الجمعة، 18 نوفمبر 2011

انهم ليسوا منا

انهم ليسوا منا ...
لا ادري كيف ابدأ ولا ادري من اية نقطة استطيع الدخول الى قلب القارئ وفكره وروحه محاولا ان اشرح وان ابرر وان اعتذر من اولادنا واهلنا واصدقائنا ومن منْ حولنا ومن تقاليدنا واعرافنا قبل ان اعتذر من اشقائنا الجيران الذين يمرون بأقسى انواع القمع والتعذيب لم تشهد له المنطقة منذ العهد العثماني .
نحن اللبنانيون لطالما تغنينا بحسن الضيافة وتكريم الضيف وفتح قلوبنا قبل ابوابنا لزائرينا وعابري السبيل ولنا في هذا المضمار جولات وصولات منذ مئات السنين. لقد استقبل هذا الوطن افواجا من المهاجرين والمهجرين والمبعدين والمشردين والمغضوب عليهم ولا حاجة للشرح فالجميع يعرف من هو الشعب اللبناني من الأكراد ،ومن الأرمن ( وارجو ان لا ينسوا ذلك ) , ومن الفلسطينيين ،مرورا بمئات بل آلاف الشرفاء العرب والأجانب الذين وجدوا في لبنان ملاذهم الآمن وانطلاقتهم الجديدة نحو مستقبل افضل ، نعم وجدوا في لبنان ملاذ الحرية والأمان والطمأنينة ووجدوا في الشعب اللبناني الشعب المضياف والحامي والمساعد والمتبني لقضايا التحرر والنضال من اجل الحرية والعدالة والكرامة .
القارئ العزيز
في خضم الحرب اللبنانية البشعة وفي احلك الظروف والأوقات بقيت هناك في مكان ما ثغرة من الإنسانية المطلقة اطلّ من خلالها الانسان اللبناني لملاقاة اخيه اللبناني او صديقه المقيم او من قطع ترحاله وبقي الى حين ، حتى ولو كان في الجهة المقابلة له "عسكريا او سياسيا ، او طائفيا ومذهبيا , لأننا وللأسف خضنا حربا بهذه الأوصاف .لطالما كان هناك اتجاها آخرا ومعاكسا لكل اعراف الحروب العبثية وهو ابقاء الانسان انسانا فوق كل الاعتبارات والقرارات والاتجاهات والاستراتيجيات .
ماذا جرى ؟ ماذا حل بالشعب اللبناني ؟
ايمكن ان نصدق ان الشعب اللبناني قد انقلب على عاداته وتقاليده لصالح السياسة العمياء ؟
هل يعقل ان مواطنا في لبنان لا يساعد اخيه الانسان لأنه على خلاف سياسي معه او ان احدا لا يريد ذلك ؟
هل وصلت بنا الهمجية والتبعية الى التخلي عن طالب نجدة من جيراننا السوريين ؟
هل نتخلى عن جريح ولا نقدم له ما يلزم من عناية طبية وانسانية ؟ هل نتخلى عن نازح وهارب من القتل والقمع ؟
هل وصلت بالبعض منا النذالة الى القاء القبض على هؤلاء المساكين واعادتهم الى جلاديهم وقتلتهم ؟
هل وصل بنا الحال الى بيع شرفنا وكرامتنا واصالتنا ونرهن انسانيتنا واخلاقنا الى نظام كان بالأمس القريب ( ولم يزل يحاول) جلادنا وقاتلنا ؟
من اجل ماذا ؟ ومن اجل من ؟
هل ندوس على رسالتنا اللبنانية الخالدة وهي اساس وجودنا من اجل نضام الأسد في سوريا ؟
هل نتخلى عن غالبية الشعب السوري من اجل اقلية حاكمة فيه ؟
