءت من اسرائيل.
نعم ، وبين الفينة والاخرى يُتحفنا بعض الساسة اللبنانيين بمواقف اقلّ ما يقال فيها " لله العجب "وآخرها تلك التي علت مؤخرا معلنة انتهاء المؤامرة على سوريا وان معركة تدميرها قد انتهت وان سوريا في طريق العودة الى مسارها القومي في قيادة الصمود والتصدي والعودة للممارسة دورها الريادي للأمة العربية .
اخي القاريء
لا بد من سؤال بكل بساطة: ما هو الدور الذي لعبه النظام السوري على مدى خمسة عقود من الزمن ؟ وما هو الفارق الذي احدثه هذا النظام على الصعيد الاقليمي والدولي ؟
اولا : لقد جاء النظام السوري بعد هزيمة 1967 مدعيا بانه الوحيد الذي يمكنه اعادة الكرامة العربية ومحو آثار العدوان .
ثانيا :حرب 1973 " حرب تشرين المجيدة " كما يدعي النظام ، ولولا العناية الاهية والتدخل السوفياتي لدى واشنطن لدخلت القوات الاسرائيلية دمشق .
ثالثا :دخلت القوات السورية الى لبنان تحت غطاء المساعدة وما لبثت ان انقلبت الى قوة احتلال ووضعت لبنان تحت الحكم العسكري المباشر من غازي كنعان والكنعانيين الى رستم غزالي والغزاليين حتى انهاء هذا الاحتلال وخروجه مرغما تحت الضغط الدولي وعلى دم الرئيس الحريري عام 2005 .
رابعا :اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982 ودخلت العاصمة بيروت لتكون بذلك اول عاصمة عربية يدخلها الجيش الاسرائيلي . ماذا فعلت القوات السورية لصد هذا الهجوم ؟ لا اريد اجابة من احد ولا يتكبدنّ احد الغوص لفبركة معارك ومقاومة وانتصارات ، فقد اشتركتُ شخصيا في هذا الهجوم وخاصة على محور وادي التيم ولا اريد العودة الى سرد الاحداث وما شاهدتُ بأم العين ، ولولا تدخل الحبيب "فيليب حبيب " لوصلت القوات الى مشارف دمشق من باب "المصنع " اي الجبهة الغربية . بعد ذلك طُرِدتْ منظمة التحرير من بيرت الغربية وخرج السيد ياسر عرفات ورجاله منها على مرأى من عيون الجيش السوري الذي سرعان ما اكمل المهمة الاسرائيلية واجهز على عرفات والمنظمة بطردهم ثانية من طرابلس في شمالي لبنان الى تونس .
خامسا :لقد دعم النظام السوري حزب الله في لبنان تحت شعار دعم المقاومة على حساب الجيش اللبناني الشرعي ومن ثمّ دعم الحزب بعد عام 2000 على حساب الدولة ومؤسساتها ، والهدف هو السيطرة على لبنان وترسيخ النفوذ السوري الايراني المشترك على هذا البلد ولجعله ساحة حرب "غب الطلب" للضغط على اسرائيل ولابتزاز اميركا . فاين هو الدور السوري الحامي للبنان ؟ .
اخي القارئ
 عدة مواقف للنظام السوري طبعت سياسته العامة في الشرق الاوسط  :
أ – لقد حافظ على هدوء الجبهة الشمالية لإسرائيل بشكل اذهل الإسرائيليين انفسهم
ب- احتل لبنان لثلاثة عقود كاملة، باستعمار جديد تحت اسم "الوصاية "
ت-اجهز عسكريا وبشكل كامل على منظمة التحرير الفلسطينية واخرجها من نطاق الجغرافيا الاسرائيلية .
ج – عمل ولا زال يعمل على تثبيت انقسام البيت الفلسطيني.
ح- عمل جاهدا على زعزعة الاستقرار العربي الشامل ولا سيما بعد اتفاقات كامب  ديفيد تحت شعار الصمود والتصدي .
د- قمع الحريات في الداخل والضرب بيد من حديد على كل محاولة للتطلع الى الحرية والديمقراطية ( أحداث حماه عام 1982 والاحداث الجارية الآن ) .
موقف واحد فقط يمكن ان نقول فيه انه من ضمن التضامن العربي والغيرة على المصلحة العربية وهو وقوف النظام السوري الى جانب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي ( وبالطبع كان لبنان الثمن ).
اخي القارئ
منذ عام 1970 وحتى الآن لم يستطع النظام السوري استرجاع شبر واحد من هضبة الجولان لا في الحرب ولا في السلم. فلماذا الاصرار على بقائه ؟ الم يأخذ وقته كاملا في الحكم وادارة البلاد والعباد ؟ الم تكفيه اربعون سنة للاستعداد للمعركة المصيرية ضد العدو ؟ لماذا لا نترك المجال لنظام آخر يختاره الشعب السوري بحرية ؟
نعم ، آن الاوان للساسة اللبنانيين ان يُهدئوا السنتهم قليلا ويريحوا مسامع الشعب اللبناني من هذه النغمة التي اكلها الصدأ ولم تعد تُقنع الا ذوي العقول الصغيرة .وآن الاوان لأتباع النظام السوري في لبنان ان يدركوا بأن الانظمة العقائدية والديكتاتورية آيلة للزوال لا محالة .