السبت، 15 سبتمبر 2012

وسقطت ،،،ورقة التين

وقف امامي مباشرة وقال بلهجة ملؤها العتب واللوم ، اين انت ؟ ولماذا انقطعت عن الكتابة ؟ هل تركت النقد السياسي ام انك اتجهت الى الكتابة الادبية ؟ ماذا حصل ؟ هل فرغت جعبتك ام فسد ما بقي ؟
قلت : اهدأ يا صديقي فأنا لا زلت على قلمي مثابرا ولكن السياسة اصبحت في الآونة الأخيرة محط سخرية وادانة لصاحبها وكاتبها وناقدها وقارئها ، خاصة بعد سقوط ورقة التين وظهور عورة الذين يدعون الوطنية والعروبة والقومية والمحافظة على الارض والعرض والشقيق والأخ والرفيق .
نعم يا صديقي ، بعد كل الذي حصل نجد انفسنا في وضع الحرج والحياء وكيف لنا ان نقنع العالم من حولنا بأننا امة صادقة بولائها لترابها ، ويخرج من مجلسنا النيابي والوزاري مخرب وعميل متواطئ على اشعال فتنة طائفية ومذهبية ووطنية بامتياز ، لم يجرؤ احد على السير بها حتى خلال ايام الحرب الاهلية العصيبة ، والاكثر نكدا من كل هذا هو السكوت المطلق لاتباع النظام السوري في لبنان الذين استوعبوا صدمة الفضيحة بالسكوت تارة ، وبلعنة الاجهزة الامنية تارة اخرى ، والضرب على القضاء والاخطاء التي ارتكبت خلال عملية التوقيف والتحقيق وما الى ذلك من اسباب اقبح من ذنب .
شكرا لك ميشال سماحة على سقوطك السريع والحمد لله على سقوط ورقة التين، حتى يدرك الآخرون من المسيحيين ان نظام البعث في سوريا هو قاهر المسيحيين ومذلهم وليس حاميهم كما يدعي البعض ويروج له في لبنان ومع الآسف حتى من مراجع سياسية واجتماعية وكنسية عالية جدا .وبما ان السياسة اللبنانية او ما تبقى منها اصبحت مكشوفة تماما اتوجه بكل احترام الى التيار الوطني وعلى راسه العماد ميشال عون والى تيار المردة وعلى راسه سليمان بك فرنجية راجيا ومتأملا بان يضعا حدا لهذه المهزلة السياسية –الوطنية- المذهبية ، وان يبادرا الى اتخاذ مواقف مشرفة بإعادة التموضع الجيوسياسي بين تضاريس الاتجاهات المتقلبة ، وان يضعا أيضا حدا لهذا التسيب في قيم الزعامات والاشخاص من قبل النظام السوري وازلامه والذين دأبوا على مداعبة المسيحيين والتلاعب بمشاعرهم وكأنهم اهل الذمة في زمن الفتح المبين . ان القيادات المسيحية مدعوة وبسرعة لأن تقف وقفة صلبة ومشرفة وليكن الوطن اولا ومصلحة لبنان على راس اولويات العمل السياسي .
شكرا لك ميشال سماحة لأنك شرحت لنا كيف يكون تلاحم المسار والمصير .شكرا لك ميشال سماحة لأنك اظهرت لنا كيف ينظر النظام السوري الى لبنان واللبنانيين . شكرا لك ميشال سماحة لأنك اظهرت لنا ان لا حلفاء لسوريا في لبنان ، بل عملاء   وعملاء ( عليهم العين) مخربون يطعنون بكل القيم الانسانية والاخلاقية . شكرا لك ميشال سماحة لأنك شرحت لنا المعنى الحقيقي لمعاهدة الاخوة والتعاون . شكرا لك لأنك اظهرت فعلا ان النظام الامني السوري - اللبناني بخير ويعمل بجد ،والشكر كل الشكر لإسرائيل لأنها لم تخرقنا بزعمائنا ولا بنوابنا ولا بوزرائنا وابقت لنا بعض الشرف وحفظ ماء الوجه على الاقل حتى الآن.
صديقي القارئ
سئمت من الكتابة والنقد لأني لم اعد اجد الكلمات المناسبة لتصف ما يجول في خاطري وخاطر كل لبناني مخلص بعد هذه الاحداث المتتالية .