ما هو موقفنا من الشعب السوري ؟ بماذا نرد على الأحرار فيه وفي كل مكان ؟ماذا نقول للأطفال والشيوخ والنساء الذين يُقتلون ويُقمعون امام باب بلدنا ، ويُخطفون من امام منازلنا وحاراتنا وشوارعنا واماكن العمل عندنا ؟ ماذا سنقول للشعب السوري بعد انتهاء هذه المعاناة ؟أنقول له عفوا لقد اخطأنا ،ام نقول له اننا كنا في غلبة من امرنا ، ام نقول له اننا كنا نتبع سياسة تحتم علينا تأييد النظام عندكم واتباعه عندنا ؟
عزيزي القارىء
العرْفُ الدولي والقانون الأممي ينادي بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى ويدين كل تدخل من هذا النوع . نحن في لبنان كشعب حي وصادق وشجاع ندين عدم التدخل في الشؤون الداخلية للنظام السوري الذي ربض على قلوبنا وكاهلنا اكثر من اربعين عاما ولا يزال حتى يومنا هذا ، نعم نحن نؤيد التدخل في الشؤون الداخلية السورية لمصلحة الشعب السوري الشقيق وكما يريد هذا الشعب وبالطريقة التي يرتئيها من منطلق الأخوّة والجيرة والمصلحة المشتركة ، وبما ان حكومتنا قد قررت التنحي جانبا عن كل قرار يساعد هذا الشعب وبما انها ميزت موقفها حرصا على المصلحة القومية ، فإننا نحن الشعب اللبناني نميز ايضا موقفنا وندعم الشعب السوري في نضاله من اجل حريته وتقرير مصيره ونهج حياته ، واننا ننأى بأنفسنا عن كل قرار اتخذته وستتخذه هذه الحكومة واعضائها ونقول للجميع :"انهم ليسوا منا " .
آن الأوان لأن ينتفض هذا الشعب ويعود الى اصالته التاريخية والى تقاليد اجداده ، آن الأوان لأن ننفض عنا القيود والمحرمات المختلقة والمبتذلة ، آن الأوان لان يعي المواطن اللبناني ان دوره اكبر واهم وانه الأولى بهذا الشرف من كل جيران سوريا من الأردن والعراق وتركيا (مع كامل الاحترام والتقدير للجميع ) ، نحن الأقربون الى هذا الشعب ويجمعنا التاريخ والجغرافيا والقربى العائلية والروحية والاجتماعية . آن الأوان لان نقول كلمتنا:  لا. والف لا ..لا  لسياسة القمع ..لا لسياسة الانحياز اللامنطقي ..اللاإنساني .. لا لحكومة لا تعي ما تفعله، لا لقرارات حكومية جاهلة حمقاء مستهترة بمشاعر الناس.
نعم عزيزي القارىء
 اتوجه معك الى حكومة لبنان بل الى حكومة سوريا في لبنان واتوجه الى دولة رئيس الحكومة شخصيا باسم الكثير من اللبنانيين المنتشرين في بقاع الأرض ونقول: كفى لقد ضقنا ذرعا بما تفعلونه وتقولونه ، نخجل من نظرات الناس الينا في اوروبا وامريكا والبلدان العربية التي ساندتنا ولا تزال ,في افريقيا ودول العالم الثالث ايضا ,نمشي مطأطئي الراس ونفضل عدم الظهور جراء مواقف حكومتكم الرشيدة ، اولا في مجلس الأمن الدولي حيث ابتدع لبنان بدعة هي سابقة في تاريخ الأمم وهي النأي بنفسه عن اتخاذ قرار ما لعدم احراج جهة ما ,وثانيا عدم الاهتمام كما يجب في استقبال ومساعدة النازحين السوريين ,ارضاء للنظام السوري واعوانه في لبنان ، وثالثا مواقف الخارجية اللبنانية البناءة الحكيمة بتأييد المواقف السورية بطريقة عمياء وبالتبعية المطلقة .
كفى يا دولة الرئيس تلاعبا على الكلام وفي المواقف وكفانا من "خصوصية لبنان" وكم كان اجدر بك ان تقف وتقول بكل صراحة وشجاعة ان موقفنا هذا في مجلس الأمن والجامعة العربية وفي كل مكان ناتج عن توجيهات واوامر حزب الله الذي يسيطر على الحكومة وعلى الوطن والكل يعرف هذا فلماذا الاختباء خلف الكلمات، نقول لكم ولكل عازفي نغمة الخصوصية هذه، نقول ان خصوصية لبنان تكمن برسالته التاريخية والإنسانية والروحية والاجتماعية ، بأبجديته الفينيقية , خصوصية لبنان بديموقراطيته وحقوق الأنسان وسط بحر الظلمات في هذا الشرق التعيس ، خصوصية لبنان هي بالكلمة الحرة  والتعبير الحر والمعتقد والانتماء والتعددية , هذه هي خصوصية لبنان الحقيقية وليست في التبعية والاستعباد .
نعم لقد خطى العرب الخطوة المطلوبة منهم باتخاذهم القرار الصحيح بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ، فلا يوجد فيتو روسي او صيني في الجامعة ليحمي النظام السوري ، ولا هناك من فيتو عربي لينجو النظام أيضا بمساعدته ، بل هناك اجماع ضميري ووجداني ابى ان يترك الشعب السوري وحيدا بين براثن الأسد وازلامه. كم تمنينا جميعا ان تُكمل الجامعة العربية خطوتها المباركة هذه وذلك بتعليق عضوية لبنان ايضا ، لأن لبنان  بحكومته المثالية واستراتيجيته المذهلة اصبح عبئا على العدالة والحرية والديموقراطية ليس فقط ضمن محيطه بل تعداه واصبح وجوده ودوره كعدمه لا يحدث فرقا ابدا .
اننا لا نجد جوابا ولا مبررا نتسلح بهما للرد على كل من يسأل عن لبنان وعن سبب تدهور القيم فيه ولا يسعنا الا ان نقول بأعلى الصوت "انهم ليسوا منا ".
بالله عليكم يا اصحاب القرار في لبنان ، متى تعلقون عضويتكم في قيادة شعبكم الى الهلاك ؟متى تعلقون عضويتكم في مجلس انتهاك حقوق الأنسان وضرب المبادئ الأخلاقية والإنسانية ؟
متى ،،متى تعلقون مشانقكم ليرتاح الشعب اللبناني والشعب السوري منكم الى الأبد.

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

حلوا عن ...

تطالعنا بين الحين والآخر آراء ومقترحات حول اوضاع اللبنانيين في اسرائيل
. ،تارة يدور الكلام حول اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي وخاصة الشباب منهم ،وابتعادهم عن جذورهم اللبنانية الأصيلة حتى ان البعض راح يصورهم بانهم قد نسوا التقاليد والعادات ونسوا اهلهم وبلدهم ، وتارة اخرى نسمع اصواتا من هنا وهناك تطالبهم بالعودة الى الوطن حالا وان الوطن فاتح ذراعيه بابتسامة عريضة وصدر رحب وكل ما عليهم فعله هو ارسال العائلات الى البيوت بعد التحقيق معهم والرجال الى السجن ليصار الى التنكيل بهم .
نعم ان ناقوس العودة يدق بين الحين والآخر حسب الحاجة اليه اما من باب تسجيل المواقف واما من باب المصالح الانتخابية والسياسية وتثبيت الزعامة وفي كل الحالات لا ناقة لنا ولا جمل في كل ما يطرح وانه فقط للاستهلاك المحلي .
اجل صديقي القارئ
في الماضي القريب وبعد الانسحاب دأب البعض على دعوة اللبنانيين للعودة من خلال الاتصال المباشر بهم بواسطة الهاتف او الفاكس لشرح طريقة العودة مقابل دفع المال لأصحاب النفوذ من لبنانيين وسوريين ، وكانت التسعيرة ثابتة تتغير بتغير رتبة صاحب العلاقة ومقدار المال لديه .كان كل من يقرر العودة يعرف ما عليه ويعرف مسبقا على ما سيحصل ، حتى ان الإسرائيليين اصبحوا ملمّين بهذا الموضوع ويتصرفون حسب الطلب المرفق من لبنان وكم من لبنانيين محامين واصحاب نفوذ تحدثوا مباشرة مع اسرائيليين دون معرفة ذلك للتفاوض على التسعيرة في بعض الحالات وكان العائد يزود بكمية من المال تكفيه للرشوة وللسجن . انها تجارة ولبنان بلد الاقتصاد الحر والمبادرة الفردية والسوق الحرة والسوداء والزرقاء، وان اللبنانيين على اختلاف ميولهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية ،  تجمعهم التجارة ويجمعهم الربح وما بالك اذا كان الربح وافرا وبدون رأس مال وتعب؟ فقط بضعة آلاف للقاضي واخرى للمحامي والباقي للضباط حماة الوطن وحماة المسار والمصير.
عاد من صدّق لعبة التجارة هذه ، منهم من عبر بسلام ودفع ما عليه وعاد الى بيته في شبه اقامة جبرية ومستعد دائما وتحت الطلب للمثول امام الأجهزة الأمنية فور اطلاق رصاصة في غواتيمالا او عقب هجوم لطالبان او القاعدة ومنهم من كان الطلب عليه اكثر ووجد نفسه مضطرا لدفع مبالغ اضافية نظرا لحساسية وضعه او نظرا لغلاء المعيشة او ارتفاع اسعار السيارات او الشقق وكانت الجريمة تقاس بمقدار المال لديه . يا للعار ويا للخجل ، ويا للعنة التاريخ ولعنة الآلهة اذا وُجدت او الأصنام اذا أعيدت للخدمة الإلاهية  لأن الكفر في لبنان اصبح بمستوى لا يحده تأويل ولا تنزيل .
تحمّل اللبنانيون هذه السخافات لأجل وطنهم وحبهم لأرضهم ولعائلاتهم واهلهم الذين دافعوا عنهم لأكثر من ربع قرن .ورغم كل ما قدمته الحكومة الإسرائيلية فقد بقي اللبنانيون تواقون للعودة الى احضان الوطن الأم . سنوات مرت واخرى تمر والتغيرات تطال الوطن من اقصى شماله الى اقصى جنوبه ورحالة ومغادرون من غربه وشرقه ، والمناخات تغيرت في كل مدينة وقرية وفي كل شارع وبيت وتطلع اللبنانيون في اسرائيل الى هذه التغيرات علها تطالهم بشيء يكسر الروتين القاتل، وكان الجميع يعد ويجزم بان الأمور سوف تُحل قريبا وان عودة اللبنانيين الآخرين من بقاع الدنيا ستتبعها حتما عودة للبنانيين الأقرب الى الوطن ولكن ويا للآسف ،،تمخض الجبل وولد فأرا ،،
جاءت انتخابات برلمانية ورئاسية وتوالت حكومات والمعنيون بالأمر لا يزالون عند خطابهم السياسي الوحيد :العودة ، ثم العودة دون اية آلية تضمن هذه العودة وتضمن عدم العودة الى آلية التجارة الحرة والسوق السوداء ، وفي كل مرة ينهالون على اللبنانيين بالعبارات الرنانة والخطب العاطفية حول الوطن والمواطن وغالبيتهم من عاش عقودا في الخارج ويعود اليوم ليشرع عودة من امّن له وطنه وحمى ارضه واهله اثناء غيابه وليعده بمحاكمة عادلة .
محاكمة عادلة ؟ وبئس القضاء والعدل والقانون ، محاكمة على ماذا ؟ على الحرب ؟ ومن في لبنان لم يشترك بالحرب ؟ على التعامل مع اسرائيل ؟ ومن في لبنان لم يتعامل مع إسرائيل ؟من في لبنان لم يتعامل مع الخارج ؟ خطيئتنا رذيلة وخطيئتكم فضيلة ،فيا اصحاب الفضيلة ليس هناك من تعامل نظيف وآخر وسخ ، ولا محاكمة لهذا وبراءة لذاك ،فكل ولاء للخارج هو تعامل فلا مكان لولاء مسموح وولاء ممنوع ، واذا سلمنا جدلا بالخيانة فهناك خيانات لا تعد ولا تحصى وما اكثرها من خيانات داخلية وخارجية سيّبت الوطن ومزقته واصبحت بالتالي روايات بطولية وعناوين وطنية ، فهل نحن فقط اهل الجنوب من كسر الجرة ؟ وهل حسب رايكم "وقفت علينا ؟"
واذا تطرقنا الى موضوع المحاكمة التي ما زلتم تدقون اسفينها وكأنها مسمار جحا نسأل معاليكم عن اي محاكمة تتحدثون ؟ عن العمالة ؟ ام عن الخيانة ؟ ام عن الولاء ؟ . تعالوا نستعرض معا يا نافذي البصيرة واليد القصيرة كل واحدة ونضع الأوراق المسموح بها حاليا على الطاولة؛
من جهة العمالة ,فانتم تعلمون جيدا ان جيش لبنان الجنوبي ( ومن قبله جيش لبنان الحر ومن قبله الميليشيات الحدودية ومن قبله بقايا الجيش اللبناني المنحل ) لم يكن ابدا عميلا لإسرائيل بل كان حليفا لدولة وضعها القدر على حدودنا الجنوبية كما وضع سوريا على حدودنا الشمالية والشرقية، وان تعاوننا مع دولة اسرائيل كان لمصلحتنا قبل مصلحتها بعد بيعنا الى منظمة التحرير الفلسطينية بموجب اتفاق القاهرة وبعد انهيار دولتنا العزيزة . نعم كنا حلفاء لتلك الدولة لمصلحتنا اولا ولمصلحة جنوبنا وبالتالي دولتنا بعد ان قُسّم الوطن الى مهم واهم وجئنا في القسم اللا مهم . حملنا السلاح علنا وجهارا واسسنا جيشا تحت نفس العلم اللبناني وبذات القسم العسكري ولم نكن ابدا عملاء ، والحقيقة ان العمالة الحقيقية هي للذين استمروا وتابعوا مع اسرائيل بعد العام 2000 ، وهؤلاء هم العملاء الحقيقيون والخطرون على الوطن وهم من يجب محاكمتهم .
واذا ما تطرقنا الى الخيانة ، فالخيانة لها شروطها وتوصيفها وحقائقها ولا لبس في ذلك ابدا . هي الاستعانة بالآخرين لضرب الدولة والمؤسسات والمرافق والرموز، فاين نحن من الخيانة :
هل نحن من وقع اتفاق القاهرة عام 1969 ؟ وهل حوكم رموز الدولة ؟
هل نحن من خاض الحرب الأهلية الطائفية البغيضة، وذبح على الهوية ؟ وهل حوكم المرتكبون ؟
هل ضرب الجيش الجنوبي الجيش اللبناني كما فعلتم انتم كلكم دون استثناء؟
الم تضرب حركة امل الجيش اللبناني في بيروت الغربية ؟ هل حوكمت ؟
الم يضرب الحزب الاشتراكي الجيش اللبناني في الجبل ؟ هل حوكم؟
الم يضرب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الجيش بعضه ببعض ؟ هل حوكم احد ؟
الم يضرب الفلسطينيون والأحزاب اليسارية منذ السبعينات من قومي وشيوعي وبعثي ، الم يضربوا كلهم الجيش اللبناني بمساعدة سوريا ايام جيش لبنان العربي (الملازم اول احمد الخطيب والرائد معماري والرائد بوتاري ؟ هل من احد حوكم ؟
الم ينهي حزب الله الجيش اللبناني بالسيطرة عليه وتجييره لصالحه ايام قائده العماد اميل لحود ،واخيرا وليس آخرا قتل الطيار سامر حنا  واحداث 7 ايار؟ هل من احد حوكم ؟
ونحن نسأل مجددا : هل ضرب الجيش الجنوبي الجيش اللبناني في جزين وجبل صافي او في اية بقعة لبنانية ؟ من كان يحميه ويدعمه لوجستيا وماليا ؟ اذا من ضرب الدولة ومن ضرب المؤسسات وسيطر على المرافق ومن هو الخائن ؟من تتوجب محاكمته لينتصب ميزان الحق ؟
واذا تكلمنا عن الولاء ، فنحن لم نكن ابدا موالين لإسرائيل بل كنا موالين لخط السلام والعيش بكرامة دون تهجير وتدمير ومد اليد واستجداء الغير ، هل ولاؤنا لأرضنا عار ويجب ان نحاكم عليه ؟ من زعزع الاستقرار في لبنان اكثر تعاوننا مع اسرائيل ام تحالفكم مع سوريا وايران ؟هل ولاؤنا للحرية والديمقراطية والسلام خيانة للوطن ،وولاؤكم صيانة له ؟ هل خرجنا في مظاهرات تأييد لبيغن وشامير ورابين وباراك ؟
حضرات المسؤولين الكرام
اذا كنتم مع المحاكمة فلنفتح كل الملفات ولندرج كل الأسماء ، كل الأسماء ونقول بكل صراحة والم باننا لا نثق بالقضاء اللبناني (ومن بيجرب المجرب ، عقله مخرب ) ،نعم اننا لا نثق بقضاء لم يستطع محاكمة قتلة "القضاة الأربعة " ، ولا نثق بقضاء لم يستطع محاكمة قتلة الطيار سامر حنا ، والرائد وسام عيد ، واللواء فرانسوا الحاج ، هل نثق بقضاء حكم على سائق صهريج بالجيش الجنوبي بثلاث سنوات سجن وحكم على العميد فايز كرم بسنتين ،هل نثق بقضاء اودع اربعة ضباط في السجن اربعة سنوات من خلال شهادة زور ؟، وقبل ان تستدرجونا الى المحاكمة لماذا لا تنهوا ملفات من هم في سجن رومية والسجون الأخرى من جميع الفئات دون استثناء . ان ابقاءهم تحت الطلب لصفقة سياسية قادمة  لهو امر مريب .
من منكم بدون خطيئة فليرجمنا بحجر، فلا تناموا على حرير اذا نظفتم دوائركم من الملفات الخاصة بكم فلا تزال محفوظة سليمة في مكان ما بالأسماء والصور والأفلام فلا يجوز بعد اليوم ان نستمر بدفع الأثمان ونسكت ونشحذ منكم وطنا ومواطنة ، انتم يا من رهن الوطن وباع المواطنة .
انه من المضحك المبكي ان يطل علينا بين الفينة والأخرى احد نواب الأمة الأعزاء الكرام الأفاضل الغيورين على مصلحتنا ومصلحة الوطن والدولة ويطالبنا ويطالب كل من تطاله كلماته وعباراته بالعمل على انهاء ملف اللبنانيين في اسرائيل وانتم تعرفون جيدا يا اصحاب السعادة ان ملف هؤلاء هو سياسي بامتياز حسب العرض والطلب حسب البائع والشاري وحسب المصلحة الحزبية والانتخابية .
ايضا من المضحك المبكي ان نتهم بقتل اعداءنا في ساحة القتال ، والبدعة تقول ان نُحاكم لأننا قتلنا فلان مثلا في معركة او اشتباك ، وهل كنا فريق كرة قدم او جمعية كشافة ؟ وهل كنا في حرب او في مخيم صيفي ؟ وهل كان علينا ملاقاتهم بالزهور او برفع الأيدي ؟ الم يسقط عندنا شهداء ؟ من قتل خمسمائة وسبعون جنديا وضابطا من الجيش الجنوبي ؟ من قتل مئات المدنيين في القرى الحدودية ؟ الا تتوجب محاكمتهم ايضا اسوة بالبدعة التي اخترعتموها ؟
كفاكم سخرية وكفاكم استهتارا بمشاعر الناس ، كفاكم هروبا الى الامام والتخفي بخيال سبابة يد مبتورة . ان اللبنانيين في اسرائيل وبكل محبة وبكل احترام غير مستعدين لسماع مثل هذه التفاهات وهم ليسوا على عجلة من امرهم للوقوع في فخ الثقة والأمان  وبطاقة "مواطن قيد البحث والتحري " من جديد، فإما العفو الرئاسي الكامل والمصدق في المجلس النيابي دون اية شروط او تحفظات او استثناءات او قيود او ملحقات ، واما المحاكمة العادلة امام محاكم دولية ، ولتقدموا ما عندكم من وثائق تديننهم وليقدموا ما عندهم من وثائق تدينكم وتبريء ساحتهم . فان خرجوا مذنبين فلن يقبلوا العودة الى لبنان الا وحبل المشنقة بأيديهم ، وان خرجوا بريئين فلن يقبلوا العودة الا بشروطهم .
لقد صدق من قال: من عاملك كنفسه ما ظلمك. نحن نقبل بالمعاملة التي عوملتم بها من قبْلنا ، ونقبل بما حل بسائر افرقاء الحرب السابقين ونقبل بالثمن الذي دُفع من قبل كل الفرقاء فلماذا التمييز وهل القانون مفصل حسب قياس من ترغبون ؟بالله عليكم يا حكام بني وطني كفاكم استخفافا بعقل وكرامة واحساس من يسمعكم فقد سئمنا منكم ومن قوانينكم ومشاريعكم ، وبالأذن منكم  "حلو عن ...".

الجمعة، 4 نوفمبر 2011

دمعة راجح

  صامتة وهادئة تتهادى بين احراج الصنوبر والسنديان ، تودع الغروب وتمسك بآخر ذرة دفء من الشمس لتدفىء بيوتها المتناثرة بين حقول التوت والكرمة ، تعالت الأهازيج والصيحات بقدوم راجح الى تلك القرية الجنوبية وابصاره النور في عائلة متوسطة الحال وميسورة ولكنها لبنانية اصيلة بجذورها اصالة الزيتون والملّول ، اصالة حرمون وعمامته البيضاء .ولد راجح وولد اخاه التوأم في ذلك اليوم "اتفاق القاهرة" 1969 ولكنهما من امّين مختلفتين ، راجح من ام لبنانية "والاتفاق" من ام عربية .
فرح اهل القرية بمولودهم الجديد وفرح العرب بمولودهم المخلص من الحرج والخجل .كبر الأثنان معا كل على حساب الآخر ، تارة يقوى راجح وتارة اخرى يقوى "الاتفاق" وتتصادم الأفكار والمواقف وتتشابك الأيدي في بعض مواقف ، راجح مصمم على الثبات في ارضه ومدرسته في بيته وحقله ، واتفاق القاهرة مصمم على اقتلاعه من قلعته واستباحة ارضه وارزاقه واعراضه وكرامته .كبر راجح وكبرت معه المصيبة وارخت الكوارث المتلاحقة بذيولها عليه وعلى بلدته وبالتالي على كل المنطقة . بدأ يستغيث ويطلب النجدة من امه الكبرى الساهرة على مصيره ومصلحته ، استنجد بدولته ولكنها كانت في طريق حل شعرها وقطع آخر شعرة مع راجح .هكذا يوم بعد يوم وساعة بعد ساعة وجد راجح نفسه وحيدا مستفردا مشردا تائها بين غرف منزله المتواضع متنقلا بين نوافذه المحطمة علّه يأنس لمشاهدة قريب او صديق او فاعل خير .
بكى راجح ،،وذرف الدموع ثم بكى وبكى الى ان جفت المآقي وشققت الخدود ، بكاء من خيبة الأمل ، بكاء من غدر الشقيق قبل الصديق ، بكاء التفرقة والتصنيف ، وانتفض راجح وقال يكفي .. يكفي .. كفانا ذلا وكفانا هوانا.. كفانا خمولا وعتبا، كفانا نحيبا على الأطلال والأمجاد... ومشى ..
التقى راجح براجح آخر من بلدة اخرى ، وآخر .. وآخر وهكذا رجحت كفة راجح الكبير وبدأ الاتفاق يخاف على حروفه وبنوده ، وبدأت اوراقه تتساقط كأسماء صانعيه ومربيه .صمد راجح بعد هجر امه ، بعد ان تركته وحيدا لمصيره محتارا بين الخيارات والقرارات بين السيء والأسوأ ، بين القضاء والقدر .
اصبح راجح القضية ، وكبرت معه القضية وباتت محور الحديث واحداث الوطن كله وراجح لاعب مهم في هذه القضية ، طالبته حناجر من بين انقاض الدولة ورجته كل الرجاء ان يبقى : اصمد يا راجح وتابع طريقك مهما كانت الصعاب فانا قادمة اليك لا محالة  وسنعود وسنبقى معا مهما طال الزمن ... وتشجع راجح وتابع قتاله وتضحياته غير عابئ بالصعاب والمشقات .
كانت الدولة تأمره وتنهيه ، توجهه وتحذره وكان الأبن المطيع دائما . امرته بجمع كل راجح يستطيع ، وكل من يهوى لبنان والأرز ، وامرته بالدفاع عن الجنوب وعن ما تبقى من كرامة وعزة الجنوب امرته بالدفاع بموجب فرمان وزارة الدفاع وطالبته بإسقاط آخر ورقة بيد "الاتفاق" واخبرته بان اعدامه اصبح ضروريا في عرينه ومملكته قبل اعدامه في مسرح البرلمان ، وفعل راجح مع الأصدقاء والحلفاء وطرد "الاتفاق" من دويلته الى غير رجعة . تنفست الدولة الصعداء وامرت مأمور النفوس بمحو اسم "الاتفاق" من السجل وانتهى ومات توأم راجح المشؤوم والغادر وسجلت الدولة انتصارا من عرق جبين ودم شريان راجح واخوته .
تنفس راجح ايضا الصعداء ومعه جمهور كبير آمن بالخط السليم الذي اختاره ، خط السلام وحسن الجوار ، الاعتدال والاحترام المتبادل ، خط البناء والازدهار. خط رسمناه لأنفسنا بأنفسنا واذا ما قبلت به الأم الحنون لها الحق في تغيره كما تشاء وابداله بخط افضل لنا ولها . هكذا فكر راجح وصدق وطلب من الجميع ان يصدقوا وكيف لا والدولة هي ام الجميع واخت الجميع ولكنها كانت في تصرف آخر وفكر آخر تلعن ام الجميع على اخت الجميع خوفا وارضاء لشقيقة الجميع . نسيت راجح ونسيت عذابه والمه ، تنكرت له ولتضحياته ، انكرت صلتها به ورفعت عنه الغطاء ليبرد وليسقط حزينا مريضا ، ولم تكتف بذلك بل صبت جام غضبها عليه ، جرته الى غياهب السجن ، تركته جائعا وعطشا ، ولكنه لم يذل بل هي كانت الذليلة لأنها كانت تعلم بانها الظالمة وانها البادئة وان ما اقترفت يداها لا يغتفر ولا ينسى بسجن او بقتل او بنفي ، وانها كانت تعلم ان ارادة راجح اقوى من ارادتها المرتهنة والمجيرة والمأجورة .
التقيت براجح والبسمة تعلو محياه وقال لي ضاحكا :مسكينة هذه الدولة فهي لا تعي ماذا تفعل ولا تدرك انها في لعبة لا تنتهي الا بانتهاء هذا الوطن ، مسكين "راجح هذه الدولة" كيف ينام وكيف يشرب ويأكل وكيف ينظر الى اولاده بعد ان حرمنا من اولادنا ، وكيف يتأقلم مع ضميره ، مسكين "راجح هذه الدولة" اني اشفق عليه لأنه سقط من معادلة المواطن الصالح والمثل القدوة والعنوان الصحيح .مسكين "راجح الدولة " كم هو غبي واحمق اعدم "راجح الحرية" وثأر لأم "الاتفاق" ، وكم من راجح سيعدمون ليرضوا أمّ اتفاق آخر ، واخت اتفاق آخر.. أسيبقى في لبنان من راجح ليقدم على مذبح الاتفاقات ؟
اني عائد الى قريتي الى بيتي وحقلي ، الى وحدتي وصلاتي انتظر ولادة راجح آخر علّه يحقق ما فشلت في تحقيقه .