سئمت من مواقف 8 آذار كلها ، وتحليلاتها وتبريراتها ودفاعها عن اولوياتها ، وسئمت ردة فعل 14 آذار ، اقوال دون افعال ، كلهم يكذبون وكلهم يراوغون لقد طبقوا المثل القائل ( الكذب ملح الرجال )
 سئمت من شهر آذار كله من اوله الى آخره ، حتى انني اتمنى لو يُمحى هذا الشهر من السنة لأن وقعه على المسامع اشد من وقع قنبلة على روضة اطفال .
نعم يا صديقي ، لقد سئمت الكتابة لان في لبنان وللأسف لا يقرأون بل ينصتون وكأننا امام مشهد الحكواتي القديم . ان السياسة في لبنان اصبحت اوامر وتوجيهات وتعليمات ، مواقف طائفية ومذهبية حتى دخلت علينا اخيرا العشائرية . نعم لقد انكفأت المواقف الوطنية لان الوطن اصبح في مكان آخر ، والوطنية اصبحت ولاء لمكان آخر ، والحرية اصبحت رغبة القوي ، والمواطنون هم السلعة والاداة والمنتج .
صديقي القارئ
لا فائدة من العلاج ان لم توضع اليد على الجرح ، وطالما التخوين موجود وعدم الاعتراف بالآخر ساري المفعول فلا مجال للإصلاح . ان من يطالب بالكرامة يجد نفسه مدانا ومن يطالب بالتبعية لا يقبل المناقشة في صحة موقفه ، وبالمناسبة اود ان اسأل الحاج محمد رعد مع كل الاحترام والتقدير:
هل توجه قوى 14 آذار بمذكرة لحماية وصيانة الوطن من الاعتداءات السورية هو فعل خيانة ؟
هل لفت انتباه الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية الى مخاطر اعمال النظام السوري هو خيانة ؟
هل المطالبة بالتعامل مع سوريا كجار وكدولة شقيقة وصديقة من الند الى الند وعلى نفس المستويات هو عدوان وخيانة ؟
هل مطالبة السفير السوري بالعمل حسب الاصول الدبلوماسية والسياسية هو خيانة للوطن وللأمة ؟
اشهد اني لست مع 14 آذار ولكنني مع لبنان ، مع الدولة العصرية والديمقراطية لكل ابنائها ، ولست مع 8 آذار ولكنني مع حماية لبنان وصونه من كل اعتداء ومعتدي سواء كان عدوا ام صديقا ام شقيقا . بأي حق تشنون حربا على اسرائيل دمرت اكثر من نصف لبنان من اجل الاسرى والخروقات الاسرائيلية ، ولا يرف لكم جفن من اجل مئات اللبنانيين المعتقلين قسرا وقهرا وبدون اي وجه حق في دهاليز النظام البعثي المجرم منذ سنوات طويلة ؟ لم تحركوا ساكنا ضد الخروقات اليومية ومقتل العديد من اللبنانيين العزل على يد الجيش السوري الفاشي ، وتطبلون وتزمرون وتنفخون ابواق الحرب والتهديد لمجرد كلمة قالها اسرائيلي او موقف اتخذه عسكري في سياق المواقف المعتادة سلفا . هل كل ما يأتي من سوريا مشروعا ومحقا حتى وان كان عدوانا ؟ اترون انفسكم  كل ما تُحشرون تنادون بتطبيق الطائف وانتم من رمى به في سلة التاريخ المنسية ؟ ان المطالبة بالحرية والكرامة وحماية الوطن ليست خيانة بل الخيانة هي بالإطلالة المشبوهة والدفاع عن نظام بائس ومجرم  ، نعم هذه هي الخيانة بذاتها وهذا هو العدوان ليس على الوطن فحسب بل على كل شعور حي ووطني.
ايها السائل الكريم
يؤسفني ان اكتب بمنتهى الصراحة والصدق لأوصل للقارئ الكريم بعض الحقائق المؤلمة ، وما الكاتب الا اداة سهلة وطيعة للدلالة على نقاط ضعف او اخطاء لتجنبها وعدم الوقوع فيها ، او على الاقل اخذ الحيطة والحذر منها، ولكن حتى الحقيقة في لبنان اصبحت مجزأة ومسيّسة ، واصبح الخطأ فضيلة ، والفضيلة جزءا من اخطاء المسيرة المقدسة .
الحقيقة المرعبة ان ميشال سماحة هو حلقة من عدة حلقات لبنانية ستظهر لاحقا ان شاء الله ، والحقيقة ان كل من روج للقاعدة في لبنان ، وجهوزية القاعدة في المناطق اللبنانية وخاصة في الشمال ، وترقب اعمالا ارهابية "قاعدية" في لبنان ، هو حلقة من حلقات ميشال سماحة وعلي مملوك وآخرين من اصحاب الايادي البيضاء .
الحقيقة الكبرى هي خوفي من ان يصبح اتباع النظام السوري في لبنان اتباع  سوريا الجديدة ونعود للدوران في حلقة مفرغة مرة اخرى. والحقيقة المؤسفة بأن لا نهاية قريبة لنظام الاسد الا بعد تدمير سوريا تدميرا شبه كامل وذلك رغبة من الجميع:
ان اميركا واسرائيل تؤيدان استمرار سفك الدماء وتدمير البنى التحتية في سوريا حتى لا يتسنى لهذه الدولة ولنظامها الجديد النهوض مجددا والمطالبة بما لم يطالب به نظام البعث ، الا بعد سنوات من اعادة البناء للحجر وللبشر ، ويخلق الله ما لا تعلمون .
ان ايران التي ايقنت انها ستفقد حليفها حزب البعث ، لا تريد انتقالا سريعا للسلطة والابقاء على قوة سوريا لأنها تعلم بانها " اي ايران " لن تكون حاضرة في سوريا الجديدة .
ان روسيا أيضا تريد انهاك سوريا ليتسنى لها المشاركة في اعادة اعمارها من جديد والاستفادة من الاستثمارات الهائلة فيها مستقبلا . المؤسف ان كل دول الجوار السوري تؤيد تفتت سوريا وتشرذمها حتى يهدأ بالها اقله لعدة سنوات بعد ما مرت به من مكائد وتدخلات بشؤونها الداخلية ايام حكم البعث .
ان السؤال الذي يطرح نفسه ويحير الجميع : ماذا بعد ؟ بماذا يفكر اتباع النظام السوري في لبنان مع العلم بانه قاب قوسين او ادنى من نهايته وهو رهن بموقف القيادة الروسية وحدها ؟ ماذا سيفعل البعث اللبناني بعد وصول البعث السوري الى سيبيريا ؟ ماذا سيحل باستراتيجية حزب الله الدفاعية والهجومية بعد فقدان الحليف الاقرب . ماذا سيحل باستراتيجية 8 آذار كلها وبمواقفها وخياراتها ، وهل من عاقل يدرك مدى اقتراب انزلاق الامور الى الهاوية ؟ ما هي استراتيجية 14 آذار لمرحلة ما بعد الاسد ؟ وما هي مواقفه وطروحاته لشركائه في الوطن ؟
اسئلة تكمن الاجابة عنها في نفس كل لبناني شريف وعلى لسان كل لبناني وطني وهي بسيطة جدا :
ان لبنان يتسع للجميع فليرحل النظام السوري ويقر اتباعه برحيل ذيوله وآثاره ، ونحن اللبنانيون قادرون على استيعاب بعضنا البعض ، وقادرون على المسامحة الحقيقية ، وقادرون على العيش المشترك ، وقادرون على ردع كل التدخلات الخارجية ومن اي مصدر، وقادرون على فهم هواجس بعضنا البعض ومعالجة مخاوفنا ، قادرون على حماية بلدنا وصونه والدفاع عنه بوجه كل معتدي .
ان مواقف فخامة رئيس الجمهورية الاخيرة ، لهي مدعاة فخر واعتزاز لنا جميعا ، فقد اثبت فخامته ان الرئاسة الاولى هي الصخرة التي سيبنى عليها الامل بإعادة رسم لبنان الجديد لبنان الرسالة والحضارة والحرية والكرامة . نعم لنقف كلنا خلف الرئيس وندعمه بكل ما اوتينا من قوة ، ولندعم الجيش ونقف معه لأنه خشبة خلاصنا اليوم وغدا وبعد غد ، وآن الاوان لان نعود الى رشدنا وخيارنا الوحيد الصحيح : لبنان .
اقول كلمة وليحاسبني التاريخ ومن يريد ان يحاسب ، ان الخطر الحقيقي على لبنان هو من سوريا وايران وليس من اسرائيل فقط، ان اسرائيل جربت واتعظت وفهمت ان لا سبيل لها في لبنان الا السلام وعليه ستبني كل خططها وخياراتها . فلنعمل على صون وحدتنا الداخلية والوقوف بوجه كل من يتدخل بشؤوننا ولنكن مستعدين للحرب وللسلام في آن معا ، واننا لقادرون بدون شك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق